top of page

استخدام العلاج الدوائي للتوحديين Some Biomedical Approaches to Autism


استخدام العلاج الدوائي للتوحديين Some Biomedical Approaches to Autism

إن استخدام أي نوع من العلاج لذوي التوحد مسألة مثيرة للجدل!!! فمن ناحية هناك من يقول أن إعطاء أي نوع من الدواء بالنسبة للناس العاجزين عن التعبير عن موافقتهم لا مبرر له على الإطلاق، ومن الناحية الأخرى توجد ثقة ملحوظة في أن أي دواء يقدمه الطبيب يجب أن يكون نافعاً. وكالمعتاد فإن الحقيقية توجد في مكان ما بين هذين الرأيين، ولكن من الصعب تقديم إجابات قاطعة عن أدوية معينة. على كل حال، هناك مبادئ معينة يجب وضعها في الاعتبار قبل استعمال الأدوية القوية. ويشتمل هذا التقرير على دراسة موجزة لمجموعات الأدوية الرئيسية التي يستخدمها الأفراد من ذوي التوحد، ولكن قبل النظر في فائدة أي أدوية معينة فإن هناك جوانب معينة لها ذات الأهمية في اختيار المادة الكيميائية.

الآثار الجانبية ينبغي أن نتوقع دائماً بأن هناك بعض أنواع الآثار الجانبية. ويكاد يصح القول بأنه لا يوجد دواء بدون آثار جانبية. وللأسف فإن هذا صحيح خاصة عندما ندرس الأدوية التي تؤثر على المخ خاصة وأن مفعولها غير محدد عادة، ولذلك يجب أن يكون الطبيب الذي يصف الدواء وأيضاً من يقومون بالرعاية منتبهين لأي تغيير قد يحدث في السلوك أو الأداء. ونظراً لأن المرضى الذين يتعاطون الدواء غير قادرين على التعبير عن هذه الآثار، فإنه من مسؤوليتنا أن نكون حذرين جداً.

الاختلاف في الاستجابة للعلاج قد يكون اضطراب التوحد نتيجة لأسباب مختلفة وأن تنوع الشذوذ البيولوجي قد يتسبب في الاضطراب النفسي والسلوكي. لذا يستحيل الجزم بالدواء الذي سيكون أو لا يكون فاعلاً لشخص معين. وحتى الآن لا يوجد دواء اتضح أنه مفيد لجميع ذوي التوحد. هناك الكثير من الأدلة الحديثة على وجود أنواع من الشذوذ في العمليات الكيميائية ـ الحيوية للأشخاص ذوي التوحد. ويتوقع فقط أن تكون استجابتهم للأدوية مختلفة مما يلاحظ لدى باقي الناس. ولا نعني حقيقة أن الدواء يؤثر بطريقة معينة لدى باقي الناس بالضرورة وأن نفس الأثر سيحدث لدى الأفراد ذوي التوحد.

تحديد الجرعات والتقيد بالتعليمات هناك مشكلة أخرى هي أن الآثار تختلف كثيراً وفقا للجرعات المستخدمة. فالجرعة الأكبر قد لا تكون لها بالضرورة فاعلية أكبر. فقد تكون نتائج الجرعة الأكبر عكس تلك الملاحظة عند تناول جرعة أقل، ولذلك فإن دراسة آثار الكحول ستساعد في توضيح الأمر. إن الغالبية العظمى من الأدوية خاصة الأدوية المستخدمة في المنازل لا تستعمل طبقاً لرغبات وتعليمات الأطباء. وتتغير الآثار بصورة كبيرة جداً إذا لم يتم تناول الأدوية في مواعيدها الصحيحة أو إذا تم تجاهل التعليمات الخاصة بتناولها مع الطعام أو بدونه. وإن إحدى الممارسات الخطيرة جداً تتمثل في تناول الحبوب والكبسولات دون ماء أو أي سائل آخر لتسهيل انسيابها إلى المعدة حيث تتحلل وتفرغ محتوياتها. ومعلوم أن المريء الواصل من الحلقوم إلى المعدة ليس كأنبوب صلب، لذا فإنه يجب تناول 100 ملل من السوائل مع تناول أي دواء لأن الدواء قد يبقى في المريء ويسبب تلفاً لبطانته. إن مهمة الطبيب صعبة جداً في تحديد الدواء المناسب لحاجة الفرد ذي التوحد، وقد يحتاج إلى تجريب أنواع من الأدوية والجرعات قبل تحديد البرنامج الفاعل والمناسب. وعلى من يقومون بالرعاية أن يقدموا ملاحظاتهم للطبيب إذا كانت لهم أي فرصة في المساعدة. وإذا لم يكن للدواء أي مفعول فينبغي عدم استعماله، ولكن إذا أمكن تحسين حياة الشخص ذي التوحد أو تسهيلها باستخدام الدواء فيجب ألا يرفضوا تلك المساعدة بسبب هاجس غير مبرر من قبل من يقوم برعاية الشخص ذي التوحد والذي يعتقد فيه أن كل الأدوية مضرة. تستخدم الأدوية الفاعلة للسيطرة على بعض المشكلات المصاحبة للتوحد كالصرع مثلاً، ولكن يجب التسليم بأن محاولات تحقيق تحسن سريع في علاج التوحد قد ظهر فشلها. وزُعم تحقيق بعض النجاح في علاج مجموعات معينة من الأعراض حيث تم تطوير أدوية مضادة لها واستعمالها. هناك عدد ضخم من الأدوية المستعملة، كما أن استعمال الكثير من تلك الأدوية يكشف عدم قدرتنا على إيضاح نتائج أكثر وفي معظم الحالات فإن نتائجها تجميلية.

