التوحد واللغة
الإنسان هو الوحيد من المخلوقات الذي حباه الله بهذه القدرة المميزة ، واللغة والكلام أداة تعبير واتصال بالآخرين، أداة تعبر عن الذكاء والسلوك ، وهذه القدرات اللغوية مرتبطة مع نمو الطفل العقلي ، وتحتاج إلى صقل وتدريب لترفع من مستواها، وهي وسيلة من وسائل النمو العقلي والمعرفي والانفعالي، واللغة نظام من الرموز تمثل المعاني المختلفة والتي تسير وفق قواعد معينة لكل مجتمع. ما هي مفاهيم اللغة ؟ 1. اللغة الإستقبالية: وهي اللغة غير اللفظية Receptive language 2. اللغة التعبيرية: وهي اللغة التعبيرية Expressive language الكلام : وهو القدرة على تشكيل وتنظيم الأصوات النطق : وهو الحركات التي تقوم بها الحبال الصوتية وجهاز النطق أثناء إصدار الأصوات كيف تظهر المقدرة اللغوية ؟ المقدرة اللغوية كامنة في الإنسان ، ولكي يكتمل ظهورها فإنها تحتاج إلى أعضاء سليمة وتدريب سليم، فالأعضاء هي الأذنين وأعصاب السمع والدماغ واللسان، فالطفل الذي لا يسمع لا يتكلم، وكذلك المصاب في أعصابه أو دماغه ( المتخلف فكريا )، وعندما نقول أنها كامنة لنؤكد أهمية التدريب والتعليم وأهمية احتكاك الطفل مع المجتمع ، فالطفل المولود في الغابة ( كما في الحكايات ) تظهر عليه لغة من دربه وعلمه، عبارة عن أصوات غير معروفة أو مفهومة، والطفل التوحدي منعزل عن مجتمعه لذلك تكون لديه صعوبات لغوية. كيف ننمي القدرات اللغوية ؟ في الأسابيع الأولى بعد الولادة لا يستطيع الطفل السمع أو قد يسمع الأصوات العالية فقط ، ففي هذه المرحلة يبدأ بالتعبير عن احتياجاته بالصراخ والبكاء ، ومع نهاية الشهر الثالث من العمر يبدأ بإخراج أصوات مميزة من الحنجرة ، ثم يتطور الأمر فيبدأ بالتعبير عن شعوره بأصوات مميزة تدل على الرضي (النغنغة ) وأخرى تدل على الألم ، وابتداء من الشهر السابع تبدأ الكلمات الواضحة والمميزة في الظهور مثل ( بابا ، ماما )، وتزداد في الشهر التاسع لتكون هذه الكلمات مصحوبة بالإشارة ( تعالي )، وفي هذه المرحلة تبدأ أهمية التعليم والتدريب، فمع الحب والحنان، وقيام الوالدين بإعطاء طفلهم الوقت اللازم والحديث معه، وتكرار الكلمات البسيطة وترسيخها في ذهنه يزداد البناء ، وتتطور المهارات والقدرات اللغوية. ومن الشهر التاسع والعاشر يبدأ الطفل في معرفة الكلمات التي يسمعها، وقد لا يستطيع ترديدها، يستجيب للمتكلم أو يلتفت له عند سماع صوته، ويتطور الأمر في السنة الثانية من العمر ليزيد محصول الكلمات الواضحة والمفهومة، ويستطيع بالربط بينهما أن يعبر عن نفسه لغوياً ويطلب من أمه الأشياء، ويعبر عن نفسه بالكلام والحركة معاً. ما هي مراحل اللغة ؟ - مرحلة البكاء : من الولادة حتى تسعة أشهر ، وفيها يعبر الطفل عن حاجاته وانفعالاته بالبكاء - مرحلة المناغاة : من أربعة إلى تسعة أشهر ، وفيها يصدر الطفل أصواتاً أو مقاطع مكررة - مرحلة التقليد : Imitation وتبدأ مع نهاية السنة الأولى حتى الرابعة من العمر ، وفيها يقلد الطفل الأصوات أو الكلمات تقليداً خاطئاً ، يبدل الأحرف أو يحذفها ، قد يكون السبب في حدوثها ضعف الإدراك السمعي وقلة التدريب أو عيوب في جهاز النطق - مرحلة المعاني : وتبدأ من نهاية السنة الأولى حتى الخامسة من العمر ، وفيها يربط الطفل بين الرموز اللفظية ومعناها صعوبات التعلم Specific Learning Disability هي أحد الإعاقات التي يصعب إكتشافها ، لذلك سميت بالإعاقة الخفية Hidden handicapped ، وتصيب 10% من الأطفال بشكل أو بآخر ، وبدرجات متفاوتة ، وتحدث لأطفال ذوي الذكاء المتوسط أو فوق المتوسط ، بدون وجود أسباب عقلية أو حسية ( السمع ، البصر ) ما هي أسباب صعوبات التعلم ؟ الأسباب قد تكون غير معروفة ، وقد يكون هناك أكثر من مؤثر في نفس الوقت ، ومن أهم الأسباب : نقص السمع ، نقص النظر ، التخلف الفكري ، عدم الانتظام الدراسي ، نقص وسوء التعليم ، اضطرابات النطق ، التوحد ، تكرر الأمراض ، التهاب سحايا المخ ، الظروف الاجتماعية والبيئية والانفعالية . صعوبة اللغة والمفردات Dyslexia هي صعوبة في تعلم القراءة حيث يكون مستواه أقل من الطبيعي ، وقد يكون لدى الطفل صعوبات أخرى خصوصا التهجي والكتابة والنطق الواضح بدون وجود أي أعراض جسمية وبمستوى ذكاء عادي ، وكانت في السابق تسمى عمى الحروف والكلمات. ضعف التطور اللغوي : الرضع لا يستطيعون الوغوغة ، أو أنهم يبدؤون بها في سنتهم الأولى ثم يتوقفون ، وعندما تظهر لغة الطفل يكون شكل هذه اللغة غير طبيعي وبها الكثير من العيوب كالترددية في الحديث ( وهي ترديد الكلمات والجمل بطريقة غير ذات معنى ) وقد تكون الكلمات والجمل مفيدة كترديد إعلانات التلفزيون ، ( في السابق كان الاعتقاد أن الترديد المرضي بدون فائدة أو عمل ، ولكن الدراسات أثبتت أنها مرحلة بين التواصل اللفظي وغير اللفظي ويمكن استخدامها في تنشيط الفعاليات ) ، وبعض الأطفال يكون لديهم عكس الضمائر( أنت بدلاً من أنا ) ونسخ ما يقوله الآخرون ( كالببغاء ) . قد يكون هناك اضطراب في إخراج الصوت واللغة ، فبعض الأطفال يتحدثون بنبرة بطيئة ثابتة بدون تغير حدة الصوت أو إظهار أي انفعالات ، وقد يكون هناك مشاكل في المحادثة والتي غالباً ما تتحسن مع النمو، وآخرون قد يكون لديهم الحديث المتقطع Staccato speech . طفل التوحد والقدرات اللغوية طفل التوحد قد يكون أبتدأ في اكتساب مهارات لغوية ، ومع تدهور الحالة يفقد ما أكتسبه ، وبالرغم من عدم وجود أي مشاكل في السمع إلاّ أن عدم تواصله مع مجتمعه يفقده الكثير ، وقد تظهر عليه بعض الأعراض اللغوية، ومن هنا تبرز أهمية المتابعة والعلاج في وقت مبكر ، فقياس السمع دورياً ، وعلاج التهاب الأذن الوسطى مهمان، ثم يأتي دور البناء وهو دور الأسرة ، فالبناء يكون بوضعه في المجتمع وعدم عزله عنه لأنه المدرسة الكبرى. ما هي المشاكل اللغوية ؟ مشاكل اللغة والكلام كثيرة في أطفال التوحد ، ويعتقد الكثير من المختصين أنها من أكثر وأهم المشاكل ، وهناك 50 % من المتوحدين لا يستطيعون التعبير اللغوي المفهوم ، وعندما يستطيعون الكلام تكون لديهم بعض المشاكل في التواصل اللغوي، وهذه المشاكل العامة هي التي تحدد تطور الطفل التوحدي وتحسنه، ونوجز هنا أمثلة عليها : - قد لا ينطق أبداً - تأخر النطق - فقد المكتسبات اللغوية - تكرار الكلام والترديد لما يقوله الآخرون كالببغاء - سوء التعبير الحركي - كلمات وجمل بدون معنى - عكس الضمائر ( أنا بدلاً من أنت ) - عدم القدرة على تسمية الأشياء - عدم القدرة على التواصل اللغوي مع الآخرين - عدم نمو لغة مفهومة حتى لو استطاع النطق - إعادة الكلمة أو الجملة عدة مرات - الإسقاط : وهي نطق الجمل والعبارات ناقصة - عدم القدرة على تحديد الضمائر ( أنا بدلاً عن أنت ) مشاكل التواصل اللغوي ؟ التواصل اللغوي يحتاج إلى المقدرة على إرسال واستقبال رسائل لغوية مفهومة ، وفي الطفل لمتوحد يكون هناك اضطراب في التواصل اللغوي مما يؤدي إلى مشاكل عديدة ، كعدم القدرة على التعبير عن نفسه ، التواصل مع الآخرين ، عدم القدرة على التعلم والتدريب ، وعادة عند عدم مقدرة الطفل على اكتساب اللغة حتى سن السادسة من العمر فستستمر لديه عدم المقدرة على التواصل. ما هي درجة الاضطرابات اللغوية ؟ في إحدى الدراسات التي أجريت على مجموعة من الأطفال التوحديون ، كان هناك ما يقرب من نصفهم ليس لديهم مقدرات لغوية ، وكان هناك نسبة قادرين على الكلام بجمل وكلمات غير مفهومة، أو أن تكون غير ذات تعبير كترديد الإعلانات التجارية ، ولكن البعض كذلك قادرين على التحدث بطلاقة. ما هو ضعف فهم اللغة ؟ الإدراك اللغوي لدى هؤلاء الأطفال فيه اضطراب بدرجات مختلفة، فإذا كان لديه تخلف فكري فعادة ما يكون لديه كمية ضئيلة من اللغة المفهومة، والآخرون الذين لديهم اضطراب أقل قد يتابعون التعليمات المصحوبة بالإشارة ، أمّا من كانت إصابتهم طفيفة فقد يكون لديهم صعوبة في الاختصارات واللغة الدقيقة ، كما أنهم لا يستطيعون فهم تعبيرات المزاح والسخرية. ما هو الصمت الاختياري؟ هي حالة نادرة جداً ، حيث يكون الطفل التوحدي كالأصم الأبكم ، فهو لا يعير الآخرين والأصوات أي أنتباه ،ولا ينطق بأي كلمة في أي وقت ، قياس السمع لديه طبيعي ، ولكنه لا يرغب في التواصل مع الآخرين. ما الفرق بين التوحد والحبسة ؟ الحبسة هي فقد المقدرة على الكلام نتيجة أسباب متعددة ، أهمها إصابة الدماغ بالأذى ، حيث يكون هناك عدم المقدرة على إرسال أو استقبال كلمات أو جمل ذات معنى ، مما يؤدي إلى مشاكل اجتماعية ، ولكن هؤلاء الأطفال يكون لديهم الرغبة في التواصل مع الآخرين ، حيث يكون هناك تواصل غير لغوي ( بالإشارة مثلاً )، كما أنهم يحبون اللعب مع أقرانهم ، وعند قيامهم باللعب فأنهم يستخدمون مخيلتهم، كما يقومون باللعب بأصوله وقوانينه. أما الطفل المتوحد ، فلديه عدم المقدرة اللغوية ، كما عدم الرغبة في التواصل أو اللعب مع أفرانه.
Comments