التوحد - التدخل المبكر
التدخل المبكر Early Intervention ما هو التدخل المبكر ؟ التدخل المبكر هو عملية تقديم الخدمات الطبية والتربوية والعلاجية الطبيعية والوظيفية والنطقية من خلال تصميم برامج تربوية فردية بالأطفال ذوي الحاجات الخاصة الذين هم في السنوات الست الأولى من أعمارهم . ويستخدم مصطلح التدخل المبكر بديلا عن مصطلح الوقاية الذي كان شائعا في الستينات والسبعينات وكان التصور في ذلك الوقت ان التربية التعويضية هي نظام يمكن من خلاله مساعدة الأطفال الذين ينمون في بيئة غير ملائمة على النجاح في المجتمع العادي ، وكان ينظر إلى هذه المساعدة على انها تقي او تمنع تأثير المتغيرات السلبية والتدخل المبكر هو مجموعة إجراءات منظمة تهدف إلى تشجيع أقصى نمو ممكن للأطفال دون عمر السادسة ذوي الاحتياجات الخاصة ، وتدعيم الكفاية الوظيفية لأسرهم . ومن ثم الهدف النهائي للتدخل المبكر وهو تطبيق استراتيجيات وقائية لتقليل نسبة حدوث الإعاقة أو درجة شدتها .
مبررات ضرورة التدخل المبكر: يوجد العديد من المبررات التي تدعو إلى ضرورة تقديم برامج التدخل المبكر لمساعدة الأطفال ذوي الحاجات الخاصة بطريقة أقرب ما تكون إلى العادية . وهذه المبررات ليست نابعة من مصادر عاطفية تجاه هؤلاء الأطفال ، كالعطف او الشفقة أو حتى الحب ، ولكنها تعتمد على نظريات النمو الانساني التي تحدد العوامل التي تيسر او تعوق نمو الأطفال ، وعلى البحوث الميدانية في مجالات مختلفة ، مثل خصائص هؤلاء الأطفال وتأثير الحرمان المبكر من الاستثارة ، أو الفوائد المباشرة لبرامج التدخل المبكر على الطفل والأسرة والمجتمع .
ومن أهم المبررات للتدخل المبكر كما أوردها هانسون وبيترسون Hanson & Petrson 1987) هي : 1-التعلم المبكر أساس التعلم اللاحق إذ تؤكد معظم نظريات النمو على العلاقة الوثيقة بين السنوات الأولى للعمر والنمو اللاحق ، فالوقت الذي يمر بين ميلاد الطفل والتحاقه بالمدرسة له دلاله خاصة في عملية النمو الإنساني حيث تتشكل أنماط التعلم والسلوك الأساسية التي تضع الأساس بكل مجالات النمو اللاحق .
2-مفهوم الفترات الحرجة : تشير نتائج الدراسات إلى وجود فترات حرجة أو حساسة للتعلم ، وتعتبر السنوات الأولى أهم مرحلة توجد بها الفترات الحرجة ، والفترة الحرجة هي الوقت الذي يجب ان تقدم فيه مثيرات معينة أو تحدث خبرات خاصة لكي يظهر نمط معين اكثر قابلية واستجابية لخبرات التعلم وتكون المثيرات البيئية أكثر قوة في إنتاج أنماط معينة للتعلم وبالتالي يحدث التعلم بصورة أكثر سرعة وسهولة .
3-مرونة الذكاء والسمات الإنسانية الأخرى: أن الذكاء وباقي الإمكانات الإنسانية الأخرى ليست ثابتة عند الميلاد ولكنها تتشكل إلى حد كبير بالمؤثرات البيئة ومن خلال عملية التعلم. فالعوامل البيئة هي قوى فاعلة في تشكيل طبيعة كل إنسان، وهي تضم الرعاية الجسمية والتغذية، وأساليب تربية الطفل، نوعية وكمية الاستثارة الموجودة، المناخ الانفعالي في المنزل والفرض التربوية المتاحة لتعلم الطفل.
