متلازمة توريت Tourette syndrome - الجزء الاول-
متلازمة توريت Tourette syndrome -الجزء الاول- متلازمة توريت (وتعرف أيضًا باضطراب توريت أو متلازمة جيليس دو لا توريت) اضطرابًا نيورولوجيًا (عصبيًا) وراثيًا تبدأ أعراضه في الظهور على الحالات المصابة به خلال مرحلة الطفولة. ومن خصائصه أن تُظْهِرَ الحالة المصابة به لزمات حركية بدنية متعددة وعلى الأقل لزمة صوتية واحدة، وتأتي هذه اللزمات على هيئة نوبات متتابعة يعقبها فترات هدوء ثم سرعان ما تباغت الحالة مرة أخرى وهكذا. وعادة ما يتم تعريف متلازمة توريت كجزء من طيف العرات أو اللزمات أو طيف اضطرابات اللزمات الحركية والصوتية، والتي تتضمن لزمات حركية وصوتية متناوبة ومزمنة.
ويعتبر اضطراب توريت متلازمة نادرة وشديدة الشذوذ والغرابة، وغالبًا ما تقترن بإصدار كلمات فاحشة أو بذيئة وغير مقبولة اجتماعيًا مصحوبة بعبارات وعلامات الاستهزاء والسخرية فيما يطلق عليه اصطلاحًا ظاهرة الفحش من القول coprolalia أو البذاءة (والْبَذَاءَةُ لُغَةً: السَّفَاهَةُ وَالْفُحْشُ فِي الْمَنْطِقِ وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ صِدْقًا) . وبالرغم من ذلك، فإن هذا العرض الأخير لا يظهر إلا لدى عددٍ قليلٍ من ذوي متلازمة توريت. والجدير بالتنويه، أن اضطراب توريت لم يعد حالة نادرة الشيوع كما كان يُعْتَقَدُ من قبل، إذ أن الاعتقاد بندرة شيوع هذا الاضطراب كان راجعًا إلى عدم تقدم أدوات التعرف والتشخيص وذلك لأن الأعراض غالبًا ما تكون بسيطة. وإذا اعتبرنا أن معدل شيوع هذا الاضطراب بين سكان أي مجتمع يتمثل في 1 أي حالة من بين كل 100 شخص، لأمكن القول بوجود أكثر من 530.000 طفلاً من أطفال مرحلة المدرسة بالولايات المتحدة الأمريكية مصابًا بهذه المتلازمة. إذ يمكن أن يلاحظ عليهم بعض أعراض اللزمات الشائعة مثل رفرفة حاجبي العين، نوبات الكحة أو السعال غير المرتبطة بأمراض مشخصة، تسليك الزور بصورة متكررة وغير اعتيادية، الشتم والسب، وحركات الوجه غير الاعتيادية. ومن خصائص الأشخاص ذوي متلازمة توريت متوسط أعمار عادية أو طبيعية كما أن معاملات ذكائهم عادية. إضافة إلى أن شدة اللزمات الحركية والصوتية غالبًا ما تتناقص لدى معظم الأطفال المصابين بمتلازمة توريت مع دخولهم مرحلة المراهقة، إضافة إلى أن تزايد شدة أعراض متلازمة توريت في مرحلة الرشد أمرًا نادرًا. ومن الجدير بالملاحظة أن الأفراد ذوي متلازمة توريت ينحدرون من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة بمعنى أنه لا يوجد ارتباط بين متلازمة توريت والطبقات أو المستويات الاجتماعية الاقتصادية. . وتلعب كل من العوامل الجينية والعوامل البيئية دورًا في تسبيب متلازمة توريت، ولكن لا يعرف على وجه الدقة الأسباب الفعلية التي تؤدي إلى إصابة الأطفال بهذه المتلازمة. وفيما يتعلق بعلاج الحالات المصابة بمتلازمة توريت قد لا تكون الأدوية ضرورية لمعظم الحالات, إذ لا يعرف إلى الآن عقارًا أو دواءً لعلاج كل حالة لزمات، ومع ذلك يوجد أدوية وعلاجات يمكن أن تساعد بعض الحالات فيما يتعلق بتخفيف شدة اللزمات الحركية والصوتية ومعالجة المصاحبات النفسية المؤلمة التي تقترن بهذه النوبات على أن يقترن ذلك بالوصف والتفسير وطمأنة الحالات المصابة ومساندتها اجتماعيًا. كما يعد التعليم جزءًا أساسيًا في أي خطة علاج[5]. وجاءت تسمية هذه المتلازمة بمتلازمة توريت من قبل جين مارتين شاركو (1825-1893) الذي سماها باسم الطبيب وعالم الأعصاب جورجس ألبرت إدوارد برتوتس جيليس دو لا توريت الذي قدم أول وصفًا في سنة 1885 لتسع مرضى مصابين بهذه الأعراض. عناصر الفصل التصنيف. الخصائص. الأسباب. التشخيص. الفرز. إدارة الحالة (العلاج). المآل أو التطور. معدلات الشيوع أو الوبائيات. التاريخ واتجاهات البحوث في المجال. الاعتبارات الثقافية. الهوامش والملاحظات. المراجع. قراءات إضافية. روابط إضافية على شبكة المعلومات العالمية. 