سؤال في التوحد
كيف يقتحم الوالدان عالم الطفل التوحدي؟
كل طفل يعاني من التوحد فهو حالة فردية خاصة؛ ولذلك على الآباء أن يتفهموا حالة طفلهم جيدًا حتى يتسنى لهم الوصول إلى مفتاحه؛ لأنه من الصعب على الوالدين اقتحام عالم "طفل التوحد" أو ما نسميه "قوقعته" دون أن يأذن لهم طفلهم، فذلك الطفل يعيش في حالة من الاضطراب التى يحتاج فيها إلى من يساعده على فهمها بفهم ما في داخله أو حوله، ثم يشرحه له ويفهمه ما يدور بداخله، ثم يساعده على أن يتأقلم بنفسه مع هذا الاضطراب الذي يموج داخله.
و بعض النصائح التي يمكن أن تتبعها الأسر التي يعاني طفلها من التوحد:
لا بد من تحديد الأشياء التي يفضلها الطفل، وكذلك السلوكيات التي يجب أن يسلكها وكذلك تحديد الأشياء التي تضايقه.
التعرف على النظام الروتيني الذي يحبه الطفل واتباعه؛ لأن الطفل التوحدي بطبعه روتيني.
لا بد من تحديد جوانب الحياة التي يعرفها (الوجدانية، الاجتماعية، المعرفية، الحياتية…) التي يعرفها.
بعد ذلك على الوالدين تجنب المواقف التي تثير غضب الطفل.
العمل على التقرب إليه بعلاقة جسدية بالملامسة والكلمات الرقيقة، والنجاح في التقرب إليه بهذه العلاقة مفتاح لتعديل سلوك هذا الطفل.
ولأن الطفل التوحدي كما قلنا روتيني؛ فإنه في حالة محاولة تعديل أي سلوك من سلوكياته فلا بد من تجنب التغييرات المفاجئة سواء في المكان أو السلوك، ومحاولة الحفاظ على استقراره.
أما بالنسبة للنشاط الزائد: من المعروف أن النشاط الزائد مرتبط بالتوحد، ولتوجيه هذا النشاط يمكن الآتي:
استخدام الأشياء التي يفضلها الطفل من الألعاب لمحاولة جعله أكثر استقرارًا؛ بمعنى إذا كان يحب لعب الكرة مثلاً، أستغلّ هذا الحب في جعله أكثر استقرارًا بأن أدعوه بهدوء شديد إلى مشاركته اللعب، ولكن بنوع من التغيير ونحن جلوس.
وفي حالة عدم تقبّله الجلوس والهدوء، فهناك أنواع من الأدوية يصفها الطبيب المعالج والمتابع لحالة الطفل قد تساعد في وصوله لحالة الاستقرار بدرجة بسيطة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها فقط لتغيير سلوك النشاط الزائد، وإنما الاعتماد الأكبر يكون بتدريبه بالتدريج، وبصبر شديد من خلال ما يحب، وعلى المربّي ألا يملّ من محاولة إجلاسه أثناء اللعب، فإنه لو نجح في ذلك فسينجح بإذن الله - تعالى - في إيصال الطفل إلى درجة أكبر من الاستقرار في النشاط الذي يفعله.
ويجب التنبيه على ضرورة تدعيم أي سلوك إيجابي يقوم به الطفل لما في ذلك من تأثير في تعديل سلوكه.
أما بالنسبة للتأخر في الكلام:
فلا بد من مواصلة التحدث إلى الطفل حتى وإن لم يرد، ما دمنا متأكدين من سلامة الحاسة السمعية وأنه يسمع جيدًا، حتى وإن كانت استجابته ضعيفة، ففي حالة الأطفال التوحديين يمكن أن يمتنعوا عن الاستجابة لسنوات، ولكنهم بعدها يعودون للاستجابة مرة ثانية (نشاط معين ينقطع ثم فجأة يعود مرة أخرى)؛ وبالتالي لا بد من استمرار في عملية التعليم من خلال فهم واضح لقوقعته (بيئته) التي يحصر نفسه فيها بقدر الإمكان.
وكما قلنا فإن لكل طفل نظامه الروتيني الخاص، فعلى المربي أن يتبع نفس سلوك الطفل، عن طريقة مشاركته بالتدريج في السلوكيات التي يقوم بها كبداية ومدخل لكسب ثقة الطفل، حتى يتقبل منا أي محاولة للتدخل لتعديل سلوكياته، بمعنى نفترض أن طفلاً ما تعود على "لف أصابعه"، فيقوم المربي بعمل نفس الحركة أمام الطفل حتى يشعره أنه يعيش معه في نفس العالم.
لا بد أن تتم أي تغييرات بصورة متدرجة، وأن تكون التغييرات في كل مرة بسيطة، بهدف الوصول لروتين من خلاله يمكن وضع الأهداف (تغييرات سلوكية، معرفية، اجتماعية…)، على أن يتم تقسيم كل هدف إلى خطوات تدريجية.
ويجب الانتباه إلى عدم تعجل النتائج؛ لأن ذلك الطفل يحتاج إلى صبر عليه؛ لأن نموه بطيء عن أقرانه، في الوقت الذي له جوانب تميزه عن أقرانه، فغالبية الأطفال التوحديين لهم مميزات يتمتعون بها كتفوق في الجانب الموسيقى أو أي جانب آخر، ولا بد من معرفة جانب تميز الطفل واستخدامه كمدخل أساسي لتحقيق أي هدف نريد تحقيقه (تعديل سلوك، تعلم، سلوك…)، بمعنى الدخول إليه من مدخل ما يحب.
Comments