التوحد - الغاية في تربية المصابين بالتوحد
الغاية في تربية المصابين بالتوحد
اذا جمعنا جميع آراء أصحاب المدارس الفلسفية التربوية لوجدنا ثلاثة من القواسم المشتركة وهي المراحل التي ينجزها الفرد في حياته والإنجازات المرتقب توقعها وظيفيا .
1-الاستقلالية التامة في تصريف شئون الحياة اليومية في السنوات الأولى من الحياة . 2-اجتياز المرحلة والبرامج المدرسية والنجاح فيها ببلوغ سن الرشد . 3-الولوج إلى الحياة العامة والشروع بالتفكير بالاستقلال المادي والحياة الفردية .
ولكن إذا أردنا تحديد الغاية في تربية وتعليم المصابين بالتوحد سوف نضع هذه الأولويات نصب أعيننا .
1-الاستقلالية التامة تبدأ من ممارسة النشاطات الحيوية من طعام وشراب وارتداء وخلع الملابس والمحافظة على النظافة وما إلى ذلك ، يلي ذلك الاستقلالية في تناول وتحضير الشراب والطعام وكافة أعمال التدبير المنزلي والتزام آداب المائدة وسلوكيات الإضافة والاستضافة داخل وخارج المنزل .
2-إعداد البرامج لإكساب المصابين بالتوحد الحد الأقصى الممكن التي تتيحه إمكاناتهم في المجال الأكاديمي المدرسي والتركيز على ضرورة تزويدهم بمهارات القراءة والكتابة والرياضيات ، وذلك لمساعدته وتمكينه من قراءة الأسماء والعناوين اللوحات العامة وقوائم التبضع وما إلى ذلك والرياضيات ليتسنى له التصرف بالأموال التي بحوزته أو ترجمة قيمة الأموال إلى بضائع واحتساب الأوزان والوقت بالساعات والأيام والأشهر والمسافات البعيدة والقريبة وما إلى ذلك .
3-كل هذا بالإضافة إلى مساعدتهم على ان ينمو نموا متكاملا في جميع النواحي الجسمية والعقلية والوجدانية إلى أقصى حد تمكنهم منه قدراتهم واستعداداتهم ودرجة إعاقتهم .
4-تنمية الثقة بالنفس لديهم وإدراكهم ان نجاحهم بالحياة يتوقف إلى حد ما على فهمهم لأنفسهم ، وانهم قادرون على مواكبة مسيرة الحياة .
5-رعاية صحتهم النفسية عن طريق الأنشطة والألعاب التربوية التي تساعد على الشعور بالأمن وتنمية الثقة بالنفس .
6-مساعدتهم على تحقيق الاستقلال الاقتصادي ولو نسبيا بتأهيلهم مهنيا مناسبا .
7-تمكينهم من التكيف والتوافق الانفعالي والشخصي في الأسرة والمجتمع عن طريق توطيد العلاقة بين المدرسة والأهل .
8-تنمية الوعي الصحي لديهم وقاية وعلاجا واكتسابهم العادات الصحية السليمة وقواعد الأمن والسلامة .
9-تنمية القدرة على التعامل مع الآخرين عن طريق اشتراكهم في المواقف والخبرات الاجتماعية والمناسبات المتكررة .
10-مساعدتهم على استثمار أوقات فراغهم استثمارا قويما عن طريق برنامج من النشاطات المتنوعة . تحضير الجو التربوي التعليمي
لابد من تجهيز الجو التعليمي ماديا وتقنيا وبشريا بحيث يكون بالإمكان الاستجابة لحاجات التلميذ بحدها الأقصى .
1. المؤثرات وحيوية الجو التعليمي : من المفترض ان يكون المناخ والمحيط التعليمي (قاعات التدريب والتعليم) مجهزة ومؤهلة بشكل كاف بكل ما في شأنه استثارة اهتمام الطفل ودفعه بشكل طوعي للتعرف والعبث واللعب .. ونركز هنا على نوعية تلك المواد والألعاب التربوية وليس على كميتها ، فكثرة الألعاب دون مراعاة النوعية غالبا ما تؤدي إلى الضياع والغموض حيث ينتقل التلميذ من لعبة إلى أخرى بشكل دائم دونما انتباه او تركيز ليعاود الكرة ويمر على الألعاب مجددا دون اكتساب أي مهارة جديدة وقلة الألعاب ايضا لها سيئاتها وغالبا ما تدفع التلميذ إلى الملل والضجر دون ما نتيجة. أما تزويد الصف بالموارد والتجهيزات التربوية المناسبة وبطريقة هادفة ومدروسة فمن شأنه ان يجعل عملية التربية والتعليم متعة للمربي والتلميذ معا في آن واحد، إضافة إلى تزيين قاعة الصف بما يتناسب مع البرامج المقررة في تلك الفترة الزمنية وللوصول إلى أهداف فصلية وغايات سنوية مدرجة في منهاج التلميذ لتلبية حاجاته التربوية .