1. التصنيف. اللزمات عبارة عن حركات مفاجئة متكررة نمطية غير منتظمة وغير إرادية (اللزمات الحركية) وكما تتضمن اللزمات صيغ تلفظ كثيرة (لزمات صوتية) تنتج بفعل تحركات مجموعات منفصلة من العضلات الصوتية. . واللزمات أو العرات الحركية عبارة عن عرات مرتكزة على الحركة، بينما اللزمات الصوتية عبارة عن أصوات لا إرادية تنتج بسبب تحرك الهواء عبر الأنف، الفم، أو الزور أو الحنجرة. ومتلازمة توريت واحد من بين اضطرابات لزمات متعددة، والتي تصنف في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM) وفقًا للنمط (لزمات حركية أو لزمات صوتية)، والمدة أو الدوام (عابرة أو مزمنة). إذ يتكون اضطراب اللزمة أو العرة العابرة من إما مجموعة متعددة من اللزمات أو العرات الحركية أو اللزمات والعرات الصوتية أو كليهما، مع مدة دوام قد تتراوح بين أربعة أسابيع إلى اثنا عشر شهرًا. في حين يوجد ما يعرف باضطراب اللزمة أو العرة المزمن سواء كانت حركية فقط أو صوتية فقط تصاحب الحالة لأكثر من سنة. . ويتم تشخيص متلازمة توريت عندما تظهر الحالة لزمات حركية متعددة، مع لزمة صوتية واحدة على الأقل تصاحب الحالة لأكثر من سنة. وتم تعريف اضطرابات اللزمة أو العرة من قبل منظمة الصحة العالمية في النشرة العاشرة لتصنيف الأمراض بطريقة مشتبهة لتعريفها في الدليل التشخيصي والإحصائي المشار إليه.
وعلى الرغم من أن متلازمة توريت التعبير أو الصيغة الأكثر شدة لطيف اضطرابات اللزمة أو العرة ،فإن معظم الحالات تكون في المستوى الخفيف. كما أن شدة الأعراض بين ذوي متلازمة توريت تختلف بصورة واضحة، وربما لا يتم اكتشاف أو تشخيص ذوي المستويات البسيطة من أعراض هذه المتلازمة.
2. الخصائص: اللزمات أو العرات عبارة عن حركات أو أصوات تحدث بصورة مباغتة مفاجئة متقطعة خلال مسار النشاط الحركي الطبيعي أو العادي للحالة تجعل مظهر السلوكيات العادية تسير في مسار ومحتوى خاطئ. ويجدر الإشارة إلى أن العرات أو اللزمات التي تقترن بمتلازمة توريت تتغير بصورة مستمرة في العدد، التكرار، الشدة، ومكان التموضع في البدن (التموضع التشريحي).
كما أن هذه اللزمات تمر بمراحل متتالية من التزايد والتضاؤل Waxing and waning أي تزايد وتناقص مستمر في الشدة ومعدل التواتر أو التكرار وتختلف بصورة عامة باختلاف الحالات المصابة، إضافة إلى أن هذه النوبات تحدث في نوبات متتالية مع وجود فاصل زمني بين كل نوبة والنوبة التي تليها، ويختلف عدد وشدة هذه النوبات والفاصل الزمني بينها من شخص إلى آخر.
ومن الخصائص المميزة لذوي متلازمة توريت اندفاعهم إلى التلفظ هكذا تلقائيًا وبصورة مباغتة بجمل وعبارات فاحشة بذيئة وغير مقبولة اجتماعيًا، وتعرف هذه الخاصية بخاصية الفحش أو البذاءة اللفظية Coprolalia وتمثل التلفظات الفاحشة هذه أكثر أعراض متلازمة توريت وضوحًا لعامة الناس، إلا أنها غير أساسية في عملية تشخيص هذه المتلازمة، إذ أنه ووفقًا لجمعية متلازمة توريت، يصدر 15% فقط من مرضى متلازمة توريت هذه الأصوات أو التلفظات البذيئة. ويشيع بين بعض الأشخاص ذوي متلازمة توريت ظاهرة الترديد الصوتي أو المصاداة ورجع الصدى (تكرار كلمات الآخرين)، وتكرار كلمات الذات على نحو شاذ فيما يعرف بظاهرة رجع الصدى الذاتي أو المصاداة الذاتية، بينما العرات أو اللزمات الحركية والصوتية الأولية الأكثر شيوعًا هي بالترتيب، رفرفة العينين بصورة شاذة ومتتابعة وتسليك الزور أو النحنحة بصورة غريبة ومتتابعة ولمدة زمنية طويلة.
