top of page

صعوبات التعلم


صعوبات التعلم

من أكبر مجالات التربية الخاصة انتشاراً يعتبر مجال صعوبات التعلم من المجالات الحديثة نسبياً في حقل التربية الخاصة مقارنة بالمجالات التقليدية المتعارف عليها كالإعاقة البصرية، أو الإعاقة السمعية، أو التخلف العقلي. فمجال صعوبات التعلم كفرع من فروع التربية الخاصة لم يكن معروفاً حتى منتصف الستينيات (1). حيث شهدت الفترة السابقة لذلك (من عام 1930 إلى 1960م) استخدام عدد من المصطلحات لوصف مشكلات الأطفال ذوي التحصيل الدراسي المنخفض مثل: الخلل البسيط في وظائف المخ، واضطرابات اللغة المحددة، والإعاقة العصبية، وحالات قصور الإدراك(2). ولقد عانى أولياء أمور هؤلاء التلاميذ من الإحباط خلال تلك الفترة من عدم السماح لأطفالهم من حضور فصول التربية الخاصة؛ وذلك لعدم وجود إعاقات ظاهرة لديهم. فالطفل الذي لديه صعوبة في التعلم يبدو طبيعياً في كل شيء، سوى أن صعوبة التعلم لديه تحد كثيراً من تقدمه في مجال الدراسة.صعوبات التعلم: هناك العديد من التعاريف التي تم صياغتها لوصف الأطفال الذين لديهم صعوبات تعلم، حيث يعتبر التعريف الفيدرالي أشهرها جميعاً وأكثرها استخداماً، حيث ينص هذا التعريف على أن صعوبات التعلم عبارة عن اضطراب أو خلل في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية المتعلقة باستخدام اللغة أو فهمها، سواء كان ذلك شفاهة أم كتابة، بحيث يتجسد هذا الاضطراب في نقص القدرة على الإصغاء، أو التفكير، أو التحدث، أو القراءة، أو التهجئة، أو إجراء العمليات الرياضية. وتنطوي أوجه الاضطراب المذكورة أعلاه على حالات مثل قصور الإدراك الحسي وإصابة الدماغ والخلل البسيط في وظائف المخ، وعسر القراءة وعدم القدرة على تطوير مهارات التعبير بالكلام. ولا يشتمل هذا المصطلح على مشكلات التعلم التي تعود في أصلها إلى الإعاقات البصرية أو السمعية أو الحركية، أو الاضطرابات الانفعالية أو الظروف البيئية أو الثقافية أو الاقتصادية غير المواتية (3). انتشار صعوبات التعلم: تعتبر صعوبات التعلم من كبرى فئات التربية الخاصة حجماً. وقد حددت نسبة الأطفال الذين لديهم صعوبات في التعلم ما بين 4% إلى 5% من طلاب المدارس الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 17 سنة. ونتيجة للنقص في الإحصاءات المتعلقة بأعداد الأطفال الذين يعانون صعوبات التعلم في مدارسنا، كان لابد من محاولة تقدير العدد التقريبي لهؤلاء الأطفال. وقد اقتضت هذه المحاولة استخدام معدلات الانتشار المقررة في الولايات المتحدة الأمريكية والبالغة 4.5% للتلاميذ الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 سنوات إلى17 سنة (4). ولأن أعداد الطلاب والطالبات للفئة العمرية نفسها يبلغ (4.000.000) تلميذ وتلميذة في المملكة العربية السعودية (5) فإن العدد التقريبي للطلاب والطالبات الذين لديهم صعوبات تعلم في مدارسنا سيكون حوالي (180.000) أي بنسبة 4.5%. ولأن صعوبات التعلم تنتشر لدى الذكور أكثر من الإناث بنسبة 3:1 فإن عدد الطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم سيكون حوالي (135.000) بينما عدد الطالبات (45.000). هذا وينبغي النظر إلى هذه التقديرات بنوع من التحفظ وذلك للفروق بين البلدين. تصنيف صعوبات التعلم : يمكن تقسيم صعوبات التعلم إلى مجموعتين رئيستين هما: صعوبات التعلم النمائية، وصعوبات التعلم الأكاديمية (6). - صعوبات التعلم النمائية: ويمكن تقسيمها إلى اضطرابات أولية وتشمل: الانتباه، والإدراك، والتذكر. واضطرابات ثانوية وتشمل: التفكير واللغة المنطوقة. وجميعها متطلبات سابقة لعملية التعلم. - صعوبات التعلم الأكاديمية: وتشمل الصعوبات التي يواجهها التلميذ في مسيرة تعلمه مثل صعوبات القراءة والكتابة والرياضيات.الخصائص الاجتماعية والتربوية هناك تشكيلة واسعة من السلوكيات والصفات الشخصية المرتبطة بصعوبات التعلم، شأنها شأن معظم الإعاقات الأخرى، وتعتبر الخصائص السلوكية للطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم مهمة للتمييز بين هؤلاء التلاميذ والتلاميذ الآخرين (العاديين). ويتفق المختصون في مجال صعوبات التعلم على ارتباط صعوبات التعلم بالخصائص الاجتماعية والتربوية التالية(4):- النشاط الزائد.- ضعف الإدراك الحسي.- عدم الاستقرار العاطفي (تقلب المزاج، الكآبة، القلق).- عدم القدرة على التناسق العام للحركة.- عدم القدرة على الانتباه أو التركيز.- الاندفاع والتهور.- اضطراب في الذاكرة والتفكير.- المشكلات الأكاديمية المحددة.- اضطراب في الكلام والسمع واللغة.- علامات تشير إلى وجود مشكلات عصبية غير محددة. - هذا ولابد من الإشارة إلى أن الصفات والخصائص المذكورة أعلاه لا تجتمع كلها معاً لدى كل طفل يعاني صعوبة في التعلم. التعرف على صعوبات التعلم : تبدأ ـ عادة ـ عملية التعرف على الطفل الذي لديه صعوبة تعلم، عندما تكون المشكلات الدراسية لديه شديدة وواضحة بدرجة تدفع معلمه لإحالته إلى التقويم. فتحديد ما إذا كان لدى الطفل صعوبة تعلم من عدمه يستلزم أخذ جميع العوامل المرتبطة وذات العلاقة بعين الاعتبار (7)، وذلك على النحو التالي: فحص المحكات الاستبعادية: يمثل عنصر الاستبعاد مكوناً أساسياً للضوابط المتبعة في التعرف على صعوبات التعلم وتحديدها. وقد يكون من المفيد أن يتم فحص بعض العوامل، كالسمع والبصر مثلاً، قبل الشروع في إجراء بحث مستفيض واختبار مطول.

