اعراض فرط الحركة عند الاطفال.. كيف يمكن الحد منها؟
هل يمكن ان تختفي اعراض فرط الحركة عند الاطفال نهائيا ام انها تتلاشى فقط؟
وكيف يمكن القيام بذلك؟
يعتبر اضطراب قصور الانتباه اكثر الاضطرابات تشخيصا بين الاطفال. وبما انه غالبا ما يكون مصحوبا باعراض فرط الحركة عند الاطفال، فقد بات يعرف باسمه الشائع، وهو "اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD)".
من الممكن ان يـظهر الاطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) جانبا واحدا فقط من الاضطراب، لكننا غالبا ما نستطيع ملاحظة وجود الارتباط بين اضطراب قصور الانتباه، ورفيقه فرط الحركة.
سببت الوتيرة المرتفعة التي يتم بها تشخيص اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD) جدلا واسعا بين المعالجين، لان البعض منهم يدعي ان المقصود من التشخيص الزائد لهذه المشكلة هو تحرير الاباء والامهات واعفاؤهم من مسؤوليتهم تجاه تعليم ابنائهم وتربيتهم. غير ان الابحاث المختلفة التي تم اجراؤها حول العالم تشير الى وجود اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD) حتى لدى ابناء المجتمعات والثقافات التي يلعب التعليم والتربية فيها دورا رئيسيا، مثل المجتمع الصيني. كذلك، فان خلافا اخر يتعلق بطرق معالجة هذا الاضطراب، يدور بين دعاة اسلوب المعالجة الدوائية من جهة، وانصار المعالجة النفسية من الجهة الاخرى.
يتجلى اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) بفرط النشاط الحركي، اضافة لاشكالية في توزيع الانتباه والتركيز بشكل سليم. كما يتمثل بانعدام القدرة على الالتزام الكامل بمهمة محددة لوقت طويل وانجازها، وبصعوبات في التنظيم. لا يستطيع الاطفال الذين يعانون هذا الاضطراب الجلوس بهدوء، والمشكلة لديهم ليست مشكلة في الادراك والتحليل، انما مشكلة في الانضباط الذاتي.
بشكل عام، يتم تشخيص العدد الاكبر من حالات الاصابة بهذا الاضطراب بين الاولاد الذكور، لكن نسبة انتشاره بين البنات تصل الى 1:4 ايضا. نتيجة لهذا الاضطراب، يتعرض هؤلاء الاولاد الى النبذ والاقصاء من قبل اترابهم، كما يعانون من تدني تقييمهم لذاتهم بسبب تدني انجازاتهم التعليمية، بل انهم معرضون للشعور بانهم مخيبون لامال اهلهم.
عندما يدعي الاهل والمعلمون ان الولد يعاني من صعوبات في الانتباه والتركيز ومن فرط النشاط، فانهم يقومون باجراء مقارنة، في كثير من الاحيان، بينه وبين كبار السن، وليس مع ابناء جيله. للتاكد مما اذا كان مستوى نشاط الولد مناسبا حقا للمستوى الطبيعي لابناء جيله، يمكن اجراء اختبار تشخيص محوسب يسمى فحص الانتباه المتغير (فحص تشتت الانتباه – وبالانجليزية T.O.V.A). خلال هذا الاختبار، يتم فحص اداء الولد الوظيفي بمقاييس: الاندفاعية، تحويل الانتباه، زمن رد الفعل والمثابرة على تنفيذ المهام، بالمقارنة مع ابناء جيله. يعتبر هذا الاختبار جزءا من التشخيص الرامي لتحديد الاصابة باضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD).
مع التقدم بالسن، يتغير سلوك الاولاد ليصبح اكثر بلوغا ونـضجا. كذلك، تحدث عملية البلوغ والنضوج لدى الاطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب، بحيث تتلاشى معها اعراض فرط الحركة عند الاطفال، لكنها لا تختفي تماما. لذلك، فان ثمة حاجة الى معالجة هذا الاضطراب.
اكثر علاجات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) انتشارا هو دواء الريتالين (Ritalin)، الذي كتب وقيل عنه الكثير. ولذلك، سنركز هنا على مسار العلاج النفسي السلوكي. الطريقة الاساسية للعلاج هي طريقة التعلم الاجرائي (الاشراط الاجرائي) (Operant conditioning /instrumental conditioning)، اضافة لمنح عوامل التعزيز والتشجيع على السلوك المرغوب.
في اطار العلاج النفسي، يتم استخدام طريقة التعلم الاجرائي، وغيرها من الاساليب التي تساعد الطفل على اكتساب طرق سلوكية جديدة وايجابية، مما يؤدي الى تعزيز مهاراته وتعزيز ثقته بنفسه. ويساعد العلاج النفسي على الحد من اعراض فرط الحركة للاطفال وتخفيفها باستخدام العلاج العاطفي للطفل، تدريب الوالدين والهيئة التعليمية في الاطار الذي يتعلم فيه الطفل، واستخدام التعليم العلاجي والعلاج بالتشغيل لتطوير مهاراته.
تتنوع وتختلف الفرضيات بشان مصدر الاصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. فالبعض يدعي بوجود عامل وراثي يتعلق بالدوبامين، لكن مع دور لا يقل اهمية تلعبه البيئة ايضا. كذلك، فان الاطفال الذين كانت لديهم مضاعفات قبل الولادة، هم الاكثر عرضة للاصابة بهذا الاضطراب. كما تبين، ايضا، ان التعرض لبعض انواع الملوثات، مثل الرصاص، يزيد من مخاطر الاصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
من حيث بنية الدماغ، يشير الباحثون الى ان الاطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) يعانون من نقص التحفيز الذي يسبب اضطراب نقص الانتباه، بسبب مشكلة في الجهاز الحوفي (Limbic system) او في الفص الجبهي (Frontal lobe).
كذلك، يعتبر الاطفال الذين عايشوا طلاق والديهم او الذين واجهوا مشاكل اسرية من الفئات المعرضة لخطر الاصابة بهذا الاضطراب، بالاضافة للاطفال الذين يولدون لاباء من ذوي السلوكيات المنبوذة مجتمعيا.