وعلى عكس الحركات النمطية الشاذة لاضطرابات الحركة movement disorders الأخرى مثل choreas, dystonias, myoclonus, and dyskinesias، فإن اللزمات أو العرات الحركية الخاصة بمتلازمة توريت تقمع مؤقتًا ويسبقها عادة اندفاعات حركية منذرة[15]، ويلاحظ أنه قبل ظهور أو مباغته نوبة اللزمات أو العرات الحركية أو الصوتية للحالة، غالبًا ما يكون يدرك المصابين بمتلازمة توريت بقرب مباغتة النوبة لهم بناء على بعض المؤشرات أو الاندفاعات والحفزات الأولية التي تسبقها مباشرة[16] مثل الحاجة إلى العطس والرغبة في سماع صوت خربشة أو صفير حك الجلد بلهفة وبتوتر عصبي لذلك يسمى الأفراد المصابين بمتلازمة توريت الحاجة إلى اللزمة أو العرة مرحلة بناء التوتر، الذي يفترض أن يلطف أو يخفف من خلال أداء هذه اللزمة الحركية أو الصوتية وبالتالي يختارون شعوريًا أداء هذه اللزمات أو العرات. ومن أمثلة الحفزات أو الاندفاعات الأولية الصغرى إحساس المرء بأنه يوجد شيئًا ما في زوره، أو إحساسه بتوترات مؤلمة في موضع ما بكتفيه، مما يفضي إلى الحاجة إلى تسليك زروه أو هز كتفيه. وبالتالي فإصدار المصابون للزمات أو العرات الحركية والصوتية ربما يكون ميكانيزمًا تكيفيًا لتخفيف حدة هذا التوتر أو ذاك الإحساس المؤلم، ويتشابه ذلك مع ما يقوم به الشخص العادي في بعض الأحيان من حك أو خربشة جلده في منطقة معينة تخفيفًا للإحساس بالألم.
ومن الأمثلة الأخرى لهذه الحاجة رفرفة العينين بصورة شاذة لتخفيف الإحساس بالألم الذي يشعر به المصاب بهذه المتلازمة. وعادة ما تسبق عملية التعبير عن الحركات والإصدارات الصوتية التي تمثل العرة أو اللزمة باندفاعات أو حفزات وإحساسات من قبيل المشار إليها والتي يطلق عليها " الظواهر الحسية الأولية المنذرة السابقة للزمة أو العرة sensory phenomena premonitory ". وتعد الأوصاف المنشورة لعرات أو لزمات متلازمة توريت التي تعرف الظواهر الحسية المشار إليها العرض المركزي لهذه المتلازمة، حتى وإن كانت غير متضمنة في المحكات التشخيصية لهذه المتلازمة.
وتوصف العرات أو اللزمات بأنها حركات شبه إرادية وقد تكون غير إرادية, بسبب صعوبة الادعاء بأنها غير إرادية بشكل مطلق كما أن هذه الحركات ليست قاصرة على الحركات اللإرادية، فقد يُخبرُ بعضها كاستجابة إرادية للحفزات غير المرغوبة المنذرة أو السابقة على الحدوث الفعلي للزمة أو العرة. . ومن الأبعاد الفردية المميزة للزمات أو العرات، في علاقتها باضطرابات الحركة الأخرى، إمكانية قمعها أو إيقافها بعد فترة من حدوثها على الرغم من عدم إمكانية تجنبها أو مقاومتها[12]. وذلك لأنه عادة ما يخبرها المصاب كاندفاعة أو حفزة يتعذر مقاومتها أو مجابهتها وبالتالي لا مناص من التعبير عنها[11]. وقد يتمكن بعض المصابون بمتلازمة توريت من قمع اللزمات الحركية والصوتية إلى حد ما ولفترة قصيرة من الوقت، ولكن مع تتالي ممارسة هذا القمع النسبي غالبًا مع يحدث تعبيرًا انفجاريًا عن هذه العرات أو اللزمات فيما بعد[4]. وربما يسعى المصابون بمتلازمة توريت إلى بقعة منعزلة للمكوث فيها للتخفف من الأعراض بعد ممارسة عملية القمع النسبي، تجنبًا للتزايد المحتمل للعرات أو اللزمات بعد فترة من قمعها في المدرسة أو العمل[12]. وقد لا يكون بعض المصابين بمتلازمة توريت مدركون أو واعون بالاندفاعات أو الحفزات المبكرة المنذرة بقرب مباغته نوبات اللزمات أو العرات لهم. كما قد يكون الأطفال أقل إدراكًا لهذه الحفزات أو الاندفاعات المبكرة المنذرة مقارنة بالراشدين، ولكن يميل إدراكهم أو وعيهم للتزايد مع النضج[11]، فقد تنتابهم لزمات أو عرات عديدة ولعدة سنوات قبل أن يصبحون مدركون للحفزات أو الاندفاعات المبكرة المنذرة.
وربما يميل الأطفال إلى قمع اللزمات أو العرات أثناء التواجد في عيادات الأطباء، لذلك ربما من الأفضل إخضاعهم للملاحظة بدون أن يكونوا على علم بأنهم موضع مراقبة أو ملاحظة[21]. وتختلف القدرة على قمع اللزمات أو العرات باختلاف الأفراد، وربما تكون أكثر تطورًا لدى الراشدين مقارنة بالأطفال.
وعلى الرغم من عدم وجود ما يمكن تسميته بالحالة المعيارية أو النموذجية لمتلازمة توريت ، إلا أن هذه الحالة عادة ما تتبع مسارًا ثابتًا نسبيًا فيما يتعلق بالعمر عند بداية ظهور الأعراض وتاريخ شدة الأعراض وتطورها.