ولعل استبعاد العوامل التالية يبدو ملائماً في ضوء القواعد العامة الواردة في التعريف: 1- التخلف العقلي: هناك ثلاث خصائص يجب توفرها لإثبات التخلف العقلي وهي:- الانخفاض في درجة الذكاء (أقل من المستوى العادي بانحرافين معياريين أو أكثر).- التدني الشديد في المستوى الدراسي.- العجز بما لا يقل عن مجالين من مجالات السلوك التكيفي.

2- الإعاقة البصرية: يتراوح الفقدان البصري بين الكفف والإبصار الجزئي. فالشخص الكفيف من الناحية القانونية هو من تقل حدة إبصاره بعد التصحيح عن 6/60م في أقوى العينين وتقل كذلك زاوية إبصاره عن 20 درجة. أما الشخص ضعيف البصر فهو الشخص الذي تتراوح حدة إبصاره بعد التصحيح ما بين 6/20م و6/60م في أقوى العينين.

3- الإعاقة السمعية: يتراوح الفقدان السمعي بين الصمم وثقل السمع. فالشخص الأصم هو من يصل فقدان السمع لديه إلى حوالي 75 ديسيبل أو أكثر، أما ثقيل السمع فهو من يتراوح الفقدان السمعي لديه من 74 إلى 35 ديسيبل.

