التربية النفس حركية للطفل المتوحد
التربية النفس حركية للطفل المتوحد نبذة تاريخية: تعددت تعريفات التربية النفس حركية و تنوعت، ولكن التعدد كان شكليا وبقي الجوهر واحدا. فمنذ آلاف السنين ادرك الإنسان علاقة النفس والجسد وتأثيرها المتبادل علي الإنسان، فنجد آثار القدماء المصريين تؤكد استخدام المصري القديم للحركة والرياضة والموسيقي والعمل كنوع من الاستشفاء للمرضى. وكذلك حضارة الإغريق أدركوا قيمة وجمال الروح في صورة الجسد المعبرة عن تلك الروح. وكان الرومان يهدأون مضطربي النفوس بالتدليك والماء حتى تسترخي عضلاتهم المتيبسة النشطة. وفي حضارة الشرق نشأت اليوجا، واليوجا فن وعلم أبدعه علماء وحكماء عظماء أدركوا أن توازن الجسم والعقل فيه سعادة الإنسان . ان الجسم الواهن يقود العقل إلى أمور دنيوية، وعلى العكس فان البدن الصحيح الحر ينير العقل، ويسمو به للاتحاد بالذات الإلهية الموجودة في كل نفس بشرية، و ابتداء من دودنيه (1712- 1798) مرورا بجان مارك ايتان (1772) ووصولا إلى إدوارد جيمان (1948) الذي ظهر معه القياس الحركي، كانت التربية النفس حركية الحالية في حالات إرهاص حتى استقرت الآن وأصبحت قابلة للتشكل والمرونة والتكيف وفقا لظروف كل وقت. وسأشرح لحضارتكم ملامح عامة لمفهوم التربية النفس حركية لدي التوحدين كتعريف ومنهج ، أما التقويم فيمكن أفراد صفحات أخرى في مناسبات أخرى إلى ما شاء الله. تعريف التربية النفس حركية لدي المتوحد: الحقيقة أن التربية النفس حركية كمنهج لا يقتصر علي فئة بحد ذاتها بل أن التربية النفس حركية منهج تربوي لكافة المتلقين صغارا أو كبارا ذوي احتياجات خاصة أو لغير ذوي الاحتياجات الخاصة ، و لكن في نفس القوت يمكن تحديد و تخصيص برامج موجهة للمتوحدين أو ذوي الشلل الدماغي أو ذوي الاحتياجات الخاصة من ضعاف السمع أو البصر لان احتياجات كل مجموعة سابقة ربما تختلف عن الأخرى. ما هي التربية النفس حركية لدي المتوحدين؟ التربية النفس حركية هي إعادة التعلم في مجالات الفراغ والصورة الجسمية والحركة والزمن والسلوك والمعرفة، وهذه المجالات تهئ للمتوحد اكتشاف ذاته ووعيه بنفسه. ومع اكتشافه لذاته يتحسن رويدا رويدا اكتشافه للآخرين والمحيطين ويبدأ في تكيف بسيط مع الآخرين، ومن ثم يطور من اكتشافه الجديد للعالم ويحسن من أواصر صلاته واتصاله بالبيئة من حوله، كل ذلك في إطار من اللعب والحركة والإيقاع. وعلي الرغم من أن اللعب هو الإطار الذي يحوي التربية النفس حركية، إلا أن بعض المجتمعات لاتزال تهمش وتسطح أدوار اللعب كمنحنى وأسلوب للتعلم، واقتصر اللعب علي النادي، والشارع، والملعب، وخرج من مؤسساتنا التربوية ولم يعد إلا في الندر اليسير، وعلي استحياء في مؤسسات تعد علي أصابع اليد الواحدة . وعموما لست في موقع اسرد فيه دور اللعب عبر التاريخ وأهميته الاجتماعية والنفسية لدي الإنسان، وسأكتفي بالقول ان اللعب مرحلة نمو طبيعية، واللعب مرتبط بالنمو العقلي، والذهني ، والعاطفي، والوجداني، والحركي، وأن من اللعب انبثقت مقاييس ووسائل تشخيصية وعلاجية وتعليمية. أولا: الفراغ أهداف الفراغ: تتمثل في تحديد الاتجاهات، إدراك الطفل لنفسه في الفراغ، و تصوره لذاته في الفراغ بالنسبة للآخرين و الأشياء المحيطة، القدرة علي التوجه في الفراغ و تصور الفراغ و الأماكن، و تمثل ذلك ذهنيا و يتم ذلك من خلال الأهداف التالية، أو تحقيق الأهداف التالية: 1- الاتجاهات باستخدام أعضاء جسمه أي أن الخبرات الأولى للاتجاهات تبدأ بنفسه و بأعضاء جسمه. 2- الاتجاهات باستخدام جسمه كله كوحدة واحدة مثلا يدرك نفسه علي انه قريب أو بعيد عن شخص آخر أو بجانب أو علي يمين و شمال شخص آخر أي أن قياسه هنا للاتجاهات في الفراغات من خلال نفسه كمقياس أو أداة للتعرف علي الاتجاهات و كأنه يجاوب علي السؤال الآتي: أنا فين بالنسبة لاصحابي؟ أنا فين بالنسبة للأشياء من حولي؟ 3- الاتجاهات بالنسبة للأشياء بينها و بين بعض أو إدراك العلاقات المكانية بين الاشياء المحيطة به مثلا الكرسي جنب المنضدة و الأكواب فوق المنضدة و الملعقة جوه الطبق... الخ و كأنه يجاوب علي السؤال الآتي فين الكوباية؟ فين الكوباية من و الطبق من بعض؟ 4- تكييف وضع جسمه في الفراغ أي قدرته علي حركة و اتخاذ أوضاع لجسمه حسب الموقف المتطلب مثلا ينحني لعبور من تحت أو يمشي رافعا قدمه لعبور حواجز أو عوائق علي الأرض أو يمكنه الوصول إلى حجرة الموسيقي في المدرسة متجها من أي مكان في المدرسة إليها و كأنه يجاوب علي السؤال الآتي ازاي اقدر أروح لملعب مدرستي؟ أنا دلوقتي عاوز أروح اشتري عصير ازاي اقدر أروح؟ 5- الرموز الفراغية و العلاقات المكانية بي الرسوم و الصور أي يستطيع تحليل الفراغ في الرموز و المجسمات كالبازل أو الصور أو الرسومات أو العلاقات الفراغية في الرسومات التي أمامه فيعرف اتجاهاتها بالنسبة لبعضها البعض و كانه يجاوب علي السؤال التالي : يا تري مكان العين و الأذن في في الرأس المرسومة قدامي لماذا الفراغ؟ 1- الوعي بالفراغ يحسن القدرة علي بالنفس و الإحساس بالذات و اكتشافها بطريقة إيجابية خاصة حين ينجح في العاب الفراغ. 2- الوعي بالفراغ يحسن و يطور الإحساس بالوقت و الزمن، فالبيئة الفراغية الزمنية من الصعوبات الشديدة التي يعاني منها المتوحد مثلا لا يستطيع أن يتحرك في الفراغ و يكيف وضع جسمه عند إصدار مثير سمعي مثلا أو بصري فهو لا يستطيع أن يقوم بعملية الربط همزة. 3- الوعي بالفراغ يعالج مشاكل الفراغ و يخلق علاقة أخرى إيجابية بالفراغ، فالمتوحد لديه مشكلات القلق من الفراغ و يعاني من أي تغيير يحدث علي الفراغ فيضطرب و يسلك سلوكا مضطربا إذا حدث أي خلل أو تغيير الأوضاع في البيئة المحيطة. 4- الوعي بالفراغ يحسن و يطور الإحساس بالوقت و الزمن فالبيئة الفراغية الزمنية من الصعوبات الشديدة التي يعاني منها المتوحد مثلا لا يستطيع أن يتحرك في الفراغ و يكيف وضع جسمه عند إصدار مثير سمعي أو بصري فهو لا يستطيع أن يقوم بعملية الربط هذه. 5- الفراغ يطور و يحسن الضبط الحركي و الحسي. 6- الفراغ يحسن من ربط و تكامل الحواس مع بعض (البصر، السمع، الحركة، الشم، اللمس، التوازن، الاحساسات العميقة أو حاسة المفاصل و العضلات). 7- إدراك رموز الفراغ ضرورية قبل أي تعلم مدرسي كالقراءة أو الكتابة أو الحساب أو إدراك الأشياء في الصور و تحليل فراغاتها و علاقتاه. ثانيا: الصورة الجسمية أهداف الصورة الجسمية: الوعي بالجسم، تكوين مفهوم إيجابي عن الجسم، تمثل صورة للجسم، إشباع الحواس، توازن الحواس، تكامل الحواس و يتم ذلك من خلال الأهداف التالية:- 1- معرفة أجزاء الجسم المختلفة مسمياتها، أماكنها، و وظائفها.... الخ. 2- الوعي بالجسم و إدراك الجسم عن طريق الحواس. 3- إدراك الجسم كله كوحدة كاملة. 