2. الاشتراك الفعال في عملية التربية : ذلك من شأنه ان يجعل التلميذ معنيا ومشاركا في ممارسة النشاطات بشكل تطبيقي وعملي مشدودا إلى متابعة النشاط وعلينا التركيز ان التربية والتعليم ليست مجرد تلقين شفهي وإرشادات بل هي ابعد من ذلك وخاصة المصابين بإعاقات عقلية إن التدريب العملي والتطبيقي في نشاطات هادفة تتكرس بنتيجتها تدريجيا شخصية ذلك التلميذ وتبدأ معلم الهوية الفردية بالظهور عبر إنجازات فردية .
3. الحرص على عملية الاكتشاف : على المربي أن يجعل فترات التربية والإعداد ممارسات مرنة متحركة وفعالة وذلك ضمن البرنامج المكرر فكثيرا ما يطرأ خلال الحصة التعليمية المكررة مواضيع جديدة وبعيدة كل البعد عن ما هو مقرر تمكن المربي ان يلجأ خلالها إلى تعريف التلميذ على أشياء أو مواضيع جديدة تغذي مخزونة في المعلومات .
4.الأسس التربوية المناسبة : أ. جعل المواد التربوية ووسائل الاكتشاف قريبة وسهلة المنال وميسرة الوصول اليها ، كالأدراج والأقلام والمفاتيح واللعب والصناديق وسوى ذلك في وسائل المشاركة بالنشاطات وخاصة لمحدودي القدرة على التحرك .
ب. يتوجب إعداد المناخ التربوي التعليمي بحيث تكون عوامل التشتت محدودة فيصعب على التلاميذ التركيز ومتابعة الانتباه لاكتساب مهارات أو قدرات جديدة (وخاصة المشتتات السمعية والبصرية).
ج. التعليم بالاكتشاف : وذلك يجعل عملية التعلم في البيئة المحيطة عن طريق التجربة وذلك ليتمكن التلميذ من اللمس والإحساس بطريق الصواب والخطأ وذلك بعد تكرار النشاط المطلوب ، وعلى المدرب ان يعير انتباه أكبر للإنجاز الناجح أكثر من اهتمامه وانتباهه إلى الإنجاز الخاطئ .
د. غالبا ما يعجز التلميذ عن التفريق ما بين الحكم عليه شخصيا والحكم على عمل ما من إنجازه وكثيرا ما تصدر عن المربي ملاحظات مثل (سامي تلميذ سيئ لأنه كسر الراديو) والأجدى بالمربي التذكر بأن سلوك سامي كان سيئ وليس سامي غالبا ما يصاب أمثاله بدونية وإحباط إزاء ذلك .
هـ. غالبا ما يترك التلميذ على سجيته بالتصرف بالمواد التربوية والألعاب المختلفة دون حدود زمنية ، التزاما بمقولة الاكتشاف وتوزيع الآفاق وهذا بدوره يعد تماديا مما يوجب إلزام التلميذ بضوابط تحدد المهمة المطلوب إنجازها والمواد المستعملة لهذا الإنجاز والمدة الزمنية المسموح العمل بها، ويحدد الضوابط بشكل واضح ومبسط وببطء (يمكن استعمال ساعة منبه) .
و. مرونة البرمجة والحرص على ما يطرأ على التلميذ من عوامل تحوله دون متابعة للبرنامج المقرر، في حصة معينة مما يحتم على المربي ان يعدل البرنامج المكرر (في حال توتر التلميذ مثلا).
ز. الحماسة : الحرص على تقديم البرامج التربوية باستثارة الحماسة والتشوق وذلك باستعمال الطرق والأساليب والأدوات والمواقف التي تثير اهتمام وانجذاب التلميذ .
ح. اشراك التلميذ بوضع البرامج : يجدر اخذ رغبات وميول التلميذ في تنظيم وإعداد البرامج والنشاطات المقررة، بحيث يتمكن من الاستفادة من الحد الأقصى الممكن من تعرضه للبرامج التربوية والإعدادية.
