حركة الأطفال الزائدة ظاهرة أم مرض؟
حركة الأطفال الزائدة: ظاهرة أم مرض؟
حركة الأطفال الزائدة.... هل هي مرض يستدعي المعالجة أم أنها ظاهرة طبيعية لاتلبث أن تزول؟ تشتكي كثير من الأمهات من حركة أطفالهن الزائدة، ويتساءلن: هل أطفالنا مرضى أم أن أمومتنا قاصرة؟ نقول أنه ليس كل طفل كثير الحركة من وجهة نظر والدته هو مريض، فحركة الأطفال قد تكون دليلاً على الحيوية والنشاط، خاصة لأولئك الصغار الذين بدأوا حديثاً في المشي وغمرتهم السعادة في اكتساب مهارة جديدة وهي المشي والجري والوصول للأشياء. فنرى الطفل يجري هنا وهناك ويستكشف هذا المكان أو ذاك. وقد تكون الحركة الكثيرة داخل الفصل الدراسي إشارة إلى ارتفاع معدل الذكاء لأولئك الصغار الذين يقيدهم منهج دراسي موجه لمتوسطي الذكاء.
لكن!! الحركة الزائدة ربما تشير إلى انخفاض مستوى الذكاء عند بعض الأطفال فيعبر عن محدودية قدراته في التعامل مع أمور الحياة اليومية والأعباء الدراسية بزيادة في حركته. إن زيادة الحركة قد تشاهد عند بعض الأطفال الذين يعانون من نقص في السمع أو تأخر في اللغة لأسباب كثيرة لعل من أهمها تكرار التهابات الأذن الوسطى للطفل والذي لم يلق اهتماماً مناسباً من الأهل لمعالجته وتفادي آثاره. وبعض الأمهات يشتكين من حركة أطفالهن الزائدة، وحينما يتم تقييم هؤلاء الأطفال يتضح أن حركتهم لاتزال في الحدود الطبيعية، لكن تحمل أسرهم لهم ورحابة صدورهم تجاهم قد تكون ضيقة، وقد يكون ذلك لوجود عوامل خارجية مثل ضيق المنزل وعدم وجود أماكن مناسبة ينفِّس الأطفال فيها عن نشاطهم الطبيعي وربما يرجع ذلك إلى عدم وجود وسائل تسلية وألعاب مناسبة يفرغ الأطفال فيها طاقاتهم الطبيعية. كما قد يعبر الأطفال عن احساسهم بالكآبة واحباطاتهم وعدم استقرارهم الأسري والعاطفي بالحركة الزائدة.
بقي أن نقول إن هناك مرضاً يصيب نسبة ليست بالقليلة من الأطفال يسمي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.حيث تشير الدراسات المحلية هنا، والدراسات العربية والأجنبية إلى أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يشكل أعلى نسبة تشخيصية للأطفال الذين يرتادون العيادة النفسية للأطفال. وفي هذا الاضطراب تلاحظ كثرة حركة الطفل غير الطبيعية بشكل يؤثر سلباً على سلوكه وسلامته في المنزل وعلى أدائه الدراسي في المدرسة.
ويلاحظ على هؤلاء الأحباب كذلك الممارسات الاندفاعية غير المتوقعة مثل رمي الأشياء أو ضرب الإخوة أو اجتياز الطريق العام فجأة دون التفكير لما سيحدثه من خطر. كما يلاحظ عليهم تشتت الانتباه وعدم القدرة على إتمام الواجبات الدراسية وإنجاز مايطلب منهم من أعمال بدون انقطاعات متكررة.
إن هذه الفئة من الأطفال بحاجة ماسة للتقييم الطبي والنفسي والإجتماعي المتكامل، وتزويد الأهل ببرامج سلوكية وتوجيهية للحركة الزائدة وتشتت الانتباه وماقد يصاحبها من سلوك عدواني في بعض الأحيان. كما أن عدداً كبيراً منهم بحاجة لبعض الأدوية والعقاقير لضبط حركتهم وتحسين تركيزهم وبالتالي تحسين استيعابهم الدراسي ومهاراتهم الإجتماعية والشخصية.
ماهو الحل إذاً.....؟ لاتقلق فإن الأمر سهل وميسور إذا رغب الوالدان معالجة الطفل منذ وقت مبكر وذلك باستشارة الأطباء والمختصين والاستئناس بآرائهم والعمل بنصائحهم واستمرارية العلاج إذا تم وصفه لحالات أبنائهم.
الدكتور فاطمة الحيدر
استشارية الطب النفسي للأطفال مستشفى الملك خالد الجامعي - جامعة الملك سعود
Comments