4- التعبير من خلال الجسم و من خلال أعضاء الجسم (الإشارة، التقليد، الانفعال، الابتكار و التحليل، الدراما) لماذا الصورة الجسمية؟ 1- الوعي بالجسم يزيد من وعي و إدراك الطفل بنفسه و ذاته. 2- الوعي بالجسم و الصورة الجسمية يحسن و يطور الوعي و الإحساس بالآخرين و المحيطين فالوعي بالآخر يتبع الوعي بالذات. 3- الوعي بالجسم يطور و يحسن عمل الحواس و وظائفها، و كثيرا ما نجد خلل الحواس و مشاكل إدماج الحواس عقبة لدي المتوحد. 4- الوعي بالجسم يحسن و يطور حركة الجسم (الجانبية و خط المنتصف) مما يؤثر إيجابا علي مهارات القراءة و الكتابة و رعاية الذات و المهارات الحركية عموما كالضبط الحركي. ثالثا: الحركة أهداف الحركة:- أداء نشاط حركي بسلاسة و مرونة و تكييف الحركة و فق الطاقة المطلوبة للإتيان بهذه الحركة. كيف؟ من خلال الآتي:- 1- التوازن: توازن الجسم في حالة الثبات و في حالة الحركة أيضا. 2- التوازن الحركي الجزئي: أي القدرة علي استخدام جزء أو أجزاء من الجسم دون بقية أجزاء جسمه. 3- التوافق الحسي الحركي : أي القدرة علي اتخاذ وضع و حركة الجسم بناء علي مثيرات بصرية أو سمعية أو بناء علي مثيرات حسية أخرى. 4- التحكم في القوة العضلية أي توظيف الطاقة المطلوبة للنشاط دون إفراط في الحركة أو تقصير أي تكييف حركة الجسم حسب المطلوب. 5- توافق حركي عام. لماذا الحركة؟ 1- حركات الجسم و حواس الجسم يزيد من وعي و إدراك الطفل بذاته خاصة الحواس العميقة و هي حواس العضلات و الأوتار و الأذن الداخلية (أنشطة التعارض و الشد و الحمل و الاثقال يزيد المتوحد معرفة بجسمه و ذاته). 2- الحركة تطور نغمات المتوحد العضلية فالمتوحد أسير إيقاعه العالي جدا أو البطئ جدا فلا توجد منطقة وسطي في حركات جسم المتوحد فهو دائما علي طرفي نقيض أما عاليا جدا في حركته، و إيقاع حركاته أو متدنيا جدا في إيقاع جسمه و عضلاته. 3- الحركة تحسن قدرات المتوحد علي توازن جسمه و إدراكه بنفسه بنقطة تمركزه الذاتي المتوحد غائبة لدي نقاط تمركزه الذاتي. 4- حركة الجسم وفق مثيرات حسية تنمي مهارات اللغة و مهارات الزمن، و تحسن من الرموز، فالربط بين المثير و الحركة يدخل مفاهيم رمزية و مجردة، و التوحد دائما يحتاج دائما إلى عملية الربط هذه لإدخال مفاهيم اكثر ارتقاءا. 5- الحركة تنتج فرصا للإشباع الحركي الذاتي (تنبيه ذاتي حركي ملح) فالمتوحد يحتاج لإشباع حركي حسب مناطق الحركة الصدارة من المخ كالحركات المتكررة النمطية لأجزاء من الجسم أو الجسم كله. رابعا : الزمن و الإيقاع الهدف طويل المدى: الإحساس بالأوقات المتعددة للأنشطة المختلفة والإحساس بنفسه خلال الزمن النقاش وتصوره المستقبلي للزمن والتحكم في إيقاعه الحركي. كيف؟ من خلال الآتي: 1- التتابع: مفاهيم قبل- بعد/ أول- تالي/ نشاط و حدث متطلب قبلي أو بعدي. 2- ترتيب الأحداث: أحداث متتالية، ترتيب منطقي، أيام، شهور، فصول، نتيجة، ساعة، تصوره زمني الحاضر و الماضي و المستقبل. 3- مفهوم القدرة الزمنية: الإحساس بالوقت المحدد طويل بطئ/ قصير/ الإحساس بنفسه في الزمن و النشاط المحدد الذي يقوم به. 4- مفاهيم السرعة: السرعة/ البطء/ الحركة/ السكون/ ترتيب الأشياء و الأدوات و الأنشطة وفق أزمنة مختلفة/ الإيقاع المتغير من السرعة إلى البطء إلى السكون/ تغيير الإيقاعات و التحكم في النفس حسب النشاط المطلوب.
التربية النفس حركية للطفل التوحدي
للأستاذة مها الهلالي
Комментарии