أسباب التوحد
في كل مرة نقرأ تعريف عن التوحد تشدنا عبارة "لم يصل العلم لتحديد أسبابه " وهذه العبارة هي لغز بحد ذاته ولكن السبب في هذه العبارة يعود إلى ان أنواع الاصابات التي تؤثر على المخ والجهاز العصبي تتحدد وتتنوع فقد تحدث الإصابة نتيجة تلوث كيميائي (مثل الرصاص والمعادن الثقيلة) أو التلوث الاشعاعي الطبيعي أوالصناعي أو نتيجة للتدخين أو ادمان المخدرات أوالكحوليات أو التعرض للمبيدات الحشرية أو نتيجة الاصابة بالأمراض التناسلية والأمراض البكتيرية أو الفيروسية كالحصبة والحصبة الألمانية والحمى الشوكية أو نتيجة التهاب الغدد الصماء (الغدة الدرقية) أو التصلب الدرني أو سرطان المخ أو الدم .
وغير ذلك من عشرات الأمراض المسببة لإصابة المخ أثناء فترة الحمل أو بعد الولادة . كل هذا بالإضافة إلى الفرضية التي ظهرت سنة 1996 ويدعمها كل من الدكتور بول شاتوك ودون سيفري وتقول هذه النظرية أن عدم إنحلال بعض الاطعمة – وعلى وجه الخصوص الغلوتين من القمح ومشتقاته وبعض الحبوب الأخرى والكازين من الحليب الحيواني ومشتقاته - يمكن ان يصيب الجهاز العصبي بإضطرابات ناتجة عن بيتونات Pepatides تحدث تأثيرات أفيونية طبيعية . اذا كل هذه افتراضات واعتقادات وسأحاول في هذه الفقرة عرض اسباب التشوهات التي قد تصيب الجنين وقد يمكن ان يكون واحد منها أو اكثر هو سبب الإصابة بإعاقة التوحد .
تشوهات الجنين داخل الرحم ؟ "حدث سعيد" تعبير شائع عن الولادة ، انتظرته الأم شهورا طويلة ، وترقبه الأب وباقي أفراد الأسرة بلهفة وترحيب .... ولكن قد يعكر صفو هذا الحدث ولادة طفل مشوه أو بتعبير آخر طفل غير طبيعي ! موقف قد يكلف الوالدين الكثير من الجهد والمال والحزن والألم والحسرة !! ولننناقش هذه المشكلة بطريقة موضوعية بعيدا عن أي تبسيط أو مراعاة للتقاليد . فما هو حجم المشكلة أولا ؟ وبتعبير آخر ما هي نسبة حدوث تشوهات للجنين داخل الرحم . بالطبع تختلف هذه النسبة حسب ما يمكن أن ندرجه تحت كلمة تشوهات . فهناك التشوهات الشديدة والتي تؤدي إلى إعاقة مصاحبة وتكون نسبتها 1 % يمكن أن ترتفع إلى 7 % اذا احصينا التشوهات البسيطة . ويمكن تقسيم أسباب التشوهات إلى مجموعتين رئيسيتين : بالإضافة إلى فرضية عضوية . -الأولى المجموعة الوراثية والتي لا دخل للبيئة المحيطة بالجنين أو الأم الحامل بها . -والمجموعة الثانية هي الأسباب التي ترجع إلى البيئة والتي كثرت بتلوث البيئة في العصر الحديث المدنية وعصر السرعة. وفي كلتا الحالتين يمكننا الوقاية من أخطاء نعتبرها بسيطة وعابرة ولكنها قد تؤدي إلى ولادة طفل غير طبيعي . أولا : الأسباب الوراثية : اعتاد الناس في مجتمعاتنا عند إقدامهم على الزواج ان يبحثوا كل ما يتعلق بأمور الزفاف فيساومون على المهر ، ويحددون نوع الهدايا والحلي ، ويتفقون على شكل الأثاث المنزلي وثياب العرس وعدد المدعوين لحفلة الزفاف والجهة التي يجب ان يتجه اليها العروسان لقضاء شهر العسل . ويتداولون في الكثير من التفاصيل ، المهم فيها والتافه ، متغافلون بذلك عن مدى صلاحية العروسين أحدهما للآخر من الناحية الصحية ، وعن امكانية انجابها أطفالا يتمتعون بقسط وافر من الصحة يكفل لهم طول البقاء . وقد جرت العادة بأن يتم الفحص الطبي للمقبلين على الزواج بصورة شكلية (إذا كان هناك فحص طبي) دون الإهتمام بما قد يتبع ذلك من خطر ظهور امراض وراثية مستعصية أو آفات وتشوهات خلقية على الأسرة والمجتمع بأضرار بالغة . وعليه كيف يتم اختيار الزوج أو الزوجة من الوجهة الطبية ؟ لابد قبل كل شئ من تحديد درجة القرابة بين الشاب والفتاة والابتعاد ما أمكن عن المصاهرة داخل الأسرة الواحدة للتقليل من إمكانية ظهور الاعراض المرضية التي قد يتناقلها أفراد الأسرة بالوراثة ، كما يجب ان نتحرى وجود الآفات الوراثية عند افراد العائلتين ، وعن ثبوت المرض الوراثي في كلتا الأسرتين أو في احداهما . ولا ينصح الأطباء الأفراد الذين يحملون نفس الصفات المرضية الوراثية بالتزاوج وإن لم تظهر عليه أعراض المرض ويجب تعيين زمرة الدم وعامل الريزوس ودراسة أشكال الكريات الحمراء وغيرها من الفحوص الضرورية ثم الأخذ بنصيحة الأطباء بعدم الزواج أو الامتناع عن انجاب الأطفال أو تحديد النسل ووضع المرأة تحت الرقابة الطبية وقت الحمل والولادة ، عند احتمال ظهور الأمراض الوراثية عند الطفل . ومع ان تطبيق مثل هذه القواعد في مجتمعاتنا صعب جدا لأن العوامل التي تتحكم بالزواج كثيرة منها اجتماعية واقتصادية ودينية وعاطفية الخ .... إلا ان على المقدمين على الزواج أن يضعوا العوامل الوراثية في مكانها إلهام بين العوامل الاخرى عند اتخاذ قرارهم .... هذا قبل الزواج ، أما بعد الزواج فيمكن اجراء اختبارات خاصة في حالات معينة لبعض الأمراض الوراثية إذا سبق وجودها في العائلة . وقسم من هذه الأمراض يمكن معالجتها باكرا لتخفيف الكثير من مظاهرها . ثانيا : المجموعة الثانية هي الأسباب التي ترجع إلى البيئة المحيطة بالحامل وبالتالي بالجنين داخل البطن ، فمعظمها مستحدث من المدنية في العصر الحديث ومنها : -الإشعاعات بأنواعها المختلفة هي خطر أكيد على المرأة الحامل ويجب عدم تعرضها للأشعة وخصوصا في الشهور الأولى من الحمل إلا للضرورة القصوى وتحت إشراف طبي دقيق . ولا ننسى أبدا تعرض المرأة الحامل للتلوث الإشعاعي الذي ينتج عن تسرب من معامل أو استعمال الأسلحة التي تحتوي على نسبة عالية من الإشعاعات . -تلوث البيئة : التجمعات السكانية في مناطق تكثر فيها مخلفات كيميائية أو مصافي البترول أو حرائق كبرى (حرائق الكويت 1991 ) . -الأدوية المختلفة خصوصا ما يحتوي منها على مادة الكورتيزون وهو ينتشر في كثير من الأدوية ابتداء من أدوية الحساسية وبعض انواع عقاقير السعال إلى ادوية علاج الروماتيزم ... وكذلك مهدئات الأعصاب ، فهي ذات خطر شديد على الجنين داخل الرحم ومازلنا نذكر عقار الثاليوميد المشهور الذي سبب كارثة منذ عدة سنوات حينما تسبب بظهور عدد كبير من التشوهات الشديدة بين المواليد وأحدث ضجة في جميع الأوساط الطبية. -تناول اقراص منع الحمل بطريق الخطأ غير مستحب اطلاقا في فترة حمل المرأة للجنين فهناك الكثير من الحالات التي كانت السبب في بعض التشوهات لدى الجنين . -إصابة الحامل بالحمى : فهذه الإصابة خطر خصوصا الحصبة الألمانية التي تسبب تشوهات في معظم الحالات خصوصا في الأشهر الأولى من الحمل . -سوء التغذية ونقص بعض العناصر الأساسية من الطعام فهذا من الأسباب اتي تؤدي إلى بعض التشوهات . - الإفراط في التدخين عند المرأة أو تناول المخدرات والكحول يمكن ان يكون سبب لظهور تشوهات . -حمل المرأة بعد سن الخامسة والثلاثين يزيد من احتمال ولادة طفل غير طبيعي. - RKV وهي عدم قدرة الجسم على التخلص من الحمض الأميني الزائد