الأدوية يتكون المخ من بلايين النيورونات (الخلايا Neurons) التي تتصل مع بضعها بواسطة الفروع، وهذه الخلايا في الحقيقة لا تلامس بعضها بعضاً، حيث توجد فجوات دقيقة، وتستخدم المواد الكيماوية في الاتصال بين هذه النيترونات حيث تنقل النبض بين الخلايا عبر هذه الفجوات. ويستخدم المخ عدداً من المواد الكيماوية لهذا الغرض (كالدوبامين والنرورادرينالين والسيروتونين وقابا مثلاً) (Serotonin, and Gaba Dopamine, Noradrenaline) وعند هذه الفجوات تعزز الأغلبية العظمى من الأدوية المستخدمة في التوحد آثارها.

الأدوية التي تستعمل للنظام الدوبامنيرجي إن الأدوية العصبية مثل الكلوريرومازين (Largactil) والثيرودازين (Melleril) تعتبر أمثلة لعدد كبير من الأدوية التي تعمل على الأنظمة الدوبامنيرجية (Dopaminergic). وقد طورت هذه الأدوية بداية للعمل ضد الاضطرابات النفسية مثل الشيزوفرينيا، وفي بعض الحالات أثبتت أنها مفيدة جداً ومساعدة المرضى فهي تعمل بالإغلاق الجزئي بواسطة الدوبامين (Dopamine) وكذلك الحال بالنسبة للشيزوفرينيا حيث يستخدم مزيد من البث الدوبامنيرجي، ويعتبر استعمالها منطقياً. ولكن يصعب تبرير استخدامها في التوحد، كما يصعب الحصول على فوائد لها. وقد يكون البث الدوبامنيرجي في التوحد قد قلص في جميع الحالات وأن استخدام الأدوية التي تقلصه أكثر غير منطقي. وقد تكون هناك حالات يمكن فيها تبرير استخدام هذه الأدوية. فعلى سبيل المثال عند الاضطراب السلوكي قد تساعد هذه الأدوية في تهدئة الشخص، ولكن في التوحد قد لا تكون النتائج دائما كافية لتبرير استخدامها. توجد في تلك الأدوية مشكلات حقيقية تتعلق بآثارها الجانبية. وقد تكون ذات نوع هرمي زائد حيث توجد فيها أنواع من الحركات التي لا يمكن السيطرة عليها أو التحكم فيها مثل عدم القدرة على الهدوء أو الرجفة وفي بعض الحالات الإغماء التشنجي. وتتم السيطرة على هذه الآثار الجانبية عادة باستعمال أدوية أخرى مثل الأورفينادرين Orphenadrine Disipal. وهناك خطر كبير جداً من استعمال هذه الأدوية العصبية لفترات طويلة من الزمن. حيث قد تظهر آثار مثل ضعف الحركة الاختيارية وقد تكون هذه الأعراض دائمة. كما أن الآلية الدقيقة لهذه الآثار الجانبية غير معروفة، ولكن الحركات التي لا يمكن التحكم فيها خاصة بروز اللسان، وحركات الجسم المميزة، حيث يمكن التحكم فيها فقط باستعمال جرعات زائدة من الدواء. وعند معالجة الناس بهذه الأدوية لبعض الوقت فإن ظهور هذه الأعراض يعوق محاولات تقليل الجرعات. ومن الصعب تبرير الاستمرار في استعمال تلك الأدوية بسبب ما تحتويه من آثار جانبية خطيرة. كما أن عدم قدرتها على علاج التوحد يحول دون استخدامها إلاّ لفترات زمنية قصيرة وعند الضرورة القصوى. توجد مجموعة من أدوية الشد العصبي الشاذة والهامة جداً والتي يكون استعمالها أكثر تبريراً. وسيختلف أثر الأدوية مثل هالوبريدول Serenace, Haldol (سيريناس، هالدول)، وسلبريد (Dolmatil) مع تركيز الاستعمال. وهي تثير البث الدوبامنيرجي Dopaminergic عند إعطائها بجرعات منخفضة ولكنها تزيله عند إعطائها بجرعات عالية. وقد كتب كتاب معينون عن النتائج المفيدة لهذه الجرعات المنخفضة ولكن يجب تحديد الجرعة المناسبة لكل مادة معينة.

