الأطفال المصابين بتشتت الانتباه وفرط الحركة بحاجة إلى برامج التعليم الخاص
الأطفال المصابين بتشتت الانتباه وفرط الحركة بحاجة إلى برامج التعليم الخاص
ينظر إلى بعض الأطفال على أنه فوضوي .. مندفع .. عدواني .. شقي .. غير مبال .. وهذا ما يجعله موضع شكوى من المعلمين والوالدين، دون أن يعلموا أن هذا الطفل يعاني من النشاط الحركي الزائد، ولا يستطيع معه أن يسيطر على سلوكه واندفاعه وعدم انتباهه،
و لا يمكن ان يبقى هادئاً في مكانه، بل يرغب وبشدة في أن يمارس نشاط الجري والقفز باستمرار وفي أي مكان : المنزل، المدرسة، الشارع، دون هدف محدد وهذا يسبب قلقاً للآخرين ممن يتعاملون معه، ويمكن أن يكون هذا الاضطراب مصحوباً بضعف التركيز مع التشتت الذهني مما يؤثر بالتالي على مستوى تحصيل الطفل الدراسي وعلاقاته الاجتماعية بالرغم من ذكائه.
يعتبر الاضطراب الناجم عن فرط النشاط ونقص الانتباه إضطراب عصبي نفسي تسببه مكونات جينية وراثية تتأثر بعوامل بيئية، وعلى الرغم من أن خطوط واتجاهات البحوث الحديثة تبشر بالخير من ناحية الكشف عن المزيد من التفاصيل حول أسباب حدوث هذا الاضطراب، فإن هذه الأسباب تبقى غير أكيدة.
وبالإضافة إلى المشاكل الناتجة عن الإصابة بتشتت الانتباه وفرط الحركة والمتعلقة بالسلوكيات الفوضوية فإن الأطفال المصابين بتشتت الانتباه وفرط الحركة غالباً ما يواجهون صعوبات ومشاكل أكاديمية أيضاً، وتدل الدراسات التي أجريت على عينات من الأطفال أن ما نسبته 50% من الأطفال المصابين بتشتت الانتباه وفرط الحركة يجب أن يخضعوا لبرامج التعليم الخاص والذين يندرج غالبيتهم تحت صعوبات التعلم أو الاضطرابات السلوكية، ومع ذلك فإن تشتت الانتباه وفرط الحركة لا يعتبر مشكلة تعليم خاص فقط، فمعظم الأطفال المصابين به يدرسون ضمن المدارس العامة النظامية ولذلك فإن العمل الفعال مع الأطفال الذين يعانون منه يتطلب الانتباه إلى التعليم العام وبيئته وفي نفس الوقت الانتباه لبيئة التعليم الخاص. تعريف : يمكن تشخيص اضطراب نقص التركيز على الأطفال والبالغين الذين تظهر لديهم بصورة منتظمة بعض التصرفات الخاصة طيلة فترة معينة، أهم هذه الخصائص هي عدم التركيز و الاندفاع والحركة الزائدة----- ولكي تتوافق هذه التصرفات مع المعايير التشخيصية، يجب أن تكون كثيرة ومتكررة، وينبغي أن تظهر قبل سن السابعة وتدوم ستة أشهر على الأقل، و من المهم جداً أن تكون هذه التصرفات قد سببت عائقاً حقيقياً في ناحيتين على الأقل من حياة الشخص في المدرسة أو المنزل أو العمل أو البيئة الاجتماعية، هذه المعايير تميز اضطراب نقص التركيز عن نقص التركيز الطبيعي والحركة الزائدة الطبيعية التي تظهر لدى الأطفال و عن تأثيرات نمط العيش الذي يسود مجتمعنا. نسبة الإصابة: للأسف لا توجد إحصاءات دقيقة عن هذا المرض في المملكة العربية السعودية أو الدول العربية ولكن إستناداً على دراسة للدكتور جمال الحامد قام بعملها على عينة عشوائية من طلاب المدارس الابتدائية وتم تقدير معدل انتشار المرض بنحو 16.5% واستناداً إلى الإحصائيات الغريبة، يتراوح تقدير نسبة المصابين باضطراب نقص التركيز من 4% إلى 20% .