وربما تبدأ أعراض متلازمة توريت في الظهور على بعض المصابين بها بدءًا من الشهر الثامن عشر من عمرهم، إلى أن العمر المعياري لنشأة وظهور أعراض هذه المتلازمة عادة ما يكون بين السنة الخامسة إلى السنة السابعة من العمر. والعمر الزمني الذي يشهد أعلى مستوى لشدة أعراض متلازمة توريت ما بين السنة الثامنة إلى السنة الثانية عشر من العمر (المتوسط السنة العاشرة)، وبعد ذلك تتراجع أو تتضاءل شدة هذه الأعراض لدى معظم الحالات مع دخولهم مرحلة المراهقة.
واللزمات أو العرات الأولى في الظهور والأكثر شيوعًا في نفس الوقت هي: رفرفة العينين؛ حركات الوجه، التنشق وتسليك الزور. وغالبًا ما تتموضع اللزمات أو العرات الأولية في مناطق معينة من البدن خاصة المناطق التي يوجد بها العديد من العضلات مثل منطقة: الرأس، الرقبة، والوجه، ويمكن أن تتعارض هذه العرات أو اللزمات مع الحركات النمطية الشاذة المرتبطة بالاضطرابات الأخرى (مثل الحركات النمطية الشاذة الخاصة باضطرابات طيف الأوتيزم)، والتي تبدأ في الظهور على الحالة في عمر مبكر، وربما تكون أكثر تماثلاً وانتظامًا وتتضمن الأطراف (مثل رفرفة الأيدي بصورة متكررة وشاذة) . ويبدو أن اللزمات أو العرات الحركية والصوتية التي تظهر في فترة عمرية مبكرة لدى الحالات المصابة بمتلازمة توريت غالبًا ما يساء فهمها والتعرف عليها وذلك نتيجة خلطها بالمشكلات المتعلقة بالحساسية أو الأزمات الربوية أو مشكلات الرؤية، ويعد أطباء الأطفال وأطباء أمراض الحساسية وأطباء العيون أول من يرى أو يكشف على الأطفال ذوي اللزمات أو العرات الحركية والصوتية .
ومن بين المرضى الذي يبلغ شدة أعراض متلازمة توريت لديهم حدًا كافيًا لإحالتهم إلى العيادات النفسية، غالبًا ما تقترن متلازمة توريت لديهم باضطراب الوساوس والأفعال القهرية obsessive-compulsive disorder (OCD)واضطراب قصور أو نقص الانتباه - النشاط الحركي الزائد attention-deficit hyperactivity disorder (ADHD).
ومع ذلك يجدر التنويه إلى أن اضطراب الوساوس والأفعال القهرية أو اضطراب قصور أو نقص الانتباه - النشاط الحركي الزائد أو غير ذلك من الحالات المرضية لا توجد لدى كل الأشخاص ذوي متلازمة توريت (التشخيص المتلازم)، على الرغم من أن نسبة عالية من المرضي ذوي الحالات الكلينيكية المرضية يعانون في نفس الوقت من اضطراب نقص أو قصور الانتباه- النشاط الحركي الزائد.
ويفيد تقرير نتائج دراسة لأحد المؤلفين أنه بعد مراجعة لمدة عشر سنوات لسجلات مرضى بمتلازمة توريت أن 40% منهم لديهم متلازمة توريت فقط أو متلازمة توريت نقية، وأشار ذلك المؤلف إلى هذه الحالات تحت مسمى ذوي متلازمة توريت النقية غير المصحوبة باضطراب نقص أو قصور الانتباه - النشاط الحركي الزائد وغير المصحوبة بُعصاب الوساوس والأفعال القهرية أو غير ذلك من الاضطرابات الأخرى[25].
في حين يفيد تقرير نتائج دراسة لمؤلف آخر أن 57% من عينة من مرضى متلازمة توريت قوامها 656 يظهرون اضطرابات اللزمة أو العرة النقية أو غير المصحوبة بحالات مرضية أخرى، بينما وجد أن 43% من أفراد هذه العينة يصدرون لزمات أو عرات مقترنة أو مصحوبة بحالات مرضية أخرى . ويستخدم في أدبيات المجال مصطلح "متلازمة توريت المتضخمة Full-blown Tourette's" لوصف مرضى متلازمة توريت الذين تترافق أو تتلازم العرات أو اللزمات الصوتية لديهم مع حالات اضطرابات أو أمراض أخرى.
3. الأسباب. لا يعرف على وجه التحديد سبب متلازمة توريت، ولكن يُسلم بأن هذه المتلازمة تتضمن عوامل جينية تكوينية وراثية وعوامل بيئية [26]. وتثبت الدراسات الجينية أن الغالبية العظمى من حالات متلازمة توريت وراثية، على الرغم من أن النمط الفعلي لهذه الوراثة غير معروف إلى الآن[27]، كما لا يعرف أيضًا الجين الذين يحدث هذه المتلازمة [4]. وربما تكون العرات أو اللزمات في بعض الحالات المصابة بمتلازمة ترويت غير وراثية؛ وتعرف هذه الحالات اصطلاحيًا بمتلازمة توريت المتقطعة أو المشتتة "sporadic" Tourette syndrome لتعذر تحديد رابطًا جينيًا لها .
وفيما يتعلق باحتمالات توارث متلازمة توريت بين الأشخاص المصابين بها حال زواجهم وإنجابهم لأطفال، نجد أن فرض نقل الشخص المصاب بهذه المتلازمة إلى نسله حوالي 50%، ومع ذلك يجدر التنويه، إلى أن متلازمة توريت حالة تتباين بصورة واضحة التعبيرات الدالة عليها، وعليه لا يظهر كل شخص يرث قابلية جينية الأعراض الدالة عليها؛ فقد يظهر حتى أفراد العائلة القريبين جدًا مستويات أعراض متباينة من حيث الشدة، وقد لا يظهرون أي أعراض على الإطلاق.