الأدوية الفعالة مع النظام السيراتونيرجي أوضح عدد من العاملين أن مستويات السيروتونين في الدم (Serotonin) المعروف أيضاً بـ فيفث هايدروكسي تريبتامين أو (5-HT) في الدم أعلى بنسبة 35% – 40% عند ذوي التوحد من باقي الناس. ويقود هذا إلى الاقتراح القائل بأن دواء التخسيس فينفلورامين (Ponderax) المعروف بأنه يقلل هذه المستويات قد يكون مفيداً لذوي التوحد، وقد كانت النتائج المبكرة واعدة جداً، ولكن التجارب اللاحقة أدت في مجملها إلى نتائج مخيبة للآمال. وقد يكون الفينفلورامين (Fenfluramine) مفيداً لعدد من الناس ذوي التوحد عندما تفرز نهايات الأعصاب مادة السيروتونين (serotonin) لذا فإن كثيراً منه يعاد امتصاصه واستخدامه مرة أخرى. وتعمل العديد من الأدوية المضادة للاكتئاب على منع أو إزالة إعادة هذا الامتصاص وينتج عن ذلك بقاء مادة سيروتونين أكثر في الفجوة لتنبيه طرف العصب المستقبل. وتعمل هذه الأدوية بفعالية لزيادة السريان في هذه الأجهزة. وفي ذات الوقت قد يحدث خفض لكمية مادة السيروتونين التي تفرزها نهايات الأعصاب، وقد ينتج عن هذا انخفاض في حجم الانتقال بين الأطراف العصبية. لذا فإن من الصعب التكهن ما إذا كان استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب سيكون مفيداً أم لا، أم أنه سيزيد حالة التوحد إلى مستوى أسوأ. ومع أن الأدوية التي تعطى لبعض الناس مثل كلوميبرامين (Anafranil) أو الفلكسيتين (Prozac) مفيدة في تقليل الاكتئاب والعدوانية ولكنها قد تفاقم الموقف. ومن الواضح أن آثار تلك الأدوية قد تستغرق عدة أسابيع قبل أن تتضح.

الأدوية التي تؤثر على نظام قابا (GABA) إن الأدوية مثل الفاليوم تعمل على تنبيه نظام قابا (GABA) وتستخدم عادة لتقليل مستويات القلق. وبناءً عليه فإنها تبدو من الوهلة الأولى مناسبة للأشخاص الذين لديهم ذاتية التركيز، وإن إحدى تأثيرات تلك الأدوية هي تثبيط الانتقال في الأنظمة الدوبامنتية الفعل، وعلى أي حال يمكن تقليلها لهذا الانتقال. إن دراسة النتائج باستخدام تلك الأدوية على ما يبدوهو لتأييد النظرة لها بأنها ذات فائدة قليلة. وهذا ليس للقول بأنه ليست لها فائدة في مواقف طارئة محددة، غير أنها تبدو لتحسين وتلطيف ذاتية الذاكرة بأي حال.