ويدوم هذا الاضطراب عادة طيلة الحياة، وهو لا يقتصر على الأطفال حيث إن أكثر من 70% من الأولاد المصابين باضطراب نقص التركيز تستمر هذه العوارض السريرية بالظهور عليهم أثناء المراهقة و 15% إلى 50% تستمر بعد بلوغهم سن الرشد في حال عدم المعالجة، قد تظهر لدى المصابين باضطراب نقص التركيز مشاكل ثانوية مع تقدمهم في السن بما في ذلك الاكتئاب والقلق والإدمان والرسوب المدرسي والمشاكل المهنية والخلافات الزوجية، أما إذا خضع هؤلاء الأشخاص للعلاج المناسب فإن معظمهم يتمتع بحياة جيدة ويتأقلم جيداً مع هذه العوارض. العلاج : غالباً ما يتطلب علاج اضطراب نقص التركيز لدى الأطفال تدخلاً تعليمياً وسلوكياً ونفسياً، تسمى هذه الطريقة العلاجية الشاملة بالمعالجة المتعددة الأنمطة وهي غالباً تتضمن : تمرين الأهل استراتيجيات سلوكية برنامج تعليمي مناسب تعليم خاص بنقص التركيز والنشاط الزائد علاج دوائي عند الحاجة
يتطلب النجاح المدرسي جملة ترتيبات في الصف وبعض التدخلات السلوكية، ويمكن تعليم معظم الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص التركيز في الصف العادي بعد إجراء بعض التعديلات على البيئة، قد يتطلب بعض الأولاد خدمات تعليمية خاصة إذا ما دعت الحاجة، ويمكن أن تؤمن هذه الخدمات في الصف العادي أو قد تستلزم مكاناً خاصاً خارج الصف يتناسب مع حاجات الطفل التعليمية. التدخل السلوكي : التدخل السلوكي هو عنصر مهم في علاج الأطفال المصابين بنقص التركيز والنشاط الزائد، وتتضمن الاستراتيجيات المهمة استعمال التعزيز الايجابي وتعليم حل المشاكل والتواصل، ويجب أن يعامل الأطفال، ولا سيما المراهقون، كأشخاص محترمين في التنظيم المدرسي وكأعضاء فاعلين في فريق العلاج. الأدوية العلاجية : المنبهات العصبية من اكثر الادوية استعمالاً في علاج العوارض المتعلقة باضطراب نقص التركيز، وان 70الى 80% تقريباً من الاطفال المصابين بهذا الاضطراب يتجاوبون مع هذه الادوية، وقد ظهر تقدم دراسي ملحوظ لدى الطلاب الذين يتناولون هذه الادوية مثل زيادة التركيز والانتباه والجهد في العمل وزيادة كمية الفروض المدرسية ودقتها، وتراجع نسبة النشاط والاندفاع والتصرفات السلبية في التفاعلات الاجتماعية وانخفاض العدائية الجسدية والكلامية، وهناك ادوية اخرى من بين تلك التي تخفض الاندفاع والنشاط الزائد والعدائية تحتوي على مضادات الاكتئاب وادوية ضغط الدم. أما البالغون المصابون بهذا الاضطراب فقد يفيدهم ان ينظموا محيطهم، كما ان الادوية الفعالة في معالجة اضطراب نقص التركيز لدى الاطفال تبدو مفيدة للبالغين المصابين بالحالة نفسها، كما قد تكون النصائح تدخلاً علاجياً مهماً.
ان العلاج النفسي القصير المدى قد يساعد البالغين على تحديد ما اذا كانت حالتهم مرتبطة بمشاكل في العمل وخلافات في العلاقات الشخصية في حين ان العلاج النفسي المطول قد يساعد على التحكم بتقلبات مزاجهم وتأمين الاستقرار في علاقاتهم وتخفيف الذنب والاحباط.
الدكتورة سعاد اليماني - استشارية الامراض والعلوم العصبية للاطفال