ويسبب تراكمه في تلف الجهاز العصبي ثم المخ . -الإصابة بمرض اختلال عملية التغيير الغذائي والكيميائي للخلايا . طريقة إلغاء للكشف عن أعراض التشوه في الأجنة قد دلت الدراسات الطبية والأبحاث العلمية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة ، على ان بعض الحالات الوراثية يمكن اكتشافها في وقت مبكر من الحمل . وإذا اثبت الطبيب بأن صحة الأم أو الجنين قد تتعرض لخطر ما فإنه قد يقترح عليها إجراء عملية إجهاض (حسب القوانين الصحية في البلد الذي تقطن فيه الحامل )
الأمنيو سنتيزس تعرف الطريقة الجديدة التي يستطيع فيها الطبيب الكشف عن التشوهات التي تصيب الجنين في وقت مبكر بـ"الامنيوسنتيزس" أي فحص الغرس أو "السائل الأمينيوسي" وتقوم العملية على استخراج كمية صغيرة في غرس الجنين وهو السائل النخطي الذي يغلف الجنين في رحم الأم بواسطة انبوب يجري ادخاله بدقة إلى جدار بطن الأم حتى يصل إلى الرحم ، وتتم العملية بتخدير محلي وهي لا تعرض حياة الأم او الجنين إلى الخطر ، ثم تؤخذ العينة إلى مختبر خاص حيث يجري فحصها بعناية لمعرفة ما إذا كان الجنين يحمل أي عاهة وراثية أو بيئية ويجب القيام بهذا الفحص في الفترة الواقعة بين الأسبوع الرابع عشر والثامن عشر من بدء الحمل ، وفي بعض الحالات تتطلب الدراسات المختبرية عدة اسابيع قبل ان نتوصل إلى التشخيص النهائي ، وينصح الأطباء بإنجاز هذه الفحوصات قبل الاسبوع العشرين من الحمل ، إذ أن عملية الاجهاض تصبح بعد هذه الفترة أكثر صعوبة وبإمكان "الأمينوسنتيزس " ان تكشف عن أكثر من أربعين خلل وراثي وبيئي منها التريزوميا ، أو ما يعرف بداون سيندرم وإعاقة التوحد وأمراض السكري وفقر الدم . الخ .... العلاقة بين العيوب الولادية والأعمال التي يمارسها الوالدان تشير بعض الدراسات عن وجود علاقة بين عمل الاب أو الام والولادات غير الطبيعية ولكن ينبغي ان نتذكر ان الدراسات التي تجري على هذه النواحي لا تستطيع إثبات السبب والنتيجة وأكثر ما تدل عليه هو انها توحي بوجود استنتاجات محتملة بين الآباء والعيوب الولادية وعن هذه الدراسات . -من حيث المعدل يولد للمدخنين أكبر عدد من الأطفال الناقصي الوزن عند الولادة ، واكثرهم إصابة بسرطان الدماغ . -الرجال المعرضون ، ولو لمستويات منخفضة من الإشعاعات بحكم قربهم من المفاعلات النووية ، أكثر من سواهم احتمالات ان ينجب لهم أطفالا مصابون بتشوهات . -رجال الأطفال الذين يستنشقون أنواعا كثيرة من سموم الدخان المنبعث من الحرائق أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين بآفات قلبية. - الاطفال الذين يولدون لأباء يعملون في مصانع المذيبات والهيدروكربون والأدهنه ، والروائح المعدنية السامه، تزداد نسب إصابتهم بالسرطان والعيوب الولادية . ثالثا : فرضية الإصابة العضوية : وهي الفرضية التي ظهرت سنة 1996 وتقول أنه من الممكن ان يصاب الولد بإضطرابات في الجهاز العصبي ناجمة عن بيتونات Peptides تحدث تأثيرات أفيونية طبيعية تؤثر على الجهاز العصبي وتؤمن هذه الفرضية ان هذه البيتونات تشتق وتنتج من عدم إكتمال إنحلال بعض الأطعمة وعلى وجه الخصوص الغلوتين من القمح ومشتقاته وبعض الحبوب الأخرى والكازين من الحليب ومشتقاته وسوف نتكلم عن هذا الموضوع بالتفصيل في باب طرق التدخل والعلاج فقرة الحمية الغذائية الخالية من الغلوتين والكازين .
Commentaires