علاج اللجلجة
علاج اللجلجة أثناء عملية القياس يقوم الأخصائي بوضع الخطة العامة للعلاج ، وخلال ذلك من الممكن أن تثار تساؤلات تتعلق بتقدم خطة العلاج والآثار المترتبة عليها أثناء التقييم . وعادة ما يكون والدي الطفل مهتمين ببعض الأمور مثل : o ما هي فرصة نجاح العلاج ؟ o ما هي مدة العلاج ؟ o كم مرة من الضروري أن يحضر فيها إلى العيادة ؟ o ما هي تكلفة العلاج ؟ وعلى الرغم أن تلك التساؤلات ذات أهمية كبيرة ؛ إلا أنه من الصعب الإجابة عنها بدقة وبشكل مباشر . وعموماً فإن كل شخص يتقدم في عملية العلاج بطريقة مختلفة عن غيره . ومع هذا فإنه من الضروري التنبؤ بنتيجة ومدة العلاج , كما أن المقاييس القاعدية التي تُجرى قبل العلاج قد تكون لها أهمية كبيرة . وهناك أمور عديدة تعد منبئا لتقدم وسرعة العلاج مثل كيف يرى الشخص قدرته على التحكم في مصيره ورغبته في مساعدة نفسه ؟ , وما مدي قدرته على مسايرة الضغوط ؟ , هذا بالإضافة إلى ضرورة تحديد سماته الكلامية . وهناك بعض البرامج الإكلينيكية لا تؤكد على قياس سلوك الكلام قبل العلاج لأنها لا تهدف إلى الانتقال بعيداً عن تلك السلوكيات كجزء من العلاج حتى أن علاجهم قد يخطط لتعليم سلوكيات جديدة تكون غير موجودة في الأساس وقت القياس (Shams,G & Florance,C. 1980) , وفي تلك الأمثلة نجد أنه يتم قياس تقدم العلاج على أنه اتجاه نحو الهدف وليس بعيد عن حالة ما قبل العلاج . وفي نظريات أخرى أثناء تركيزهم على علاج اللجلجة نجد أنها تهتم بالقياس القاعدي في مرحلة ما قبل العلاج لأنواع وشكل وتكرار ومدة اللجلجة , ويتحدد تقدم العلاج من خلال قدرة الشخص على تحسين حالته من الحالة القاعدية . فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص يتلجلج بنسبة 50% من كلمات موضوع للقراءة يتم قياس التحسن بتقديم نفس الموضوع بعد العلاج وملاحظة أن الشخص أصبح يتلجلج بنسبة 25% من الكلمات فقط وهكذا . والخلاصة هي أن العلاج عملية معقدة وبعيدة المدى وليس كل قياس يتم إجراؤه قبل العلاج , ويجب على الأخصائي أن يعيد قياس لجلجة الشخص أثناء كل جلسة , وكذلك قبل وأثناء وبعد العلاج . وفي نفس الوقت فإن المفحوص والمحيطين به في البيئة سيقومون بتقييم تقدم العلاج . وتتفاعل كل تلك المتغيرات كلما اتجه الشخص نحو علاج لجلجته . تحديد المرحلة العمرية : هناك اتجاهات متعددة نحو علاج اللجلجة وأسبابها . ولقد تغيرت بعض أفكارنا , وظل البعض الآخر ثابت بمرور الوقت , وكما هو متوقع فإن الأفكار المتبقية هي التي أثبتت بشكل عام نجاحها وفاعليتها . أما بالنسبة للأساليب التي تغيرت ولا تزال تتغير فهي الأساليب غير الناجحة أو قليلة الفاعلية . وعموماً فإن طريقة العلاج سيعتمد على عمر الذي يعاني من اللجلجة ، حيث تختلف الأساليب المتبعة مع صغار الأطفال الذين ما زالت تنمو لديهم عن المراهقين والراشدين الذين يعانون من المشكلة منذ سنوات عديدة . ولقد أوضح كل من شيمس وإليزابيث Shames, G & Elisabeth, H. ( 1982) عدد من تلك الأساليب : علاج صغار الأطفال ذوى اللجلجة : إن الأساليب العلاجية المتبعة مع الأطفال في مرحلة المهد ، ومرحلة ما قبل المدرسة الذين تنتشر بينهم اللجلجة أساليب ثابتة نسبياً ، ولها معدلات مرتفعة من النجاح . وهناك طرق عديدة للتدخلات العلاجية للجلجة المبكرة ،ومنها : ++العلاج المباشــــر :يستلزم هذا النوع من العلاجات رؤية نشطة ومنتظمة لتقبل الطفل الذي يعاني من اللجلجة للعلاج ، ويعنى هذا في بعض الأحيان التعامل بشكل مباشر مع أعراض الكلام لدى الطفل ، ولكن في أحيان أخرى كثيرة يعنى مشاهدة الطفل أثناء العمل حوله , ودون التركيز بشكل مباشر على سلوك اللجلجة . إن الافتراض النظري هو أن