علاج جديد للقضاء على الأعراض وتأخر النموِّ
التوحد: علاج جديد للقضاء على الأعراض وتأخُّر النموِّ
ثمة علاج جديد فعال للتوحد يرتكز على أساليب بسيطة يتعلمها الوالدان. اكتشفت دراسة حديثة أن العلاج المبكر للغاية للأطفال الصغار الذين تظهر عليهم أولى علامات التوحد يمكن أن يُقَلِّلَ من الأعراض إلى حدٍّ كبير، لدرجة أنه عند بلوغ الأطفال سن الثالثة لن يُعَانِيَ معظمهم من أيِّ وجه من أَوْجُهِ تأخُّر النموِّ. «البداية منذ الطفولة المبكرة» هو اسم علاج سلوكي حديث، يقدِّم والدا الأطفال أغلبه، طوَّره خبراء التوحد في جامعة كاليفورنيا، ديفيز وجامعة ديوك في نورث كارولاينا. ونُشِرَتْ حديثًا نتائج دراسة تجريبية لهذا العلاج في مجلة جورنال أوف أوتيزم آند ديفلوبمنتال ديسؤردَرز (روجرز وأوزنوف، ٢٠١٤). تشرح البروفيسور سالي جيه روجرز، المؤلفة الأولى للدراسة النتائجَ المذهلة للعلاج: معظم الأطفال في هذه الدراسة — ستة من بين كل سبعة أطفال — لحقوا بأقرانهم في كل مهارات التعلُّم واللغة في الوقت الذي كانت تتراوح أعمارهم ما بين الثانية والثالثة. معظم الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد نادرًا ما يَتِمُّ تشخيص مرضهم قبل تلك السن. بالنسبة إلى الأطفال الذين يحقِّقون معدلات نمو طبيعية، فإننا نحسِّن في الأساس من أوجه تأخُّر النمو لديهم. لقد سرَّعنا معدلات النمو وغيرها من المؤشرات، ليس لكل طفل من أطفال العينة فحسب، بل لستة أطفال من أصل سبعة. وكانت النتائج تُعْزَى إلى حدٍّ كبير إلى الآباء: لقد كان الآباء — لا المعالجون — هم مَن فعلوا ذلك. يوجد الآباء مع أطفالهم الصغار يوميًّا. إنها تلك اللحظات القليلة المتمثِّلة في لحظات تغيير الحفاضات والإطعام واللعب على الأرض والذهاب في نزهة سير، والتأرجح على الأرجوحة، هي لحظات التعلُّم المهمة بالنسبة إلى الأطفال الصغار. إن تلك اللحظات هي ما يمكن للوالدَيْن استغلالها بطريقة لا يستطيع أحدٌ غيرهما استغلالها في واقع الأمر يتضمَّن علاج «البداية منذ الطفولة المبكرة» تدريبَ الوالدَيْن على يد المعالجين كي يساعدا أبناءهما على الانتباه إلى الإشارات الاجتماعية، ذلك الجانب الذي يَفْتَقِرُ إليه عادةً الأطفال المصابون بالتوحد. خلال الأنشطة اليومية العادية للأطفال، يساعد الآباء والأمهات أطفالهم على التركيز على ما يلي: وجوه وأصوات الوالدَيْن. أوجه التفاعل التي تجذب انتباه الأطفال الصغار؛ مما يجلب الابتسامات والبهجة إلى كلا الطرفين. تقليد أصوات الأطفال الصغار وأفعالهم المقصودة. استخدام الألعاب لدعم الانتباه الاجتماعي للطفل، بدلًا من منافسته. من الأسباب الأساسية لنجاح العلاج التدخُّلُ المبكر. الأطفال الصغار الذين أُجْرِيَتْ عليهم الدراسة كانت تتراوح أعمارهم ما بين ٦ أشهر و١٥ شهرًا، وكانوا بالفعل تظهر عليهم الأعراض على نحو شديد، وكانوا مُعَرَّضِين لخطر الإصابة بالتوحد. التدخُّل في هذه الحالة يحدث في سن أبكر بكثير من السن التي يتلقَّى فيها معظم الأطفال علاجًا متخصصًا. إليكم كيفية تحديد علامات التوحد المبكرة لدى الأطفال الصغار: رغم صغر حجم الدراسة تُعَدُّ النتائج مُبَشِّرَةً، لكنها تحتاج استقصاءً أوسعَ نطاقًا مع أحجام عينات أكبر. أسرعت روجرز بتوضيح أنها لا تحاول «شفاء» التوحد، فقالت: الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد يُسْهِمُون إسهامًا عظيمًا في ثقافتنا. إن تنوع الطبيعة البشرية هو ما يجعلنا نَوْعًا مؤثِّرًا وقويًّا من المخلوقات. إننا نحاول تقليل الإعاقة المرتبطة باضطراب طيف التوحد. هدفي هو أن يستطيع الأطفال والبالغون المصابون بأعراض التوحد أن يشتركوا بنجاح في الحياة اليومية، وفي كل جوانب المجتمع التي يريدون الاشتراك فيها؛ فيحظوا بعمل مُرْضٍ واستجمام سارٍّ وعلاقات مشبعة، وبتعليم يُلَبِّي احتياجاتهم وأهدافهم، وبمجموعة من الأشخاص الذين يحبونهم، وأن يكونوا سعداء في العموم بحياتهم.