الخيول وسيلة جديدة لعلاج التوحد عند الاطفال
الخيول وسيلة جديدة لعلاج التوحد عند الاطفال:
عشرون دقيقة من وقوف احد الاطفال المصابين بالتوحد متابعا اطعام الخيول كانت كفيلة بانطاقه ,خالد طفل في العاشرة من عمره يميل الى الانطواء ويفتقد التواصل مع الاخرين بحسب معلمته في مركزمسار للتربية الخاصة . مراقبة خالد لطريقة اطعام الخيول افهمته العلاقة بين البرسيم والخيل واراد ان يتواصل بطريقته وبدون مساعدة احد فاقترب من احد الخيول وصرخ باعلى صوته قائلا :" حصان ، كُل! ". علاج التوحد بهذا الاسلوب هو احد البرامج التي باشرت مؤسسة الاميرة عالية الحسين باتباعها منذ العام الماضي حيث اثبتت هذه الطريقة فاعليتها في علاج العديد من الامراض التي تصيب الاطفال ويعد التوحد ابرزها وفقا للمدربة في المؤسسة سوين توكن سنكلير . ويمهد برنامج ( ننمو معا ) الذي تنفذه المؤسسة في الاصطبلات الملكية الطريق لاظهار وتنمية قدرات الاطفال من خلال الخيول والطبيعة مجانا للمؤسسات التي ترعى اطفالا من ذوي التحديات الخاصة . مديرة مركز مسار للتربية الخاصة الدكتورة وداد عقروق عرّفت التوحد بانه اضطراب في النمو ,عادة ما يظهر عند ولادة الطفل أو بعد ذلك بعامين ونصف. ويؤثر على وظيفة الدماغ الطبيعية، وبالتالي على تطوّر مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي عند الطفل واشارت الى ان العلاج باستخدام الحيوانات مهم جدا , حيث تقدم له الحنان بدون شروط وبدون انتظار الرد , وقالت ان شخصية الطفل تتغير وتنمو افضل اذا اعتنى بحيوان ما مثل القطة او الكلب او العصفور . وبينت ان اهتمام الطفل المصاب بالتوحد بحيوان اليف يولد لديه الشعور بالمسؤولية , وتقديم خدمة مفيدة للغير حتى لو كان قطة مثلا , اضافة الى انه يساهم في بناء علاقة وطيدة مع ذلك الحيوان . المدربة سوين قالت ان برنامج ( ننمو معا ) يعالج حاليا الاطفال من ذوي التوحد بشكل اساسي والاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة معربة عن املها في توسيع المشروع لضم اطفال من دور رعاية الايتام اذا وجد التمويل اللازم. وبينت ان التفاعل بين الخيول والاطفال له مفعول السحر , وقالت عادة ما يشعر الاطفال بداية بالخوف ولكن في احيان كثيرة وفي نفس الجلسة او حتى خلال اسبوع واحد يتمكن الطفل من ركوب الخيل . وقالت يبدو ان الاطفال يستطيعون التواصل مع الخيل على مستوى اعمق حيث تنشأ رابطة بين الطفل والخيل ما يعطيهم الفرصة لاتخاذ قراراتهم وان يكونوا اصحاب السيطرة. واشارت ان لدى الخيول العربية روح نبيلة وهي كريمة ,وقالت انه يبدو ان الخيول العربية تفهم انها تتعامل مع الاطفال حيث تبدو اكثر هدوءا معهم ، مؤكدة انه اذا صادف مرور حصان من امام طفل فانه يتوقف للسماح له بالمرور كأنها واعية لما يحدث! وقالت ان كل طفل مصاب بالتوحد هو حالة خاصة تختلف استجابته للعلاج عن اي طفل اخر موضحة ان هناك اشكال متعددة من السلوك لمن يعانون منه. واشارت الى ان بعض نتائج العلاج بالخيل كانت مذهلة موضحة ان احد الاطفال وعمره 8 سنوات وكان لا يتحدث الا همسا والقليل من الكلمات ,وكان يجلس في الصف دون ان يفعل شيئا ، ويكتفي بالنظر الى السقف وعندما احضرناه هنا بدأ يراقب الخيول وكانت تاكل البرسيم ولم