رسالة من كل طفل في طيف التوحُّد.. بقلم نفسه حين يكبُر!
رسالة من كل طفل في طيف التوحُّد.. بقلم نفسه حين يكبُر!
أنا بالغٌ مصنَّفٌ ضمن طيف التوحُّد، وحين كنت طفلًا كنت معذَّبًا بسبب المعلمين إذ يصفونني بـ«الطفل سيِّء السلوك». لم أكن حينها أجيد التواصل للتعبير عن نفسي وتوضيح احتياجاتي وبيان وجهة نظري.
لذلك فإنني الآن تمثلتُ عقل الطفل الذي كنتُه قديمًا، وكتبتُ خطابًا لمعلِّمتي؛ بثثتُ فيه ما كنتُ لأقوله لها لو كنتُ أستطيع التواصل كما أنا الآن.
وهذا الخطاب هو بيان ما يريد كلُّ طفل ضمن طيف التوحُّد أن يصرِّح به لمعلِّميه لو حَظِيَ بالفرصة. وسيكون عظيمًا لو استطعتم نشر هذا الخطاب عبر الإنترنت لتثقيف الناس بالطريقة الصحيحة. كل ما يحتاجه الأطفال هو شخص يرغب في تفهَّمهم.
إذن.. اقرأ خطابي، وتفضَّل بالدخول إلى عقل طفلك المتوحِّد، مكتوبًا بيده إذا أصبح بالغًا. هذا ما كنتُ سأقوله لمعلِّمتي لو حظيتُ بالفرصة.
معلِّمتي العزيزة..
لقد أرسلتِ إلى أبي وأمي اليوم خطابا رسميًّا جدًّا تسبب في شعورهم بالتوتر مما جعلني حزينًا جدًّا. أردتُ أن أبكي؛ لكنني في الحقيقة أعاني في سبيل التعبير عن مشاعري. وبدلًا من ذلك انتابني الغضب الذي جعلني أدفع أمي بعيدًا بينما أهتفُ وأصرخ.
ولذا قام أبي -أعني والدي- فأخذني إلى حجرة نومي لأحصل على وقت مستقطع أهدأ فيه. لقد استخدمت لفظة «والدي» لأنني أُحاكِي المحيطين بي وأحاول تقليد أسلوبك في الكتابة. آنستي المعلِّمة، انا لدي توحُّد وأريدك أن تقلِّديني حتى لا أوصف بأني «طفل سيِّء».
حين أثور عليكِ في الفصل فأنا لا أفعل ذلك لأنني طفل سيء. أنا لا أعني تلك الثورة؛ لكنني فقط فعلتُ ذلك لأني لا أفهم كلامك لي. يجتاحني الندمُ من فوري حين أصرخ في وجهك. مصباح الضوء في الفصل يتأرجح وهذا يسبب لي شعورًا عظيمًا بعدم الراحة. هذا يؤلمني حقًّا. أصبح قَلِقًا ولا أستطيع إيجاد الكلمات المناسبة لأعبر عن شعوري.
أضطربُ حين تأمرينني بعدَّة أفعالٍ مركَّبةٍ في ذات الوقت، وأصبح قلقًا أيضا، ثم أنسى ما الذي طلبتيه مني. لا أفعل هذا عن عمد. لكنني أحظى بذاكرةٍ طويلة المدى حديدية لكن ذاكرتي قصيرة المدى سيِّئة.
أنا أتواصل أفضل عندما يتم كتابة التعليمات بدلًا من تلاوتها، وينتابني القلق حين تطلبين مني الوقوف للحديث أمام الفصل كله. لقد بكت والدتي وكذلك والدي حين أرسلتي إليهم خطابا تقولين فيه أني سيِّء السلوك. أنهما يلومان نفسيهما وأريد أن أخفف عنهما لكن الكلمات لا تسعفني. وهذا يزعجني بحقّ.
التعايش مع التوحُّد ليس سهلًا إنه صعب؛ جدّ صعب.
لكنني أومن باستطاعتنا فعل أي شيء إذا عَزَمَت عقولُنا عليه. لا نحتاج سوى أن يرغب الناس في تفهُّمنا. أنا أحتاجك أن تتفهَّميني.
إذن آنستي المعلِّمة أنا أريد أن نعمل سويًا وأن نتفهَّم بعضنا البعض. هناك مقولة شهيرة أحبُّها كثيرًا هي «إذا حَكَمْتَ على سمكة من واقع قدرتها على تسلًّق شجرة فستمضي السمكة حياتها مقتنعة أنها غبيّة» أنا لا أتعلم الأشياء بذات الطريقة التي تتعلمين بها.
لا أتوقع أن تصبحي خبيرة بالتوحُّد لكنني أريدك أن تتفهميني بما يكفي كي لا تنعتيني بـ «سيِّء السلوك» هذا يؤذيني فوق ما تتصورين.