صعوبات التعلم
صعوبات التعلم
لقد ظهرت تعريفات متعددة ومتنوعة لصعوبات التعلم، ففي عام 1963م اقترح كيرك ( Kirk ) الذي يعد من أشهر المختصين في مجال صعوبات التعلم، صيغة لتعريف صعوبات التعلم، حيث يشير مفهوم صعوبات التعلم إلى تأخر أو اضطراب أو قصور في واحدة أو أكثر من عمليات الكلام، اللغة، القراءة، التهجئة، الكتابة، أو العمليات الحسابية، نتيجة لخلل وظيفي في الدماغ أو اضطراب عاطفي أو مشكلات سلوكية، ويستثنى من ذلك الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم الناتجة عن حرمان حسي أو تخلف عقلي أو حرمان ثقافي.( القريوتي، الصمادي، السرطاوي، 1995). وفي عام 1968م وضعت اللجنة الوطنية الاستشارية للمعوقين في المكتب الأمريكي للتربية تعريفاً لصعوبات التعلم والذي تضمنه القانون الأمريكي لتعليم المعوقين رقم 94- 192 وتعديلاته اللاحقة في سنة 1990م والذي ينص على أن: ( مصطلح ذوي الصعوبات الخاصة بالتعلم يعني أولئك الأطفال الذين يعانون من قصور في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية التي تدخل في فهم أو استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة، ويظهر هذا القصور في نقص القدرة على الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة أو في أداء العمليات الحسابية، وقد يرجع هذا القصور إلى إعاقة في الإدراك أو إلى إصابة في المخ أو إلى الخلل الوظيفي المخي البسيط، أو إلى عسر القراءة أو إلى حبسة في الكلام، ولا يشتمل الأطفال ذوي صعوبات التعلم الناتجة عن إعاقة بصرية أو سمعية أو حركية أو إعاقة عقلية أو اضطراب انفعالي أو حرمان بيئي وثقافي واقتصادي). ( القريوتي، الصمادي، السرطاوي، 1995). يتضح مما سبق أن كلا التعريفان لا يختلفان عن بعضهما كثيراً، بل توجد بينهما قواسم مشتركة وهي: إن صعوبات التعلم تكون واضحة في أداء الفرد في واحدة أو أكثر من المهارات الأكاديمية الأساسية ( القراءة، الكتابة، الحساب ).
صعوبات التعلم ليست ناتجة عن التخلف العقلي أو الإعاقات الحسية أو الاضطرابات السلوكية، كما أنها ليست نتيجة للحرمان الثقافي أو القصور في الخدمات التعليمية.
إن سبب صعوبات التعلم يكون في معظم الأحيان مرتبطاً بخلل وظيفي في الجهاز المركزي نتيجة لتلف في الدماغ أو خلل عصبي. أسباب صعوبات التعلم: لا تزال أسباب صعوبات التعلم غامضة، وذلك لحداثة الموضوع، وللتداخل بينه وبين الإعاقة العقلية من جهة، وبين صعوبات التعلم والاضطرابات الانفعالية من جهة أخرى، إلا أن الدراسات والتعاريف السابقة الذكر أجمعت على ارتباط صعوبات التعلم بإصابة المخ البسيطة أو الخلل الوظيفي المخي البسيط، وترتبط هذه الإصابة بواحدة أو أكثر من العوامل الأربعة التالية وهي: إصابة المخ المكتسبة. العوامل الوراثية أو الجينية. العوامل الكيميائية الحيوية. الحرمان البيئي والتغذية. أولاً: إصابة المخ المكتسبة: لقد افترض أن أكثر الأسباب المؤدية لصعوبات التعلم يعود إلى التلف الدماغي أو العجز الوظيفي البسيط والمكتسب قبل وخلال أو بعد الولادة، وتتضمن أسباب ما قبل الولادة إضافة إلى العوامل الجينية، نقص تغذية الأم خلال فترة الحمل، والأمراض التي تصيب الأم الحامل وبالتالي تؤثر على الجنين، فالحصبة الألمانية تصيب الأم خلال فترة الثلاث الأشهر الأولى من الحمل قد تسبب أنواع من الشذوذ المختلفة وبالتالي يسبب تلف دماغي بسيط، بالإضافة إلى النمو الغير سوي للنظام العصبي للجنين بسبب تناول الأم الحامل للكحول والمخدرات خلال مرحلة الحمل. وتعود الأسباب التي تحدث خلال فترة الولادة إلى تلك الظروف التي تؤثر في الطفل خلال مرحلة الولادة أو قبلها بفترة قصيرة جداً، وتتضمن هذه الأسباب: نقص الأكسجين، وإصابات الولادة نتيجة لاستخدام الأدوات الطبية الحادة والولادة البكرة والمتعسرة. أما أسباب ما بعد الولادة فتتضمن: الحوادث التي تؤدي إلى ارتجاج الدماغ منها السقوط من أعلى أو تعرض الطفل لحادث، بالإضافة إلى أمراض الطفولة مثل التهاب الدماغ والتهاب السحايا والحصبة الألمانية والحمى القرمزية التي يمكن أن تؤثر في الدماغ وأجزاء أخرى من النظام العصبي. ( سرطاوي، سرطاوي، 1988). ثانياُ: العوامل الوراثية: يبدأ النمو منذ أن يلقح حيوان منوي ذكري بويضة أنثوية وتكوين الخلية الأساسية، حيث يبدأ النمو الجسدي والعقلي، وأشار علماء الوراثة إلى أن الوراثة تتحكم في لون العينين والشعر والجلد ولون البشرة، وكثير من الخصائص الفسيولوجية سواء أكانت سلبية أم إيجابية، وأهم ما يتحدد بالوراثة هو جنس المولود ذكراً أم أنثى، ولقد ثبت أن هنالك بعض الأمراض الوراثية التي تنتقل بالوراثة كالضعف العقلي، وهذا بدوره يؤدي إلى صعوبات في التعلم عند الأطفال مستقبلاً.( عبد الهادي، نصر الله، شقير، 2000).