تمض سوى 20 دقيقة عندما صرخ بصوت عال وقال " حصان , تعال , كل " . وبينت ان سلوك الطفل تغيّر وتمكن من فَهم الرابطة بينه وبين الحصان بأن عليه ان يأكل البرسيم من بين يديه , وقالت ان الطفل الان اصبح ذو شخصية مختلفة ، يتحدث بشكل طبيعي ’ يستطيع التعبير عن نفسه ويتمكن من صياغة الجمل الكاملة . وفي المقابل اشارت الى ان اطول مدة علاج تعاملت معها كانت مع طفل يعاني من قلق شديد وكان يخشى الخروج من المنزل ،وقالت حاولنا اولا اخراجه الى الاماكن المفتوحة , وكانت المسافة بينه وبين الخيل تصل الى20 مترا وتعتبر بعيدة نوعا ما . وقالت ان هذه الحالة احتاجت الى خمسة اشهر حتى تمكن الطفل من مجرد لمس الحصان .مبينة ان الطفل الان يتجول بحرية داخل الاصطبلات ويشعر بالسعادة عندما يُمسك بالحبل المربوط بالحصان ويمشي بالقرب منه. واستعرضت سوين الامراض التي تصيب الاطفال والتي يقومون بالمساعدة في علاجهم عن طريق الخيل مثل : الاطفال المكفوفون والصُـم , والشلل الرعاشي , والتلف الدماغي ،والنشاط الزائد مبينة ان مجرد التواجد مع الخيل او ركوبه يهدئ من انفعالهم . وقالت ان ردة الفعل بالنسبة للطفل المكفوف (14 عاما ) كانت رائعة , وكان على والده ان يقوم بالشرح له ,وعندما ركب الحصان بدأ بالضحك واصبح لديه شيء ايجابي في حياته . واكدت على ان علاج الاطفال داخل الاصطبلات الملكية متاح لكل طفل مريض منتسب الى احد المراكز المعنية بعلاج الحالات الخاصة وبالتالي فان الاتفاق يكون مع تلك المراكز ليتسنى احضار الاطفال المصابين الى الاصطبلات والبدء بخطة عمل علاجية لكل حالة على حدة. الدكتورة عقروق دعت ذوي الاطفال المصابين بالتوحد الى تشجيع اطفالهم على الدخول في تجارب حياتية مختلفة وخاصة تلك التي تنمي التواصل الاجتماعي سواء مع الحيوانات او مع الافراد موضحة ان الدافعية عند الاطفال تكون تجاه الامور غير المألوفة . واشارت الى ان ابرز اعراض التوحد تتمثل بمحدودية اللعب وتاخر الكلام , وردود فعل مبالغ فيها تجاه امور عادية . معلمة التربية الخاصة في المركز سماح حدادين استعرضت بعض الحالات التي استفادت من العلاج بالخيول قائلة ان تعامل الاطفال المصابين بالتوحد مع الخيول ادى الى تهذيب سلوك العديد منهم تجاه بعض الامور مشيرة الى ان الفصل الدراسي للطفل يتضمن زيارات اسبوعية للاصطبلات الملكية لتعزيز التفاعل بين الاطفال والخيول . وقالت ان من بين هذه الحالات الطفل خالد 11سنة وكان هادئا جدا ويتحدث بصوت منخفض موضحة انه ما ان رأى الخيل تأكل البرسيم الا واخذ يصيح باعلى صوته وبادر باطعامها على الفور , الا ان احمد 6 سنوات الذي يعاني من تكرار الكلمات التي يسمعها دون ان يدرك كيفية توظيفها في جملة مفيدة تفيد الغرض , احتاج الى عدة زيارات الى ان تمكن من الحديث بجمل مفيدة مع الحصان اثناء ركوبه ، واصبح يقول مثلا : (حصان , امشي ). وبينت ان العلاج بالخيول يستدعي ركوبها بدون سرج لوجود افتراض بان الاحساس بحركة الخيل اثناء مشيها يؤدي الى تحفيز قدرة الطفل على التواصل من ضمن الحالات ايضا الطفل سامي الذي يعاني من فرط حركي شديد مؤكدة ان وجوده مع الخيل ادى الى تهدئته وساهم في امكانية التواصل معه بروية تامة , واصبح تجاوبه وتفاعله مع الاخرين افضل....