وقد يعبر الجين المختل عن نفسه بمتلازمة توريت أو باضطراب لزمة أو عرة بسيطة (لزمات عابرة أو مزمنة)، أو قد يعبر عن ذاته عبر أعراض عُصاب الوساوس والأفعال القهرية بدون لزمات أو عرات حركية أو صوتية.
يظهر عدد قليل فقط من الأطفال الذين يرثون الجين المختل أعراض تبلغ من الشدة درجة تستدعي الانتباه الرعاية الطبية،ويبدو أن الجنس (النوع ذكر/أنثى) يلعب دورًا في التعبير عن القابلية الجينية؛ فالذكور أكثر احتمالاً مقارنة بالإناث للتعبير عن اللزمات الحركية والصوتية. واستطاع الباحثون تحديد عوامل غير جينية، بيئية، أو عدوى أو عوامل اجتماعية نفسية يمكن أن تسهم في زيادة شدة أعراض متلازمة توريت على الرغم من أنها لا تلعب دورًا سببيًا في نشأة أو ظهور هذه الأعراض.
وربما تؤثر عمليات المناعة الذاتية على نشأة وظهور العرة أو اللزمة وقد تكون مسئولة عن تفاقمها لدى بعض الحالات. ويوجد في مجال أدبيات طب الأطفال فرضًا لم ثبت صحته بعد ويثار حوله الكثير من اللغط مفاده أن اضطرابات المناعة الذاتية العصبية النفسية الناتجة عن الإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية للجهاز التنفسي العلوي خاصة الحنجرة Streptococcal infections تلعب دورًا في نشأة وظهور اضطرابات العرة أو اللزمة واضطراب الوساوس والأفعال القهرية، وتجرى في الوقت الراهن بحوثًا كثيرة للتحقق من هذا الفرض. على أية حال لا يعرف إلى الآن الميكانيزم الذي يؤثر بالضبط على القابلية الوراثية لمتلازمة توريت، كما أن التشخيص السببي الدقيق لهذه المتلازمة ما زال لم يحدد بعد. ومع ذلك، يُعْتَقَدُ أن اللزمات أو العرات بنوعيها الحركية والصوتية تنتج بسبب خلل وظيفي في مناطق معينة من القشرة المخية وجارات القشرة المخية، وفي الثالاموس thalamus، والعقد العصبية القاعدية basal ganglia ، والقشرة المخية الجبهية أو الأمامية frontal cortex [26]. وتظهر نتائج دراسات نماذج التشريح العصبي وجود فشل في دوائر الاتصال بين القشرة المخية الخارجية للدماغ والقشرة المخية التحتية، كما تكشف فنيات تصوير الدماغ عن وجود مؤشرات للخلل الوظيفي في كل من منطقة العقد العصبية القاعدية والقشرة المخية الأمامية أو الجبهية . وقد ترتبط بعض صيغ اضطراب الوساوس والأفعال القهرية جينيًا بمتلازمة توريت . ويعتقد أن نمطًا فرعيًا من اضطراب الوساوس والأفعال القهرية له علاقة سببية بمتلازمة توريت وربما يعد مسئولاً عن الصيغة أو الشكل الذي يعبر به بعض المصابين بمتلازمة توريت عن اللزمات أو العرات . ويجدر الإشارة إلى أن العلاقات الجينية بين اضطراب نقص أو قصور الانتباه- النشاط الحركي الزائد ومتلازمة توريت لم يتم تحديدها أو الكشف عنها إلى الآن.
4. التشخيص : يتم تشخيص متلازمة توريت حسب ما ورد في النسخة الرابعة المعدلة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الرابطة الأمريكية للطب النفسي (DSM-IV-TR) عندما يظهر الشخص لزمات أو عرات حركية متعددة وواحدة أو أكثر من اللزمات أو العرات الصوتية (على الرغم من عدم ضرورة الاقتران بينهما) خلال مدة زمنية لا تقل عن سنة، وبما لا يقل عن ثلاث نوبات متعاقبة كل شهر.
ويلاحظ أن النسخة الرابعة من الدليل المشار إليه تتطلب لتشخيص متلازمة توريت بالإضافة إلى المحكات السابقة معاناة الحالة من ضيق أو خلل وظيفي دال في مجالات الأداء الوظيفي المهمة مثل المجال الاجتماعي والمجال المهني، ولكن حذف هذا المحك في النسخة المعدلة من ذلك الدليل نتيجة التأثر بإفادات الكثير من الكلينيكين الذين أقروا بأنهم يرون مرضى تنطبق عليهم محكات تشخيص متلازمة توريت، لكنهم لا يعانون من ضيق أو كدر أو إعاقة .