وقد اهتمت عدة دراسات بالتعرف على أثر الوراثة على صعوبات القراءة والكتابة واللغة، فقد أجريت بعض الدراسات على بعض العائلات التي تضم عدداً كبيراً من الأفراد الذين يعانون من مشكلات في القراءة أو اللغة، وقد أجرى هالجرن ( Hallgren,1950) دراسة شاملة لعدد من الأسر فقد قام بدراسة 276 فرداً لديهم صعوبات في القراءة ( Dyslexia) وكذلك أسرهم في السويد وجد بأن نسبة شيوع صعوبات القراءة والكتابة والتهجئة عند الأقارب تقدم دليلاً كافياً على أن مثل هذه الحالات تتواجد في الأسر ويظهر بأنها تخضع لقانون الوراثة.( سرطاوي، سرطاوي، 1988). ثالثاً: العوامل الكيميائية الحيوية: تشير الدراسات إلى أن الجسم الإنساني يفرز مواداً كيميائية لكي يحدث توازناً داخل الجسم، وهذا ما يطلق عليه بالكيمياء الحيوية، وقد يكون ذلك متمثلاً بإفرازات الغدد الصماء التي تصب في الدم مباشرةً، فالإفرازات الزائدة في الغدة الدرقية يؤدي ذلك إلى صعوبات في التعلم.( عبد الهادي، نصر الله، شقير، 2000). رابعاً: الحرمان البيئي والتغذية: أشارت دراسات عديدة إلى أن نقص التغذية والحرمان الوظيفي لها علاقة بالخلل الوظيفي البسيط بالمخ، والذي له تأثيره الكبير على معاناة الأطفال ذوي صعوبات التعلم، وقد استنتج كل من كيرك وكالفنت ( 1984) من خلال مسح دراسات عديدة إلى أن الأطفال الذين عانوا من سوء تغذية شديدة لفترة طويلة في سن مبكرة يؤثر ذلك على التعلم وخاصةً المهارات الأكاديمية الأساسية ويصبحون غير قادرين على الاستفادة من الخبرات المتاحة لهم، بالإضافة إلى أنه توجد عوامل كثيرة تؤثر على صعوبات التعلم منها العوامل غير البيولوجية والمعرفية والانفعالية وتختلف درجة تأثير كل عامل من تلك العوامل حسب نوع صعوبة التعلم.( عجاج، 1998). مما سبق ذكره يتضح لنا أنه من خلال السيطرة على تلك الأسباب وعلاجها والوقاية منها نستطيع أن تغلب على ظاهرة صعوبات التعلم عند الأطفال، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية للطفل وكذلك التغذية السليمة، وتوفير بيئة للطفل غنية بالمثيرات المادية وكل ذلك يعزز من قدرة الطفل على التعلم وينمي إمكانياته وتزيد الدافعية لديه. تصنيف صعوبات التعلم: تنقسم صعوبات التعلم إلى قسمين أساسيين هما: صعوبات التعلم النمائية صعوبات التعلم الأكاديمية أولاً: صعوبات التعلم النمائية: وهي الاضطراب في الوظائف والمهارات الأولية والتي يحتاجها الفرد بهدف التحصيل في الموضوعات الأكاديمية كمهارات الإدراك والذاكرة والتناسق الحركي وتناسق حركة العين واليد. تعتبر هذه المهارات هي مهارات أساسية في تعلم الكتابة والقراءة والتهجئة أو إجراء العمليات الحسابية، وإن الاضطراب الكبير والواضح في تلك المهارات وعجز الفرد عن تعويضها من خلال مهارات ووظائف أخرى هو دليل واضح على أن الفرد يعاني من صعوبات تعلم نمائية.( القاسم، 2000). وتنقسم صعوبات التعلم النمائية إلى قسمين:
الصعوبات الأولية: Primary Learning Disabilities
وتشمل الانتباه ، الذاكرة ، الادراك.
الصعوبات الثانوية: Secondary Learning Disabilities وتشمل اضطراب التفكير واضطرابات اللغة الشفهية.( عجاج، 1998). ثانياُ: صعوبات التعلم الأكاديمية: يقصد بصعوبات التعلم الأكاديمية المشكلات التي تظهر أصلاً من قبل أطفال المدارس وهي: الصعوبات الخاصة بالقراءة. الصعوبات الخاصة بالكتابة. الصعوبات الخاصة بالتهجئة والتعبير الكتابي. الصعوبات الخاصة بالحساب. ( القاسم، 2000). وهكذا نرى أن صعوبات التعلم النمائية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصعوبات التعلم الأكاديمية، حيث أن الطفل إذا عانى من صعوبة في الإدراك السمعي والذاكرة البصرية فهذا يمنع الطفل من تعلم القراءة.