4- الإعاقة الحركية: يتضمن هذا المصطلح الإعاقات العصبية، والعظمية، والعضلية، وكذلك الحالات المرضية المزمنة. فالأفراد المعاقون حركياً هم أولئك الذين تتصف حركتهم الجسمية بالمحدودية والضعف بدرجة تؤثر على أدائهم التعليمي بحيث تصبح خدمات التربية الخاصة أمراً ضرورياً لمواصلة تعليمهم. 5- الاضطرابات الانفعالية: يشير مصطلح الاضطرابات الانفعالية إلى حالات تظهر فيها واحدة على الأقل من الخواص التالية ولفترة زمنية طويلة، والخصائص هي:- عدم القدرة على إقامة علاقات شخصية ودائمة مع من هم في سنه.- عدم القدرة على التعلم لأسباب لا تتعلق بالنواحي العقلية أو الحسية أو الصحية.- المشاعر والسلوكيات غير السوية في الظروف الطبيعية.- مخاوف مرتبطة بالمشكلات الشخصية أو الدراسية.- حالة نفسية عامة من الحزن والاكتئاب.

6- الخبرات التعليمية والعوامل البيئية والثقافية: ينبغي التأكد من أن التلميذ قد تلقى الخبرات التربوية والتعليمية الملائمة لسنه وقدراته، أيضاً يجب التأكد من أن التلميذ يتم تدريسه واختباره بلغته الأم، كما يجب أيضاً تحديد ما إذا كان التلميذ قد نهل من معين خبرات غنية بالقدر الذي يمكنه من الاستفادة من معطيات التعليم العام.وتتطلب العومل (2و3و4) أعلاه فحصاً بدنياً أو مراجعة تقرير طبي حديث. في حين يتطلب العاملات (1و5) فحصاً نفسياً من قبل اختصاصي في علم النفس، أما العامل (6) فيتم توثيقه من خلال مراجعة سجل البيانات والأحداث الرئيسة السابقة في حياة الطفل وإجراء المقابلات، وقد يتطلب هذا مساعدة من الاختصاصي الاجتماعي. وبناء على فحص هذه المحكات فإنه يجب التقرير بأن لدى الطفل صعوبة في التعلم إذا كانت هذه الصعوبة ليست ناتجة في الأصل عن أي منها ـ أي المحكات المذكورة أعلاه ـ وهناك تباين شديد بين قدرات الطفل العقلية وتحصيله الأكاديمي أو لم يكن مستوى تحصيله مناسباً لعمره الزمني وقدراته عندما يتم تزويده بالمعارف والجرعات التربوية والتعليمية الملائمة في واحدة أو أكثر من المجالات السبعة التالية:- التعبير الشفهي.- الاستيعاب من خلال الاستماع- التعبير الكتابي.- مهارات القراءة الأساسية.- العمليات الحسابية.- الاستدلال الرياضي. العلاج (التدريس): بمجرد أن يتقرر أن تلميذاً ما لديه صعوبات في التعلم، فإن التقويم سيكون منحصراً في عملية التدريس، وعلى ضوء نتائج هذا التقويم يتم إعداد خطة تربوية فردية لتدريس هذا الطفل، حيث يجب أن تركز هذه الخطة على مساعدة التلميذ على اكتساب مهارات حل المشكلات، واستراتيجيات تقوية الذاكرة، وترسيخ العادات الدراسية الحسنة والفعالة. وينبغي أن تشتمل هذه الخطة على:- مستويات الأداء الحالية للطفل.- نقاط القوة ونقاط الضعف لديه.- أهداف التدريس طويلة المدى (السنوية) وقصيرة المدى.- الخدمات الخاصة ومدى المشاركة في فصول التعليم العام.- التاريخ المتوقع للبدء في تقديم تلك الخدمات ومدة تقديمها.- الضوابط وإجراءات التقويم والجداول الخاصة بتحديد مدى التقدم في مستوى التلميذ.- وكذلك اهتماماته، وميوله، وأساليب التعلم المفضلة لديه.يمكن الخلوص إلى أن صعوبات التعلم تعتبر من أحدث مجالات التربية الخاصة وأكبرها حجماً. ويصنف التلميذ من ضمن ذوي صعوبات التعلم إذا كان لديه تباين بين قدراته العقلية وتحصيله الأكاديمي، بشرط ألا يكون هذا التباين ناتجاً عن إعاقات أخرى أو خبرات تعليمية غير ملائمة. ويتم تدريس التلميذ ذي صعوبات التعلم من خلال خطة تربوية فردية تعنى بإكسابه المهارات الضرورية بغرض مساعدته للتغلب على مصاعبه الأكاديمية.

الموضوعات المميزة
موضوعات أخري
علامات البحث
لا توجد علامات بعد.
من نحن
bottom of page