لجلجة الطفل عرضية حيث أنها عرض لبعض المشكلات الأساسية ذات الطبيعة النفسية أو البينشخصية . ++العلاج البيئي :هو إجراء علاجي يركز على المتغيرات التي تجرى في بيئة الطفل والتي يعتقد أنها تساهم في استمرار اللجلجة . ومن خلال الملاحظة المباشرة ومقابلة الوالدين والأسرة يحاول الأخصائي تحديد تلك العوامل وتغيير بيئة الطفل حتى تنخفض العوامل التي تؤدى إلى استمرار اللجلجة أو تزول تماماً الإرشاد النفسي للأسرة والوالدين : كما أوضحنا فإن العديد من سمات بيئة الطفل يرتبط بجوهر الأسرة وأفرادها , ومن خلال تحديد وتغيير بعض الأنماط السلوكية للأسرة يستلزم علاقة إرشاد نفسي للمجموعة ككل . وحتى يتحقق الهدف النهائي فإنه من الضروري إلقاء الضوء على احتياجات الأسرة والطفل , ويتم تصميم الإرشاد النفسي للأسرة والوالدين لمساعدتهم على فهم كيف تؤثر سلوكياتهم ومشاعرهم على سلوك اللجلجة ، وكذلك فهم وتقبل تلك الانفعالات. وفي بعض الحالات يشعر الأخصائي بأن كلام الطفل مقيد ويحيطه عدم الطلاقة الطبيعية عندما يكون هناك قلق واهتمام مستمر من الوالدين . وفي مثل هذه الحالات يكون اهتمام الوالدين هدف حقيقي للتدخل العلاجي , هذا التدخل لا يعني تزويد الوالدين فقط بالمعلومات عن عدم الطلاقة الطبيعية وإنما على الأخصائي أن يعترف بمشاعر الوالدين ويتعامل معها , وفي هذه الحالة يكون الوالدين هم المفحوصين وليس الطفل . إن التركيز في البداية يكون على الطفل ولكن الموقف الإرشادي يعيد تعريف المشكلة في ضوء الوالدين وتاريخهم وتفاعلاتهم ومشاعرهم وسلوكهم من منظور أكبر من منظور الكلام والوالدين , وتبدو المسألة في التركيز على الوالدين كأفراد . وهناك شروط مسبقة لهذا النوع من التدخل العلاجي هي : مهارات المقابلة والإرشاد ، ومعلومات عن اللجلجة ، وإرادة الطفل ، وديناميات الأسرة , وبدون تلك المهارات فإن أفضل طريقة يخدم بها الأخصائي الأسرة هي إحــالة تلك الأسرة إلى شخص ذو تدريب ومهارات مناسبة . إن الجمع بين الإرشاد النفسي للأسرة والوالدين مع المعالجة البيئية يمثل أعلى معدل من النجاح العلاجي لمشكلة اللجلجة , وقد يرجع سبب هذا النجاح إلى قصر تاريخ الطفل من مشكلة اللجلجة وبداية نموها وهي لا تزال في أطوارها الأولى . العلاج بالتفاعل اللفظي بين الطفل والوالدين : يرتبط هذا العلاج بأساليب علاج خفض الحساسية والافتراض الذي يبرزه هذا النوع من العلاج هو أن اللجلجة في مرحلة الطفولة تنمو في محيط اجتماعي من خلال التفاعل اللفظي السلبي مع الوالدين ، وإهمال الوالدين لدعم الطفل واستمرار لجلجته . وبعد ملاحظة الأخصائي للتفاعلات اللفظية بين الطفل والوالدين يجب أن يحدد بدقة أسباب لجلجة الطفل ، ويوجه الوالدين للأساليب العلاجية الصحيحة التي يمكن من خلالها خفض لجلجة الطفل , وأن يفعل عكس ما يلاحظه الوالدين بعد عدم الطلاقة . وعندما تنخفض اللجلجة لدى الطفل إلى 1% أو أقل يتم تقديم الوالدين للعلاج لتعلم مزيد من الأشكال المنتجة للتفاعل اللفظي الصحيح مع الطفل وتطبيقها في المنزل . العلاج النفسي : من الممكن إحالة الأطفال ذوى المشكلات النفسية والانفعالية التي تؤثر على اللجلجة إلى العلاج باللعب أو العلاج النفسي , تلك العلاجات تؤكد على أن اللجلجة عرض لمشكلة نفسية دينامية متأصلة وعميقة . وهذا النوع من العلاجات لا يهتم إلا قليلاً باللجلجة في حد ذاتها , وإنما يركز على المسايرة النفسية للطفل والحيل الدفاعية واضطرابات الشخصية والقلق , وبعض المشاعر السلبية الأخرى والعلاقات البينشخصية . ويرى أنصار هذا النوع من العلاج أنه من الممكن إزالة المشكلات النفسية وبالتالي التخلص من أعراض اللجلجة من خلال المنظور النظري والأساليب الكلينيكية لتلك