العلاج بالموسيقى والتوحد
العلاج بالموسيقى والتوحد
يختلف الكثيرين في أهمية ادراج الموسيقى أو الإيقاع ضمن مواد تعليم وتدريب الأطفال الذين يعانون من إعاقة التوحد وهل وجودها له تأثير ايجابي على هؤلاء الأطفال ؟
رأي الخاص : هو نعم بشدة ويأتي الإصرار من خلال ملاحظاتي لأطفال مصابون بالتوحد يظهرون استمتاعا غير محدد لحصص الموسيقى واهتماما بالحلقات الغنائية وانتباها واضحا لمقاطع موسيقية سواء في الراديو كاسيت أو الأفلام الكرتونية أو الدعايات التلفزيونية ، ويأتي أيضا هذا الإصرار من خلال تجربتي الشخصية مع اثنين من تلامذتي كان التعبير اللفظي لديهما معدوم حتى عمر 9 سنوات للأول و11 سنة للثاني ولكن بعد اتباع برنامج موسيقى إيقاعي معها أبديا تقدم ملموس على صعيد التواصل اللفظي واضحا يشاركان بلفظ أكثر كلمات الأغاني الموضوعة في الخطة الخاصة بهما . ومن هنا يأتي إيماني بأهمية الموسيقى ليس فقط في مساعدة الطفل التوحدي على التركيز والتواصل بل على مساعدته ايضا على المشي والتوازن . أساليب أخرى تدخل ضمن العلاج الموسيقى: 1-جهاز الأشعة الصوتية الموسيقية أو الـ (Sound Beam) وأول من استعمله هو الدكتور فيليب إليس من جامعة وارك في إنجلترا وهو جهاز يعمل على الأشعة يصدر أصوات موسيقية عند كل حركة يقوم بها الطفل فالنظرية تقول ان الطفل تجذبه الأصوات الصادرة عن هذا الجهاز وتشجعه على التواصل هذا عدا إمكانية ان يربط الطفل حركته مع الصوت الذي يصدره الجهاز ويتعلم بعد ذلك ان كل فعل له ردة فعل ويبدأ بعدها بالتواصل مع المعلم والاستجابة للتوجهات والتي يمكن تطويرها لاحقا حسب البرنامج الموضوع . 2-استعمال ميكروفون ومكبرات صوت في حصص الغناء وذلك يدفع الطفل ويشجعه على لفظ الأحرف والكلمات وخاصة اذا استطعنا الحصول على جهاز تغير الأصوات والصدى . رغم أن الإصابة باضطراب التوحد تؤدي إلى إلحاق الأذى والخلل بجميع نواحي النمو لدى الأطفال المصابين التي تشمل النواحي المعرفية والسلوكية والاجتماعية إلا أن التواصل اللفظي يعتبر من أهم المحاور المتضررة جراء تلك الإصابة. فالتواصل من خلال ألفاظ معبرة لدى المصاب التوحد ربما كان معدوما أو نادرا جدا. وتظهر مشكلة الكلام لدى مصابي التوحد من الرفض الكامل له إلى إصدار أصوات غير مفهومة والصراخ والزعيق والهمهمة أو الصدائية - أي ترديد كلام الآخرين دون فهم للمعنى - أو قلب الضمائر وعكسها وقد يصل بعض الأطفال إلى لفظ عبارات أو أشباه جمل أو حتى جمل طويلة لكنها تكون غير معبرة. في معالجة هذه الاضطرابات وسائل وتقنيات متعددة ومن أهمها تلك التي يستخدمها اختصاصي النطق والتواصل من خلال الجلسات الدورية التي يقوم بها بالإضافة إلى وسائل أخرى مساعدة وموازية لتلك التي يقوم بها اختصاصي النطق كالعلاج بالموسيقى. حيث تعد الموسيقى تقنية فريدة من نوعها مع طرق العلاج الأخرى وذلك من خلال إحداث تغييرات في سلوك الإنسان، إذ تستخدم الموسيقى كأداة تساعد على التطور في المجالات «الاجتماعية - العاطفية والمعرفية» بسبب تجاوب الإنسان معها بطريقة أو بأخرى. ويحتوي تدريب اختصاصي المعالجة بالموسيقى على برنامج متكامل من الدروس الموسيقية إلى جانب دروس معينة في علم النفس والتربية الخاصة هذا فضلا عن دروس أساسية وعملية في العلاج بالموسيقى ولهذا النوع من العلاج أهميته الكبيرة مع مصابي التوحد. فالألعاب الموسيقية كتمرير الكرة على وقع الموسيقى أو اللعب بالعصي أو الصنوج مع الآخرين تساعد على تنمية وتطوير التواصل لدى الأطفال كما انها تشجع التواصل بالنظر . و ذلك من خلال التصفيق باليدين أو رن الجرس على مقربة من عيني الطفل أو من خلال النشاطات التي تركز الانتباه على آلة موسيقية يتم العزف عليها على مقربة من وجهه كما يمكن استخدام الموسيقى المفضلة لدى الأطفال وذلك لتحقيق أغراض متنوعة في السلوك الاجتماعي المتعاون كالجلوس على الكرسي أو البقاء مع الأطفال الآخرين ضمن حلقة الرقص. ومن المتعارف عليه أن الأطفال المصابين بالتوحد يظهرون استجابات مميزة تجاه الموسيقى فبعضهم يصدر أصواتاً ذات نغمة متقنة في حين نجد لدى الكثيرين منهم موهبة موسيقية استثنائية للعزف على الآلة الموسيقية. ويستجيب بعض الأطفال استجابة مميزة فقط لأصوات معينة فقد تمكن احد الأطفال على سبيل المثال من أن يغني بعد أن عزف على الاكسيلوفون «الخشبية» سلسلة من الأصوات الهارمونية بدءا من درجة النغمة الأساسية وما ان عزف الاختصاصي نغمتين أو ثلاث نغمات على الاكسيلوفون حتى بدأ الطفل بتقليدها. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد الذين لا يتكلمون قد يغنون أحيانا فيمكن لاختصاصي العلاج بالموسيقى واختصاصي النطق والتواصل أن يعملا بشكل منظم على تعزيز الكلام وتشجيعه من خلال النشاطات الموسيقية الغنائية. وأثناء حصة الموسيقى يمكن للاغاني ذات الكلمات البسيطة والعبارات المكررة أن تساعد على تحسين التواصل باللفظ لدى طفل التوحد ويمكن للعبارات والأغاني التي ترافقها مؤثرات مرئية . وملموسة أن تسهل هذه العملية فقد تعلم الطفل (الصدائي)الذي يبلغ من العمر ست سنوات الكلام من خلال غناء الاختصاصي عبارات من أسئلة وأجوبة بسيطة ذات نغمة مألوفة مع مرافقتها بالإيقاع ويحمل الطفل في هذه الأثناء ذلك الشيء كما في المثال التالي: هل تأكل التفاحة ؟ نعم نعم هل تأكل التفاحة ؟ نعم نعم هل تأكل التفاحة ؟ نعم نعم نعم نعم نعم هل تأكل القلم؟ لا لا لا هل تأكل القلم؟ لا لا لا هل تأكل القلم؟ لا لا لا لا لا لا كما تعلم لطفل آخر الاسم والعبارات الفعلية وقد كان الاختصاصي يتلاعب بدمية كبيرة وهو يؤدي الأغنية هذه لعبة هذه لعبة هذه اللعبة تقفز هذه اللعبة تقفز هذه لعبة هذه لعبة ومن ثم يتم استبدال الكلمات «تنام - تجلس - تمشي - تأكل .... الخ» وبما ان الكلمات ذاتها يتم تكرارها وبعد أن يتم إلغاء الموسيقى تماما فقد تمكن الطفل من أن يلفظ الجملة كاملة كاستجابة للأسئلة التي تطرح عليه كـ «ما هذا؟» و«ما الذي تفعله الدمية»؟.