ومن أهم العوامل التي تؤثر على الطفل زيادة او نقصان على سبيل المثال هي: مستوى تعليم الوالدين، ومدى تشجيع التحصيل الدراسي توفير الخبرات التربوية داخل المنزل وخارجة، البيئة المعرفية في الأسرة.
4-تأثير الظروف المعوقة أو الخطرة على الطفل : ان الظروف المؤثرة على الطفل الصغير يمكن ان تعيق عملية النمو والتعلم إلى الدرجة التي قد يصبح فيها العجز الأصلي أكثر شدة ، أو قد تظهر لدى الطفل إعاقات ثانوية . فالعجز يمكن ان يعرقل عمليات التعلم العادية عن طريق إعاقة بعض الأساليب للتفاعل مع البيئة ومثالا على ذلك فإن ضعف التواصل والتفاعل الإجتماعي يعرقل عملية التعلم بشكل كبير عند الطفل التوحدي . 5-تأثير البيئة والخبرات الأولية على النمو :
ان نوعية بيئة الطفل ونوعية خبراته الأولية لها تأثير كبير على النمو والتعلم ، وعلى قدرة الطفل على تحقيق واستغلال كل إمكاناته وقدراته . وتتحدد نوعية البيئة والخبرات بمدى توافر الاستثارة المتنوعة والمواقف المتجددة، وهي عامل يحتل أهمية خاصة لدى الأطفال المعاقين ، لأنها تساعد في تحديد إلى أي مدى سيتحول العجز إلى إعاقة والي أي مدى سيعطل عملية النمو العادي والي أي مدى يستطيع هؤلاء الأطفال الحصول على وسائل للقيام بالأنشطة التعليمية التي تتوافر عادة لأقرانهم العاديين .
6-نتائج التدخل المبكر : تستطيع برامج التدخل المبكر ان تحدث فرقا واضحا في التطور النمائي للأطفال الصغار ، وهي تفعل ذلك بدرجة أسرع من جهود العلاج المتأخر الذي يبدأ مع التحاق الطفل بالمدرسة ، كما انها تقلل من احتمالات ظهور إعاقات ثانوية عند الطفل ، وان تزيد فرص اكتساب المهارات النمائية التي تتأخر ولا يتعلمها الطفل .
7-احتياجات أسرة الطفل المعاق : تتساوى أهمية التدخل المبكر للطفل المعاق مع أهميته لأسرته بكامل أعضائها لأن العلاقة بين سلوك الطفل وسلوك الأهل علاقة دائرية فعندما يصبح الطفل اكثر استجابية وسهل القيادة فإن دور الأهل يصبح أقل عبئاً وفي المقابل تكون الأهل أكثر مهارة وثقة في كونهم معلمين ومربين.
وكذلك لدى الأهل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة العديد من الخدمات التي يمكن لبرامج التدخل المبكر تلبيتها ومنها، وبالتالي يزداد احتمال اكتساب الطفل للمهارات النهائية والتكيفية. أ- تقديم دعم للآباء خلال الفترة التي تكون مشاعرهم والضغوط حول عجز الطفل في أقصى درجاتها. ب- مساعدة الأهل في اكتساب المهارات اللازمة للتعامل مع الاحتياجات المتوقعة لطفلهم المعاق فالأهل قد لا يستطيعون القيام بشكل مناسب بوظيفة تربية طفل معاق بسبب جهلهم للتقنيات أو لوقوعهم تحت ضغوط كبيرة نتيجة الأعباء الكثيرة التي تتطلبها.
الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للتدخل المبكر : اذا كان التدخل المبكر يمكن ان يقلل من أعداد الأطفال الذين يحتاجون إلى خدمات التربية الخاصة في المدارس أو يقلل من هذه الخدمات ، وإذا كان اتخاذ الإجراءات الوقائية يمكن ان يقلل عدد الأشخاص الذين يهتمون بهذه الفئة نسبة للكلفة العالية للمربين والمختصين في هذا المجال . فإذا كان ذلك صحيحا فإن التدخل المبكر يستطيع توفي مبالغ طائلة يمكن استخدامها لتقديم المزيد من خدمات التربية الخاصة إلى المزيد من الأشخاص في المجتمع .
Comentarios