العلاجات , ومما لاشك فيه أنه من الضروري أن يقوم بهذا العلاج متخصصين مدربين على هذا النوع من العلاجات , ولقد ساعدت تلك العلاجات ذات التوجه النفسي بعض الأطفال ، ولكنها لم تثبت فاعليتها لدى القدر الأكبر منهم في خفض أو إزالة سلوك اللجلجة كمساعد لباقي أشكال علاج الكلام (Bloodstein,O. 1975) . العلاج السلوكي لتشكيل الطلاقة : منذ عدة سنوات من تأثيرات النظرية التشخيصية للجلجة تم تجنب العمل مباشرة مع كلام الذين يعانون من اللجلجة, حيث يرى الخبراء أن العمل مباشراً مع اللجلجة المبكرة للطفل من الممكن أن يزيد من وعى الطفل بمشكلة اللجلجة لديه ويزيد بداخله الشعور بالقلق والشعور بالذنب والشعور بأنه شخص مختلف عن الآخرين , وهناك نزعة منطقية نحو هذه الفكرة وخصوصاً عندما يركز العلاج المباشر على اللجلجة وتقبلها وضبطها . ولقد قدم وليمز Williams,D.(1957) علاج يركز على سهولة وطبيعة التكلم ويشجع الأطفال على أن يكون سلوكهم هادئ وسهل الأمر الذي يساعدهم على الكلام بطلاقة. كما قدم كل من ريان وفان كيرك Ryan,B & Van Kirk,B. (1974) علاج يهدف إلى زيادة طول وتعقيد ألفاظ الطفل بالتدريج. وقام أيضاً كل من شيمس وفلورانس Shames and Florance, (1986) باستخدام طريقة أخرى هي " نمط إبطاء الكلام " هي في الأساس استمرار التصويت بين الكلمات ويتشكل للعمليات الطبيعية لسلوك التحدث , تلك العلاجات جميعها تعمل على تنظيم طريقة لتعزيز التسهيل العام للبيئات الكلامية اليومية للطفل . علاج خفض الحساسية : هو شكل آخر للعمل المباشر مع الطفل ولكنه لا يركز مباشرة على كلام الطفل الذي يعاني من اللجلجة وقدمه إجلاند Egland,G. (1954) . وتتشابه الطريقة التي تكمن خلف هذا العلاج مع الطرق التي تطرحها المعالجة البيئية . إن لجلجة الطفل هي استجابة للضغوط البيئية . ومن ناحية أخرى تم التمييز بين الضغوط غير العادية والضغوط الشديدة ، والضغوط المتوقعة والمعقولة والتي توجد في المواقف الأسرية الطبيعية , واللجلجة التي يتم تشخيصها بأنها استجابة للضغوط الطبيعية من الممكن أن تنخفض من خلال زيادة تحمل الطفل لهذه الضغوط . ويعمل علاج خفض الحساسية على زيادة قدرة الطفل على تحمل لتلك الضغوط بالتدريج , ويتم هذا من خلال الأنشطة الفردية التي عادة ما تكون على شكل لعب ، وتؤدى تلك الأنشطة إلى خفض اللجلجة إلى أقل مستوى وهذا ما يعرف بالمستوى القاعدي للطلاقة . وعادة ما نتمكن بشكل كامل من إزالة اللجلجة أثناء تلك الأنشطة . وقد تتطلب جلسات خفض الحساسية إزالة التحدث كلية والتفاعل بشكل غير لفظي , وعدم طرح تساؤلات مباشرة واستخدام اللعب المتوازي الصامت ، وتجنب الموضوعات المثيرة للمشقة النفسية أثناء العلاج واستمرار مستوى منخفض من الاستثارة واستمرار بطء التفاعل وغير ذلك. وبالتدريج يقوم الأخصائي بإعادة تقديم تلك العوامل ذات الضغط النفسي إلى جلسة العلاج ويقوم بمراقبة وتوجيه سلوك الطفل ذو الاستجابة الانفعالية ومحاولة منعه لفترة قصيرة من المشاركة في الكلام غير الطلق . ومن الممكن أن يحدث هذا ثلاث أو أربع مرات في الجلسة , ويقوم الأخصائي بتقديم بعض الضغوط في الجلسة دون إبراز اللجلجة ويكون الهدف هو زيادة مدى تحمل الطفل للضغوط , وبهذه الطريقة تنخفض الحساسية لتلك الضغوط الطبيعية , وفي النهاية فمن الممكن أن يشارك أفراد الأسرة في الجلسة لمساعدة الطفل على تعميم الطلاقة في البيئة الأسرية حيث تظهر تلك الضغوط بشكل طبيعي ، ويتم بشكل تدريجي تنشئة الطفل في الضغوط الطبيعية للأسرة , ومن الممكن أن تتعلم الأسرة هذه العملية وأن تواظب عليها لخفض بعض الضغوط عندما يكون الهدف منها هو المساعدة في تغيير الطفل لا في تغيير مجري حياة الأسرة نفسها.