الأدوية التي تؤثر على النظام النوراديرينيرجي تستخدم مجموعة الأدوية المعروفة باسم مانعات بيتا (Beta Blockers) عادة لخفض ضغط الدم ولكن قد تكون لها تأثيرات على المخ أيضاً. وهي تستخدم عادة لتقليل آثار التوتر وقد استخدمت كذلك في الولايات المتحدة خاصة لمساعدة الناس من ذوي التوحد. ومع أنه من الصعب العثور على دليل عن حالات تحسن واضحة، فإنه يمكن النظر في استخدامها. وقد تكون هناك أسباب وجيهة لعدم تشجيع استخدام تلك الأدوية. استخدمت أدوية مثل أمفيتامين Amphetamines التي تحفز هذا النظام للسيطرة على النشاط المفرط وعدم المقدرة على التركيز والانتباه. كما أن أي تحسن في هذه الأعراض المقصودة ضئيل لأبعد الحدود ومصحوب بزيادة في السلوك المتكرر الذي لا يتغير. ولا تجد إلا القليل من المؤيدين لها في أوساط الأطباء البريطانيين.

الأدوية التي تزيل نظام الأفيون المخدر تنص نظرية الأفيون الزائد أنه يوجد لسبب أو آخر ارتفاع في مستويات مركبات أوبيويد (Endorphins) في الجسم لدى الأشخاص ذوي التوحد، وقد يكون استخدام دواء مضاد للأندورفين (Endorphin) مثل النالتريكسون على أساس نظري مناسباً. والنالتريكسون (Naltrexone) هو واحد من تلك الأدوية المشار إليها سابقاً والتي تعتبر فيها الجرعة خطيرة، وأن الجرعات التي استخدمت في التجارب السابقة كانت كبيرة جداً حيث لم تلاحظ أي فوائد منها.

وقد كشفت أحدث التجارب التي تستخدم جرعات ضئيلة جداً عن نتائج مفيدة فيما يتعلق بالقدرة على الاندماج الاجتماعي، وتقليل سلوك إيذاء الذات لدى نسبة من الناس ذوي التوحد. ولا تزال التجارب الإكلينيكية مستمرة بانتظار النتائج. وكما هو الحال بالنسبة لبعض الأدوية فقد استخدمت مركبات الليثيوم (Lithium) أولاً في السيطرة على بعض أعراض الشيزوفرينيا (انفصام الشخصية) وجرى اختبارها لاحقا للناس ذوي التوحد. ويبدو أن التقارير تشير إلى أن هناك فائدة محتملة في بعض الحالات التي يعاني فيها المريض من العدوانية وخاصة إذا كانت مصحوبة بسلوك نمطي أو فرط في النشاط. إضافة إلى ذلك فقد يكون لليثيوم (Lithium) فائدة في تلطيف تأرجح الحالة النفسية أو التذبذب المتكرر في السلوك الذي يعاني منه بعض الناس ذوي التوحد. ويتفاوت الناس بدرجة كبيرة في استجابتهم لليثيوم، وبصفة خاصة فإن الجرعات المطلوبة قد تتفاوت بصورة كبيرة حيث أنه من الضروري للطبيب أن يراقب كمية الليثيوم في الدم للتأكد من الكميات المثالية لكل حالة.

كاربامازيبين إن لعقار كاربامازيبين (Tegretol) آثار عديدة، ولكنه يوصف عادة للسيطرة على حالة الصرع. كما يبدو أنه يقلل من تذبذب الحالة النفسية المشار إليها أعلاه، وينبغي دراسته حيث توجد مشكلة. هناك العديد من الأدوية التي أعطيت لذوي التوحد ولكن حتى في الوقت الذي حدثت فيه بعض النجاحات في معالجة أنواع معينة من السلوك فإنهم لا زالوا غير قادرين على إنتاج دواء يحسن من الأعراض الرئيسية للتوحد بصورة ملحوظة وخلال فترة زمنية. وفي نفس الوقت توجد العديد من المنتجات التي ينبغي دراستها لحالات معينة، ولكن نظراً للتنوع الضخم في استجابات الأفراد والاختلافات في الجرعات المطلوبة فإنه يتعذر التكهن بالنتائج. ويتعين تهيئة الطبيب والشخص التوحدي. ويتطلب الدواء الناجح تواصلاً حقيقياً بين الطبيب والمريض وممثله. وعلى المرضى ومن يقومون برعايتهم أن يكونوا مدركين لفوائد العلاج الدوائي وأضراره المحتملة وأن يتشاوروا مع الطبيب حيثما أمكن ذلك.

الموضوعات المميزة
موضوعات أخري
علامات البحث
لا توجد علامات بعد.
من نحن
bottom of page