ط. يجدر بالمربي ان ينتقل من موضوع إلى آخر أو من شاط إلى آخر بسلاسة بحيث يستبق ما يمكن ان يصيب التلميذ من ملل أو ضجر وذلك باختلاقه فترات زمنية كهمزة وصل بين حصص التربية. الأبعاد الثلاثية للعملية التربوية وتنظيم قاعة الدرس
إن عمل المهتمين في مجال التربية الخاصة وبحثهم الدائم بالإضافة إلى خبرتهم الميدانية أفرزت أفكارا ونظريات تربوية أصبحت أساسا لعلوم التربية الحديثة ومما لا شك فيه ان هذه الحركة التربوية في مجال التربية الخاصة حررت الطفل المصاب بإعاقة وجعلته يتمتع بحق التفرد في برنامج تربوي يتناسب مع اختياراته وكفاءاته . وذلك عن طريق تقديم أنشطة وأساليب تربوية تجعل الطفل قادرا على معرفة مواطن الخطأ في أدائه ومن ثم العمل على تصحيحها مع مساعدة بسيطة من المدرس مهما استغرق ذلك الأداء من وقت.
مع الاستعانة بالبيئة المحيطة بالطفل مما يؤدي إلى تشجيع الطفل لأخذ المبادرة في تنظيم دراسته إلى درجة الثقة بالنفس والاستقلال وقد وضعت مناهج دراسية تتناول التطبيقات العلمية وهذه النشاطات تتشابه إلى حد كبير مع الألعاب التي عادة ما يقوم بها الأطفال لكنها ألعاب من نوع خاص حيث يقوم الطفل باستعمال أدوات حقيقية لها استعمالات وظيفية حيوية ، ولكنها لا تتناسب مع حجمه ومع قدرته العضلية فالألعاب التي يلهو بها الطفل تصبح في هذه المناهج الفردية أنشطة للعناية الذاتية ، التنظيف ، الغسيل ، تحضير الطعام ، التواصل وحتى الأعمال المهنية والمهارات الأكاديمية.
هذه الأنشطة تملأ عالمه الصغير فيحاول المدرس عرض النشاط وإعطائه التعليمات اللفظية بعدها يقوم بالمراقبة وبمساعدة الطفل على أدائه دوره إذا ما لزم ذلك ، وبتلك الطريقة يستطيع المدرس ان يتعرف على البنية المسلكية للطفل، ويتمكن من إدراك تفرد كل طفل بميوله ورغباته وحاجاته وقدراته باختلافه عن غيره بكثير من الأمور .
وكل عملية دراسية بغض النظر عن موضوعها ، تعلم بأساليب حسية وحركية و إدراكية . فجميع الحواس تشترك معا في عملية إدراك الموضوع . 1. إدراك بصري وحركي لاكتشاف الحجم والشكل واللون وصلابة الموضوع المدرس . 2. إدراك سمعي وحركي لاختبار النغم والوقع الذي يتميز به موضوع الدرس. 3. إدراك بالشم والتذوق لمقارنة الروائح والنكهات التي يتميز بها موضوع الدرس .
إن الخبرة الحسية والحركية ترتبط ارتباطا وثيقا بأي عمل يمكن ان يؤديه الطفل ، إن التركيب الحرفي لكل كلمة ، وميزاتها التعبيرية وتحديد مكانها في سياق الجمل تشترك جميعها في التحسس اليدوي لموضوع تلك الكلمة الملموسة لتنعكس في إدراك مسموع ومفهوم مكتسب. أما بالنسبة للطفل المعاق فإنه يحتاج إلى أكثر من أبعاد ثلاثة للموضوع المراد معرفته .
1.البعد الأول
يقوم المدرس بربط معنى الكلمة بالرمز المعبر عنها فعندما يريد المدرس ان يعلم التلميذ معرفة الألوان يقوم بعرض بقع ملونه ، حمراء وزرقاء … ويقول للطفل هذه البقعة زرقاء وهذه البقعة حمراء وهكذا .
2. البعد الثاني يقوم الطفل بعرض كفاءته بربط الرمز بالمعنى وذلك عندما ينتقي البقع الحمراء والزرقاء من عدة بقع ملونة بالأزرق والأحمر. فيقول المدرس ((ناولني أو اعطيني البقعة الزرقاء)) ((أو اعطني البقعة التي لونها احمر)) نلاحظ ان المدرس قد بسط او سهل على الطفل ربط الكلمات ، البقة التي لونها احمر بدلا من البقعة الحمراء . البعد الثالث : وذلك عندما يمكن للطفل التعبير عن الأشياء برموزها الصوتية بأسمائها . أما الطفل الذي لا يتمكن من النطق فبإمكانه الدلالة على اللون المشابه وذلك عند مطابقته لبقعتين من اللون نفسه .
Comments