سؤال في التوحد
ما هي طرق العلاج المتوفرة للتوحد ؟
يجب التأكيد على أنه ليست هناك طريقة علاج واحدة يمكن أن تنجح مع كل الأشخاص المصابين بالتوحد، كما أنه يمكن استخدام أجزاء من طرق علاج مختلفة لعلاج الطفل الواحد. ومن أهم تلك الطرق:
التعليم والتدخل المبكر: هذا من انفع واهم وسائل العلاج بالنسبة للطفل التوحدي حيث اثبت الدراسات ان كلما تلقى الطفل برامج التعليم المخصصة مبكرا من عمر سنتان (أو عند التشخيص اذا كان قبل ذلك) كلما كانت النتيجة المستقبلية افضل. وينصح في معالجة التوحد اتباع برنامج تعليمي خاص يعالج مشاكلهم السلوكية والتواصلية. وهذا يتطلب بيئة على درجة عالية من التنظيم، ووضع برامج فردية مكثفة تتميز بعلاقة جيدة بين التلميذ والمدرس، ويجب أن يتضمن البرنامج علاج تخاطب وعلاج وظائفي وتعليم مهني، فضلاً عن ارشاد للأهل وتقديم برامج التدريب والنصح الاهل ودعمهم نفسيا ومعنويا.
طريقة العلاج السلوكي ( لوفاس): وتسمى أيضا بالتحليل السلوكي. وتعتبر واحدة من طرق العلاج السلوكي، ولعلها تكون الأشهر، حيث تقوم النظرية السلوكية على أساس أنه يمكن التحكم بالسلوك بدراسة البيئة التي يحدث بها والتحكم في العوامل المثيرة لهذا السلوك، حيث يعتبر كل سلوك عبارة عن استجابة لمؤثر ما. ومبتكر هذه الطريقة هو لوفاس ، أستاذ الطب النفسي في جامعة لوس أنجلوس. وهذا العلاج السلوكي قائم على نظرية السلوكية والاستجابة الشَرطية في علم النفس. حيث يتم مكافأة الطفل على كل سلوك جيد، أو على عدم ارتكاب السلوك السيئ، كما يتم عقابه (كقول قف، أو عدم إعطائه شيئاً يحبه) على كل سلوك سيئ . وطريقة لوفاس هذه تعتمد على استخدام الاستجابة الشرطية بشكل مكثف، حيث يجب أن لا تقل مدة العلاج السلوكي عن 40 ساعة في الأسبوع، ولمدة غير محددة. وفي التجارب التي قام بها لوفاس وزملاؤه كان سن الأطفال صغيراً، وقد تم انتقاؤهم بطريقة معينة وغير عشوائية، وقد كانت النتائج إيجابية، حيث استمر العلاج المكثف لمدة سنتين . هذا وتقوم العديد من المراكز باتباع أجزاء من هذه الطريقة. وتعتبر هذه الطريقة مكلفة جداً نظراً لارتفاع تكاليف الساعات المخصصة للعلاج. كما أن كثيراً من الأطفال الذين يؤدون بشكل جيد في العيادة قد لا يستخدمون المهارات التي اكتسبوها في حياتهم العادية.
طريقة تيتش: وتمتاز طريقة تيتش بأنها طريقة تعليمية شاملة لا تتعامل مع جانب واحد كاللغة أو السلوك، بل تقدم تأهيلاً متكاملاً للطفل ، كما أنها تمتاز بأن طريقة العلاج مصممة بشكل فردي على حسب احتياجات كل طفل. حيث لا يتجاوز عدد الأطفال في الفصل الواحد 5-7 أطفال مقابل مدرسة ومساعدة مدرسة، ويتم تصميم برنامج تعليمي منفصل لكل طفل بحيث يلبي احتياجات هذا الطفل.
طريقة فاست فورورد: وهو عبارة عن برنامج إلكتروني يعمل بالكمبيوتر، ويعمل على تحسين المستوى اللغوي للطفل المصاب بالتوحد. وقد تم تصميم برنامج الكمبيوتر بناء على البحوث العلمية التي قامت بها عالمة علاج اللغة بولا طلال على مدى 30 سنة تقريباً. وتقوم فكرة هذا البرنامج على وضع سماعات على أذني الطفل، بينما هو يجلس أمام شاشة الكمبيوتر ويلعب ويستمع للأصوات الصادرة من هذه اللعب. وهذا البرنامج يركز على جانب واحد هو جانب اللغة والاستماع والانتباه، وبالتالي يفترض أن الطفل قادر على الجلوس مقابل الكمبيوتر دون وجود عوائق سلوكية. ولم تجر حتى الآن بحوث علمية محايدة لقياس مدى نجاح هذا البرنامج مع الأطفال التوحديين، وإن كانت هناك روايات شفهية بأنه قد نجح في زيادة المهارات اللغوية بشكل كبير لدى بعض الأطفال.
التدريب على التكامل السمعي: وتقوم آراء المؤيدين لهذه الطريقة بأن الأشخاص المصابين بالتوحد مصابون بحساسية في السمع (فهم إما مفرطون في الحساسية أو عندهم نقص في الحساسية السمعية) ، ولذلك فإن طرق العلاج تقوم على تحسين قدرة السمع لدى هؤلاء عن طريق عمل فحص سمع أولاً ثم يتم وضع سماعات إلى آذان الأشخاص التوحديين بحيث يستمعون لموسيقى تم تركيبها بشكل رقمي (ديجيتال) بحيث تؤدي إلى تقليل الحساسية المفرطة ، أو زيادة الحساسية في حالة نقصها. وفي البحوث التي أجريت حول التكامل أو التدريب السمعي ، كانت هناك بعض النتائج الإيجابية حينما يقوم بتلك البحوث أشخاص مؤيدون لهذه الطريقة ، بينما لا توجد نتائج إيجابية في البحوث التي يقوم بها أطراف معارضون أو محايدون، خاصة مع وجود صرامة أكثر في تطبيق المنهج العلمي. ولذلك يبقى الجدل مستمراً حول جدوى هذه الطريقة.