ويؤكد على أن من دواعي التشخيص أن تظهر الأعراض المشار إليها على الحالة قبل سن الثامنة عشر من العمر، مع تعذر عزوها إلى التأثيرات الفسيولوجية لمواد كيميائية أو إلى حالة طبية مرضية أخرى. لهذا السبب، يجب أن تدرس وتفحص بدقة الأسباب الفعلية للعرات أو اللزمات، وذلك لوجود حالات طبية أخرى تتضمن عرات أو لزمات أو حركات شبيهة باللزمات مثل اضطراب الأوتيزم أو غير ذلك من الأسباب المؤدية إلى الحركات النمطية الشاذة.
ولا يوجد اختبارات طبية أو أدوات فرز معينة يمكن أن تستخدم في تشخيص متلازمة توريت. وبالتالي يؤسس التشخيص عادة على ملاحظة الأعراض لدى الحالات وعلى مراجعة التاريخ الأسري، بعد استبعاد الأسباب الثانوية لاضطرابات اللزمة أو العرة . وقد يكون الفحص البدني والعصبي في المرضى الذين تبدو عليهم الأعراض في توقيت النشأة المعياري وذوي التاريخ الأسري السابقة للعرات أو اللزمات أو اضطراب عُصاب الوساوس والأفعال القهرية كافيًا في تشخيص وإثبات وجود هذه المتلازمة لهدى مثل هذه النوعية من المرضى .
وإذا اعتقد الطبيب بإمكانية وجود حالة أخرى تفسر العرات أو اللزمات، ربما يكون من المفيد إجراء اختبارات معينة لاستبعاد هذه الحالة. ومن أمثلة ذلك عندما يتم يصعب التمييز بين العرات أو اللزمات ونشاط نوبة الصرع مثلاً، هنا يمكن استخدام جهاز تخطيط كهربائية الدماغ، أو في حالة الحالات الأعراض التي تستدعي إجراء أشعة رنين مغناطيسي للكشف عن أي خلل أو شذوذ دماغي ، أو إجراء تحاليل طبية لقياس مستوى هرومون الثيروكسين الذي تفرزه الغدة الدرقية إذ أن الزيادة في نشاط هذه الغدة يمكن أن يسبب اللزمات أو العرات . ويلزم إجراء أشعات تصوير الدماغ في حالة وجود مراهقين أو راشدين ظهرت لديهم بصورة مفاجئة العرات أو اللزمات أو الأعراض السلوكية الأخرى الخاصة بهذه المتلازمة، إضافة إلى تحليل عينات من البول للكشف عن وجود أو عدم وجود مؤشرات لعقاقير أو مخدرات مثل الكوكايين أو غير ذلك من العقاقير المنبهة.
وإذ كشفت دراسات تاريخ الأسرة عن وجود أمراض كبد، هنا يجب إخضاع الحالة لتحليلات طبية لقياس مستوى النحاس وغيره من العناصر ذات العلاقة بمرض ويلسون . ومع ذلك يتم التشخيص في معظم الحالات من خلال مجرد ملاحظة العرات أو اللزمات الحركية ومراجعة التاريخ المرضى للحال .
ويوجد أسباب ثانوية للعرات أو اللزمات الحركية والصوتية (لا ترتبط متلازمة توريت ذات الأصل الوراثي) والتي تفضي إلى متلازمة توريت ذات الأصل غير الوراثي،وبناء عليه يجب القيام بما يعرف بالتشخيص الفارق لتمييز متلازمة توريت ذات الأصل الوراثي عن متلازمة توريت ذات الأصل غير الوراثي حيث أن الأخيرة هذه كثيرًا ما تتداخل مع حالات مرضية وراثية وأسبابًا ثانوية أخرى تفضي أيضًا إلى إظهار الحالة لعرات أو لزمات حركية وصوتية تتشابه مع العرات واللزمات الحركية المعيارية لمتلازمة توريت .
والحالات المرضية الأخرى التي قد يُظْهِرُ المصابون بها لزمات أو عرات أو حركات نمطية شاذة: الاضطرابات النمائية، اضطرابات طيف الأوتيزم، واضطراب الحركة النمطي الشاذ . كما توجد حالات مرضية جينية أخرى تقترن بحركات نمطية شاذة من هذه الحالات مرض هنتنجتون، متلازمة هاليرفوردين-شباتز، الوهن العضلي دوتشن، مرض ويسلون، وتدرن الأنسجة. ومن الاحتمالات الأخرى الاضطرابات الكروموزومية مثل متلازمة داون، متلازمة كلاينفينتر، متلازم الكروموزوم إكس واى واى، ومتلازمة الكروموزوم إكس الهش أو المنكسر. كما قد تنشأ بعض اللزمات أو العرات من أسباب مكتسبة مثل اللزمات الناتجة عن إصابات الدماغ، جلطات الدماغ، الإصابة بالميكروب السبحي أو إلتهاب السحايا، التسمم بأول أكسيد الكربون. وربما يتم الخلط أيضًا بين أعراض متلازمة ليش ـ نيهان Lesch-Nyhan syndrome ومتلازمة توريت. ومعظم هذه الحالات نادرة الشيوع مقارنة باضطرابات العرة أو اللزمة، ومن خلال دراسة تاريخ الأسرة والفحص يمكن استبعادها، بدون اختبارات طبية أو بدون أدوات فرز. 5. الفرز Screening. على الرغم من أن متلازمة توريت لا تقترن بحالات أخرى لدى الكثير من الأشخاص المصابين بها، عادة ما يتم إحالة مرضى متلازمة توريت إلى الرعاية الكلينيكية في مراكز أو عيادات متخصصة بسبب إظهارهم لأعراض ذات علاقة بحالات مرضية أخرى بالإضافة إلى اللزمات أو العرات الحركية والصوتية. وتشمل الحالات المقترنة بمتلازمة توريت كما سبق الإشارة اضطراب نقص أو قصور الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد، اضطراب الوساوس والأفعال القهرية، صعوبات العلم، واضطرابات النوم.
