top of page

نظرية الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجال صعوبات التعلم


نظرية الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجال صعوبات التعلم

ملخص الدراسة : تعتمد أساليب التدريس للأفراد ذوى صعوبات التعلم في الوقت الراهن على نظريات الذكاء التقليدية التي تهتم بالقدرات اللغوية والرياضية , وتهمل القدرات الأخرى غير المعرفية التي يمكن أن يستفيد منها التلاميذ في تعليمهم الأكاديمي , وفضلا عما سبق فإن استراتيجيات التدريس لأفراد هذه الفئة تركز هي الأخرى على جوانب ضعفهم فقط وتهمل جوانب القوة لديهم , و لذلك فإن الدراسة الحالية تسعى للإجابة عن سؤال مؤداه : هل يمكن الاعتماد في التدريس لذوى صعوبات التعلم على استرتيجيات تركز في أنشطتها على استثمار ما لديهم من جوانب قوة في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة ؟ وسوف تقوم الدراسة بالإجابة عن هذا السؤال من خلال إلقاء الضوء على نظرية الذكاءات المتعددة التي ترى أن أى فرد يمتلك ثمانية ذكاءات هي: الذكاء اللغوي , والذكاء المنطقي الرياضي , والذكاء البصري المكاني , والذكاء الجسمي الحركي , والذكاء الموسيقى , والذكاء الاجتماعي , والذكاء الشخصي , وذكاء التعامل مع الطبيعة , وأن هذه الذكاءات تعمل بشكل مستقل , ويمكن تنميتها من خلال التدريب والتشجيع , وسوف تسعى أيضاً إلى الكشف عن إمكانية الاستفادة من هذه الذكاءات في مجال التدريس لذوى صعوبات التعلم اعتماداً على معرفة الذكاءات القوية لديهم , واستثمارها في تعليمهم الأكاديمي من خلال أنشطة تعليمية في مجالات هذه الذكاءات . كلمة ذكاء هى كلمة مجمعية وضعها علماء اللغة فى مجمع اللغة العربية بالقاهرة مؤخرا , ودونوها في المعجم الوسيط تحت مادة ذكوى , وهى كلمة تطلق على المفرد والجمع , وإذا أردنا جمعها نعمل فيها القياس على نظائرها مثل كلمة سماء حيث إن الهمزة فيها منقلبة عن واو , ولذلك يجوز عند الجمع ردها إلى أصلها الواوى وزيادة ألف وتاء فنقول ذكاوات مثل سماوات , أو بقاء الهمزة ونقول ذكاءات مثل سماءات , ويرجح علماء اللغة في مثل هذه الحالة بقاء الهمز فنقول ذكاءات , وإن كان المشهور في نظيرتها سماء ردها إلى الواو فنقول سماوات . مقدمة : تعتمد معظم أساليب التدريس لذوى صعوبات التعلم في الوقت الراهن على النظريات التقليدية للذكاء التي ترى أنه عبارة عن قدرة معرفية مكتسبة تقاس باختبارات محددة لقياس الذكاء حيث يشير مجموع الدرجات التي يحصل عليها الفرد من خلال استجابته عليها إلى درجة يطلق عليها معامل الذكاء, وتعني الدرجة المرتفعة التي يحصل عليها الفرد أن ذكاءه مرتفع ، بينما تعنى الدرجة المنخفضة أن ذكاءه منخفض .