العلاج بهرمون السكرتين Secretin: والسكرتين هو هرمون يفرزه الجهاز الهضمي للمساعدة في عملية هضم الطعام. وقد بدأ البعض بحقن جرعات من هذا الهرمون للمساعدة في علاج الأطفال المصابين بالتوحد ولكن هل ُينصح باستخدام السكرتين؟ . في الحقيقة ليس هناك إجابة قاطعة بنعم أو لا، لأنه في النهاية لا أحد يشعر بمعاناة آباء الأطفال التوحديين مثلما يشعرون هم بها ، وهناك رأيان حول استخدام السكرتين لعلاج التوحد. هناك الرأي المبني على أساس أقوال بعض (في بعض الأحيان مئات؟) الآباء الأمريكان الذين استخدموه ووجدوا تحسناً ملحوظاً في سلوك أطفالهم، ويشجع عدد قليل من الباحثين في مجال التوحد على استخدام مثل هذا العلاج، ولعل أشهرهم هو ريملاند. وفي المقابل هناك آراء بعض العلماء الذين يشككون في فاعلية هذا الهرمون.
العلاج باالأدوية: قد لا تتطلب حالة الاطفال المتوحدين علاجا بواسطة الادوية. لكن في بعض الحالات تستعمل الأدوية لتخفيف حالات النشاط المفرط لدى البعض، أو الاكتئاب والخمول لدى البعض الآخر. وهو ليس بعلاج للتوحد نفسه بقدر ما هو محاولات لتنشيط مراكز أخرى في الدماغ.
الحمية الغذائية (العلاج البيولجي): الحمية الغذائية الخالية من الكازيين والجلوتين (Casein and Gluten Free Diet) ثبتت فعاليتها في مساعدة الأطفال التوحديين، ذلك لأن عدم تحمل التوحديين لبروتينات الكازيين والجلوتين. وتلك الحمية تعني منع الطفل التوحدي من تناول أية مأكولات تحتوي على يروتين الكازين، ونقصد بالكازين البروتين الموجود في اللبن ومنتجاته وأيضا الحمية من بروتين الجلوتين وهو البروتين الموجود في القمح والشعير والشوفان ومشتقاتهم. وعادة ما ترتبط الحمية الغذائية بتوفير حاجات الطفل المتوحد الغذائية باتباع نظام غذائي قليل النشويات غنياً بالبروتينات والالياف والاحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة، والمعادن بما فيها الحديد والماغنيزيوم والنحاس والزنك والمانغانيز بالإضافة الى الفيتامينات. وكذلك اضافة بعض الملاحق الغذائية التي تساعد المصابين التوحديين. وقد توصل الباحثون الذين كرسوا جهودهم لدراسة التوحد إلى أن التوحديين الذين يتبعون نظام الحمية الخالية من الكازيين والغلوتين وبعض الملاحق الغذائية الأخرى قد تحسنت لديهم أعراض التوحد وبعض السلوكيات الشاذة قلصت بنسبة 90%. وعموما يجب ان تطبق الحمية تحت اشراف طبي ولفترة محددة يقرر بعدها الاستمرارية من عدمها.
تحقيق التكامل الحسي: ونظرية التكامل الحسي مبنية على أساس أن تنظيم مدخلات الحواس يمدنا بالمعلومات اللازمة ويساعدنا علي فهم أنفسنا وما يحدث في العالم من حولنا . ويمزج إدراكنا للطعم والملمس والرائحة والسمع والرؤية والحركة والوعي بالجسم يمزج وينظم فوراً بواسطة المخ لأعطائنا صورة واضحة. ويشكل تنظيم كافة هذه الحواس ما نطلق عليه التكامل الحسي. وحينما تعمل كافة هذه الحواس فإننا نتمكن من تكوين صورة واضحة عن العالم المحيط بنا ونتصرف وفقاً لهذا بأسلوب مناسب. ويسعي الأطفال التوحديين للحصول علي كم غير تقليدي من أنواع معينة من الأحاسيس وإن كانوا في نفس الوقت قد يتجنبون بعضها. لذلك فإذا كان يبدو أن الطفل لديه حساسية مفرطة للمثيرات الحسية فإن التدخلات المرتكزة على مساعدة التكامل الحسي قد تكون مفيدة ، مثل تدريب الاندماج السمعي والاندماج الحسي والتدريب المرئي وهناك استراتيجية أخرى هي إبعاد هذه التدخلات الحسية من بيئة الشخـص.
الترابط الأسري والتعاون مع الأخصائيين من أسس العلاج: والدا الطفل التوحدي هما الطبيب المعالج الحقيقي لطفلهمان فهما اللذان يبحثان عن كل علاج قد يفيد ابنهما في أي مكان وزمان. ويجب الاطلاع على كل ماهو جديد عن التوحد والجزم اذا ما كان ابنهما التوحدي أو ابنتهما التوحدية قد أظهروا تحسنا ملموسا أو واضحا بعد تلقي العلاج. و التعاون الوثيق بين الأسرة، والطبيب، والأخصائيين، والمؤسسات المختلفة التي تعنى بالطفل يعد الجسر الذي يعبر عليه الطفل المصاب إلى الجانب الآخر، من النهر والى بر الأمان.
コメント