top of page

اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه بين الأطفال


اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه بين الأطفال Attention deficit and hyperactivity disorder among children

يمثل اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه لدى الأطفال مشكلة من شأنها التأثير على نموهم الاجتماعي والانفعالي وتقدمهم الدراسي؛ مما يؤدي إلى قدر كبير من الأسى والقلق والانزعاج لهؤلاء الأطفال ولمن تربطهم بهم صلة مباشرة أو غير مباشرة مثل أولياء الأمور والمعلمين والزملاء على حد سواء. وكان يشار إلى اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه فيما مضى بعدة أسماء، مثل: النشاط الزائد, رد الفعل الحركي المفرط، الحركة الشديدة، الخلل البسيط في وظائف الدماغ، متلازمة الطفل شديد النشاط (1996, Pierangelo). أما في الوقت الراهن فيعتمد معظم المختصين على ما ورد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية Diagnostic and Statistical Manual (DSM) of Mental Disorders، والذي تصدره الجمعية الأمريكية للطب النفسي American psychiatric Association (APA) ، بخصوص الضوابط المستخدمة لتعريف اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه (ADHD)، وتحديد ما إذا كان الفرد، يعاني منه أم لا . حيث يستخدم الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) مصطلحا عاماً هو اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه Attention Deficit and Hyperactivity Disorder (ADHA)، حيث ينطوي فرعية هي: 1) النوع الذي يسود فيه قصور الانتباه predominantly hyperactive impulsive type. 2) النوع الذي تكون الغلبة فيه للنشاط الزائد/الاندفاع predominantly hyperactive impulsive type. 3) النوع الذي يجمع بين ما تقدم (أي يسود فيه ضعف الانتباه جنباً إلى جنب مع النشاط الزائد والاندفاع (combined type American Psychiatric Association, 1994 cited in Hallahan & Kauffman, 2000) التداخلات التربوية والتعليمية: Educational Intervention بمجرد أن يتم التعرف على الطفل ويتم تشخيصه بأنه من ذوي اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه، فإن ثمة أساليب عديدة توجد لمساعدته هو وأسرته على حد سواء. ولعل الأسلوب الأنجع هو عبارة عن أسلوب علاجي متعدد الأوجه والجوانب، يشتمل على ما يلي: _ أدرة الفصل الدراسي. _تعديل السلوك وضبطه في المدرسة والمنزل. _الاستشارات، يوصي بالاستشارات العائلية نظراً لأن جميع أفراد العائلة يؤثر فيهم الطفل ذو اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه عند وجوده بالبيت. _ الاستشارات الفردية الرامية إلى تعلم أساليب التأقلم وطرق التكيف مع الأوضاع المحيطة، واستراتيجيات حل المشاكل، وكيفية التعامل مع الضغوط النفسية والجوانب المتعلقة بتقدير الذات. _ التدريب على المهارات الاجتماعية (ويكون ذلك متاحاً في بعض الأحيان من خلال المجموعة الاستشارية المدرسية). _التدخلات المدرسية العديدة (بيئياً ودراسياً وسلوكياً). _توفير النشاطات الرياضية مثل: السباحة، كمال الأجسام، ألعبا القوى، الجمباز، الجري (بصفة خاصة الألعاب الرياضية التي لا تتطلب التنافس). _تعليم الآباء ومساعدتهم على تعلم أكبر قدر ممكن من المعلومات عن اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه حتى يتسنى لهم مساعدة طفلهما والدفاع عنه بصورة فاعلة (Rief, 1993 ). وفيما يلي سيتم توضيح التدخلات التربوية الفاعلة للتلاميذ ذوي اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه، من خلال التركيز على إدارة الفصل الدراسي. إدارة الفصل الدراسي: Classroom Management لقد كان ويليام كريكشانك William Cruickshank من أوائل الذين أسسوا برنامجاً تربوياً منهجياً للأطفال الذين تنطبق عليهم الخصائص للأطفال الذين تنطبق عليهم الخصائص المعروفة اليوم للناس باضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه. ويتسم برنامج كريكشانك بصفتين أساسيتين أو معلمين بارزين، هما: (1) تقليل المؤثرات الخارجية التي لا صلة لها بالتعلم, مع تعزيز المواد الهامة واللازمة للتعلم (2) تصميم برنامج منهجي يقوم على التركيز الشديد على توجيهات المعلم وتعليماته. وبما أن كريكشانك افترض أن الأطفال ذوي الانصراف والشرود، فقد عمل بقدر الإمكان على تقليل المؤثرات الخارجية التي لا صلة لها بعملية التعلم. على سبيل المثال يجب أن تشتمل المساحات التي يحتلها التلاميذ في الفصل على أماكن مغلقة من ثلاثة جوانب للحد من حالات التلهي والعوامل الانصرافية. ومن جانب آخر تم حث المعلمين وتشجيعهم على استخدام مواد تدريس جذابة وذات ألوان براقة.