وربما تكون السلوكيات المختلة وإعاقة الأداء الوظيفي أو الإعاقة المعرفية لدى المرضى الذين يتلازم لديهم اضطراب قصور أو نقص الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد تعقد عمليات التشخيص الفارق في هذا المجال، وترتبط عملية التشخيص الفارق هذه بصورة كبيرة بتعرف وعلاج الحالات المتداخلة أو المقترنة بمثل هذه النوعية من المتلازمات.
والاختلال السلوكي الناتج عن اللزمات أو العرات الحركية والصوتية غالبًا ما لا يتم تبينه بصورة واضحة في حالة اقتران متلازمة توريت بغيرها من الحالات الطبية الأخرى مما يرتد من التأثير السلبي بالغ الخطورة على المصابين بها، ويبدو أن اضطرابات العرة أو اللزمة في غياب اضطراب قصور أو نقص الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد لا يرتبط بالسلوك المختل أو التعوق الوظيفي. ، بينما التعوق الوظيفي في المدرسة، الأسرة، والعلاقات مع الأقران يزداد لدى مرضى العرات أو اللزمات المقترنة بحالات مرضية أخرى وغالبًا ما يحدد هذا الاقتران درجة الحاجة إلى الرعاية والعلاج الطبي والنفسي.
وبسبب أن الحالات المرضية المرافقة لمتلازمة توريت مثل عُصاب الوساوس والأفعال القهرية واضطراب نقص أو قصور الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد يمكن أن تكون أكثر تعويقًا للحالة من العرات أو اللزمات، غالبًا ما تتضمن عملية تقييم هذه الحالات لدى مرضى العرات أو اللزمات. ومن الجدير بالذكر أن الحالات المرافقة لمتلازمة توريت ربما تقرر إلى حد بعيد الحالة أو الوضع الوظيفي العام للمصابين بهذه المتلازمة أكثر من تحديد أو تقرير اضطراب اللزمة أو العرة لهذا الوضع أو تلك الحالة الوظيفية.
ويجب أن يتضمن التقييم الأولى للمريض الذي يحال إلى العيادة بسبب اضطراب العرة أو اللزمة تقييمًا بدنيًا شخصيًا شاملاً مع ضرورة مراجعة التاريخ الأسري للعرات أو اللزمات وتقييم أعراض اضطراب نقص أو قصور الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد وأعراض عُصاب الوساوس والأفعال القهرية وغير ذلك من الحالات الطبية والنفسية والعصبية المزمنة.
ويجب أن يخضع الأطفال المراهقين ذوي متلازمة توريت الذين يعانون في نفس الوقت من صعوبات تعلم إلى تقييمًا نفسيًا وتربويًا، خاصة إذا كان لدى الطفل أيضًا اضطراب نقص أو قصور الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد. وتجدر الإشارة إلى أن عدم تشخيص الحالات المرضية التي قد تلازم أو ترافق متلازمة توريت يؤدي إلى درجة عالية من التعوق الوظيفي، ويتطلب الأمر عندئذٍ تعرف وتحديد وعلاج مثل هذه الحالات إذا ما أريد علاج هذا التعوق الوظيفي. وربما ينتج عن عدم تعرف وتشخيص وعلاج هذا التعوق الوظيفي اكتئاب، مشكلات النوم، عدم الارتياح الاجتماعي، والميل إلى إيذاء الذات. 6. إدارة (علاج) متلازمة توريت Management. تركز عملية علاج متلازمة توريت على تعرف أو اكتشاف ومساعدة الأفراد المصابين بها ومساعدتهم في إدارة معظم الأعراض المزعجة الموهنة المرتبطة بها. ومعظم حالات متلازمة توريت بسيطة، وقد لا تتطلب بناء على علاجًا فارماكولوجيًا أو دوائيًا، وبدلاً من ذلك قد يكتفى بالعلاج النفسي السلوكي والتعليم وأساليب مساندة وطمأنة ذوي هذه الحالات.
ويقسم العلاج، إذا تم تقرير الحاجة إليه إلى علاجات تستهدف العرات أو اللزمات وأخرى تستهدف الحالات المرضية الأخرى المترافقة معها، التي قد تزيد من نطاق التأثيرات الموهنة أو المزعجة للعرات أو لللزمات في ذاتها. وكما قلنا سابقًا لا تقترن اللزمات أو العرات في كل الأحوال بحالات مرضية أخرى، ولكن عندما توجد مثل هذه الحالات المرضية، غالبًا ما توضع في أولويات خطة العلاج.
وفي الواقع، لا يوجد علاجًا معينًا يبرأ أو يشفي من متلازمة توريت ولا يوجد عقارًا دوائيًا واحدًا يفيد هكذا بالضرورة كل الحالات المصابة بهذه المتلازمة، ناهيك عن أنه لا يوجد عقارًا دوائيًا بدون تأثيرات جانبية سلبية.