أيضاً يجب أن يتعلم التلميذ من خلال برنامج تربوي منهجي منتظم، فعلي سبيل المثال عندما يدخل الطفل إلى الفصل، سوف يقوم بتعليق أشيائه على شماعة معينة ومحددة _ لا على أي شماعة حسب هواه واختياره_ ويستخدم ذات الشماعة يومياً . بعد ذلك ، يذهب الطفل إلى مكانه المخصص له، ثم يجلس علي كرسيه، ومن ثم يتابع تعليمات المعلم ويتقيد بها في كل ما يتصل بمهام التعلم، وكذلك الأنشطة المتعلقة بتناول الأكل وجميع الأنشطة والممارسات الأخرى المطلوبة حتى نهاية اليوم الدراسي.

ولاشك في أن نقل مكان الطفل ذي النشاط الزائد وإبعاده عن الأطفال الآخرين، بحيث يكون أبعد ما يكون منهم وأقرب ما يكون من المعلم داخل الفصل، من أشهر أساليب التدخل المتبعة داخل الفصول الدراسية. ذلك أن إتباع هذا الأسلوب لا يفضي إلى الحد من تأثير السلوك الفوضوي للطفل على أقرانه فحسب، وإنما يسمح أيضاً للمعلم بمراقبة سلوك الطفل عن كثب، وبصورة أفضل. ولعل من المفيد أيضاً أن الزائد وضعف الانتباه أماكن منفصلة عن بعضها البعض، على أن يخصص لكل طفل مكان قائم بذاته، ذلك أنه عندما يجلس الأطفال بالقرب من بعضهم البعض، فإن معدل الانتباه في أداء الواجبات غالباً ما ينخفض، نتيجة للتشويش والمقاطعات التي تحدث بين الأطفال.

وفي كثير من الأحيان يوصى بفصول دراسية مغلقة (بأربعة جدران وباب واحد) للأطفال ذوي اضطراب النشاط الزائد وضعف الانتباه، حيث تفضل هذه الفصول على الفصول التي لا توجد بها حواجز وفواصل (أي الفصول المفتوحة) والتي عادة ما تكون أكثر ضوضاء وإزعاجاً , وتحتوي على مزيد من المشتتات البصرية والسمعية، ذلك أن الأطفال يمكنهم في الغالب رؤية وسماع ما يجري في يمكنهم في الغالب رؤية وسماع ما يجري في الفصول المجاورة. هذا و ينبغي أن يكون الفصل الدراسي جيد الترتيب ومحدد المعالم؛ كما ينبغي إظهار الجداول اليومية والتعليمات داخل الفصل، وعرضها في مكان ظاهر. ويوصى في كثير من الأحيان باستخدام الوسائل البصرية الزائد وضعف الانتباه، كما أن الإرشادات اليومية والملصقات الملونة وما في حكمها من شأنها تقليل الحاجة إلى التكرار اللفظي للقواعد والتعليمات وترديدها شفاهة من حين لآخر.

إلى جانب ذلك، فإن التنويع في طرق العرض وصغ التقديم ومواد التدريس (من خلال استخدام نماذج وأساليب مختلفة مثلاً) تبدو جميعها من العوامل المساعدة على شحذ الاهتمام. وعندما يتم تكليف الطفل بواجبات غير مشوقة أو غير مثيرة للاهتمام، فإنه ينبغي تطعيمها بأخرى مشوقة ومثيرة للاهتمام. و ينبغي أيضاً أن تكون الواجبات الدراسية وجيزة ومختصرة (تناسب نطاق الانتباه لدى الطفل)، وأن يتم تقديمه بصورة متدرجة على فترات زمنية متفاوتة بدلاً عن تقديمها دفعة واحدة. أيضاً أشار برونت (Pront,1977) إلى التدخلات اللازمة للحد من حالات النشاط الزائد؛ حيث يرى أن النشاط الزائد هو عبارة عن خلل في التحكم بالسلوك. وبناء عليه، فهو يقترح أن تكون هناك أدوات ضبط خارجية محكمة للسيطرة على سلوك الطفل، على أن تتحقق القبضة تدريجياً إلى أن يتمكن الطفل من ممارسة الضبط الذاتي الداخلي للسيطرة على سلوكه والتحكم فيه. ويقترح برونت أيضاً أن يكون هنالك فصل دراسي يتم فيه تقسيم اليوم الدراسي إلى حصص مدة كل منها خمس عشرة أو عشرين دقيقة موزعة وفقاً لجدول زمني محدد، مع ضرورة تغيير النشاط في كل حصة..

وينبغي أن لا يطالب الطفل بأن يظل منتبهاً لفترات تفوق احتماله وقدرته على الانتباه؛ كما ينبغي توزيع الحصص وتنويعها بحيث لا يطلب من الطفل ممارسة أنشطة متماثلة في حصص متتالية، ولا يطلب منه أداء الواجبات متشابهة في تلك الحصص. وفي هذه الحالة لا يعطى الطفل درجات وإنما يمنح علامات تصحيح عند إكمال الوجبات المسندة إليه؛ كما يستخدم كذلك نظام تقدم بموجبه جوائز رمزية أو تذكارية للأطفال.


د / زيد بن محمد البتال

الموضوعات المميزة
موضوعات أخري
علامات البحث
لا توجد علامات بعد.
من نحن
bottom of page