وما يجب التأكيد عليه أن المعلومات والتعليم والفهم من بين أهم محددات خطة العلاج الفعالة لاضطرابات العرة أو اللزمة. وربما تتضمن عمليات إدارة وعلاج أعراض متلازمة توريت العلاجات الفارماكولوجية والنفسية والسلوكية. وإذا كان من المفضل استخدام التدخل الفارماكولوجي للتعامل مع الأعراض الشديدة، ربما تفيد علاجات أخرى مثل العلاج النفسي المساند أو العلاج المعرفي السلوكي في تجنب أو على الأقل تخفيف الاكتئاب والعزلة الاجتماعية وتحسين المساندة الأسرية. كما أن تعليم المريض والأسرة والمجتمع المحيط مثل الأصدقاء والمعلمين مكونًا أساسيًا في استراتيجية
علاج ذوي متلازمة توريت. ويوجد بعض الأدوية التي تساعد ذوي متلازمة توريت عندما تؤثر أعراض هذه المتلازمة بصورة شديدة على أدائهم الوظيفي.
وفئات الأدوية الطبية التي ثبت فعاليتها في علاج العرات أو اللزمات الأدوية النفسية من فصيلة الكوابح أو الموانع مثل الريسبيردون (الاسم التجاري ريسبيردل)، زيبراسدون (الاسم التجاري جيودون)، هالوبيردول (الاسم التجاري هالدول) بيموزيد (الاسم التجاري أوراب)، والفلوبفينازين (الاسم التجاري برولكسين)، إلا أن لهذه الأدوية على المدى القصير وعلى المدى البعيد تأثيرات جانبية سلبية..
كما توجد أدوية أخرى من فصيلة مضادات عوامل فرط ضغط الدم الشرياني مثل الكلونيدين (الاسم التجاري كاتابريس) وجوانفاسين (الاسم التجاري تينيكس) تستخدم أيضًا في علاج العرات أو اللزمات؛ وتظهر نتائج الدراسات التي أجريت على هذه الأدوية وجود فعالية أقل مقارنة بفصيلة الأدوية الأولى ولكن مع تأثيرات جانبية سلبية أقل.
وربما تكون الأدوية المنبهة وغيرها من الأدوية مفيدة في علاج اضطراب نقص أو قصور الانتباه ـ النشاط الحركي الزائد عندما يحدث مصاحبًا لاضطرابات العرة أو اللزمة. ويمكن أن تستخدم أدوية أخرى في حالة فشل الأدوية المنبهة، وتشمل هذه الأدوية الجوانفاسين (الاسم التجاري تينيكس) آتوموكستين (الاسم التجاري ستراتيرا)، والأدوية ثلاثية الحلقة. وربما توصف أدوية معينة مثل الكلوميبرامين (الاسم التجاري أنافرانيل)، وهو من فصيلة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، وغيره من مضادات الاكتئاب الأخرى مثل الفلوكستين (الاسم التجاري البروزاك)، وسيرترالين (الاسم التجاري زولوفت)، والفلوفوكسامين (الاسم التجاري لوفوكس)، عندما يُظهر مرضى متلازمة توريت أعراض اضطراب الوساوس والأفعال القهرية.
وبسبب أن الأطفال ذوي اللزمات أو العرات غالبًا ما يحولون إلى الطبيب عندما تكون هذه اللزمات أو العرات شديد، وبسبب طبيعة اللزمات أو العرات ذات والتي تتمثل في نوبات التزايد والتضاؤل، يوصى بأن تبدأ عملية العلاج بصورة فورية وأن تراقب الحالة عن كثب وتعدل خطة العلاج حسب معطيات هذه المراقبة، على أن يقترن ذلك العلاج بوصف الحالة بصورة دقيقة واتخاذ كافة أساليب تهدئة الحالة وتطمينها في إطار توفير بيئة متفهمة ومساندة.
وعند استخدام الأدوية، يكون الهدف التخلص من الأعراض، ولابد أن يكون هذه الاستخدام بأقل جرعة ممكنة في إطار هذا الهدف لتقليل قدر الإمكان من التأثيرات الجانبية المحتملة، والتي قد تكون في بعض الأحيان أكثر إزعاجًا من الأعراض ذاتها.
ويمكن اللجوء إلى العلاج المعرفي السلوكي في الكثير من الحالات لكونه علاجًا فعالاً في علاج اضطراب عُصاب الوساوس والأفعال القهرية [44] وما يتضمنه من أعراض قد تترافق مع متلازمة توريت ، ويوجد شواهد متزايدة في واقع الأمر تثبت فعالية استخدام ما يعرف بفنية قلب أو عكس العادة habit reversal في علاج العرات أو اللزمات.
وربما تفيد فنيات الاسترخاء، مثل التدريبات الرياضية واليوجا في تخفيف التوتر والضيق والضغوط التي تنشأ بسبب اللزمات أو العرات، ولكن غالبية فنيات التدخل السلوكي مثل (التدريب على الاسترخاء والتغذية المرتدة الحيوية، باستثناء فنية قلب العادة) لم يتم تقييم فعاليتها بصورة علمية وبالتالي لا يوجد شواهد أو أدلة إمبيريقية تثبت فعاليتها في علاج ذوي متلازمة توريت.