ولقد كان العلماء حتى عهد قريب ينظرون للذكاء على أنه إما كقدرة فطرية قادرة على معرفة الواقع ، أو كنسق من التداعيات المكتسبة آليا تحت ضغط الأشياء حيث يبدأ هذا الذكاء بمظاهر حسية حركية ، ثم يتم استبطانه تدريجياً لكي يتحول إلى فكر، وهذا يعنى أن المظهر الحسي الحركي هو مرحلة أولية من مراحل الذكاء ، وفضلا عما سبق فإن مظاهر الذكاء الراقية لا تتحرك إلا بواسطة أدوات الفكر الذي يستند على تنفيذ وتنسيق الأفعال بصورة استبطانية ، وهذه الأفعال باعتبارها صيرورات تحويل ما هي إلا إجراءات منطقية أو رياضية محركة لكل حكم أو استدلال ( الفقيهى ،2003 :74 ) . وبمراجعة أدبيات التربية الخاصة فيما يتعلق بنظريات الذكاء تبين للباحث الحالي أن النظريات التقليدية للذكاء تركز في تناولها لهذا المفهوم على النمو اللغوي والرياضي ، ولا تهتم بالجوانب الأدبية ، والفنية ، ولا بالعلاقات الاجتماعية للطفل بالشكل المناسب حيث تركز على الأنشطة العقلية التي تتعلق بالقدرات اللغوية ، والرياضية التي يعتمد عليها النظام الحالي في التدريس . وفى عام (1983) توصل "هاورد جاردنر" Howard Gardner لنظرية جديدة أطلق عليها نظرية الذكاءات المتعددة Theory Multiple Intelligencesثم قام بتطويرها عام (1993) حيث تختلف عن النظريات التقليدية في نظرتها للذكاء لأنه يرى أن الذكاء الإنساني هو نشاط عقلي حقيقي وليس مجرد قدرة للمعرفة الإنسانية ، ولذلك سعى في نظريته هذه إلى توسيع مجال الإمكانات الإنسانية بحيث تتعدى تقدير نسبة الذكاءGardner ,1983 ,1993 ) ) ، ولذلك نجد أن العديد من برامج التدريس للأطفال العاديين ، وذوى الإحتياجات الخاصة قد اعتمدت في الفترة الأخيرة على هذه النظرية (المفتى ، 2004 :145 ) ، وانطلاقا من هذا التصور ذكر " الفقيهى " أن " جاردنر " يرى أننا يجب أن لا نتعامل مع ذكاء الأطفال في التعليم بالمناهج القائمة على التلقين المحض , وإنما يجب التركيز على الأنشطة المختلفة للذكاءات المتعددة لكي يستفيد كل طفل من النشاط الذي يوافق ذكاءاته (الفقيهى ، 2003 : 75 ) . مشكلة الدراسة : يقوم مفهوم صعوبات التعلم على تفاوت القدرات والإمكانات المختلفة لدى الفرد الواحد بما يعنى أن بعض هذه القدرات والإمكانات قد تكون ضعيفة لدى الفرد , بينما يكون بعضها الآخر قوياً ( Kirk & Gallagher, 1986: 97) . ويمتلك ذوو صعوبات التعلم بعض الذكاءات المرتفعة - وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة - والتي تظهر بوضوح في بعض مجالات هذه الذكاءات مثل الرسم والموسيقى والتربية البدنية والتمثيل والتي قد تتفوق على مثيلاتها لدى أقرانهم العاديين , ورغم ذلك لم يستفد منها المعلمون في تحسين مستوى التعليم الأكاديمي لدى ذوى صعوبات التعلم Stolowitz , 1995 : 6 . ; Weinstein , 1994 :142 )) . وحيث إن أساليب التدريس الحالية لذوى صعوبات التعلم تعتمد على أساليب التدريس التقليدية التي تركز على جوانب الضعف لدى أفراد هذه الفئة وتهمل جوانب القوة لديهم( Poplin , 1993 : 57 ) , لذلك فإن مشكلة الدراسة الحالية تتمثل في سؤال عام مؤداه : هل يمكن الإعتماد فى التدريس لذوى صعوبات التعلم على إستراتيجيات تركز فى أنشطتها على استثمار ما لديهم من جوانب قوة في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة ؟ هدف الدراسة : تهدف الدراسة الحالية إلى محاولة إلقاء الضوء على نظرية الذكاءات المتعددة التى ترى أن أى فرد يمتلك ثمانية ذكاءات تعمل بشكل مستقل ، والكشف عن إمكانية الاستفادة من تطبيقاتها التربوية في مجال التدريس لذوى صعوبات التعلم ، وذلك اعتمادا على معرفة نواحى القوة والضعف لديهم في هذه الذكاءات . أهمية الدراسة : تتمثل أهمية الدراسة الحالية في عرضها لنظرية الذكاءات المتعددة كتصور حديث للذكاء الإنساني حيث يؤدى تطبيق مفاهيمها في التدريس لذوى صعوبات التعلم إلى تلبية الحاجات والفروق الفردية لديهم في التعليم الأكاديمي , وذلك من خلال تنويع المعلم للمواقف والأنشطة التعليمية للوحدة الدراسية الواحدة بحيث يتمكن كل تلميذ من الإستفادة من المواقف والأنشطة التي تتوافق مع ذكاءاته المختلفة . مصطلحات الدراسة : الذكـاء Intelligence : هو عبارة عن قدرة معرفية مكتسبة يولد بها الأفراد ، وتقاس باختبارات محددة ، حيث يشير مجموع الدرجات التي يحصل عليها الفرد من خلال استجابته عليها إلى درجة يطلق عليها معامل الذكاء . ويعرف " جاردنر " الذكاء وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة بأنه القدرة على حل المشكلات ، أو ابتكار نواتج ذات قيمة في نطاق ثقافة واحدة على الأقل ، وسياق خصب وموقف طبيعي , كما يرى أن أي فرد يمتلك ثمان ذكاءات وهى كالآتي : الذكاء اللغوي : ويعنى قدرة الفرد على تناول ومعالجة واستخدام بناء اللغة ومعانيها في المهام المختلفة سواء في التعبير عن النفس أو في مخاطبة الآخرين.

الذكاء المنطقي الرياضي : ويتمثل في القدرة على التفكير المنطقي وحل المشكلات والاستدلال والاستنتاج والتمييز بين النماذج وإدراك العلاقات .

الذكاء البصري المكاني : ويعنى القدرة على إدراك العالم البصري المكاني بدقة من خلال مهارات التمييز البصري , والتعرف البصري , والتعبير البصري , والصور العقلية , والاستدلال المكاني .

الذكاء الجسمي الحركي : ويشير إلى القدرة على ربط أعضاء الجسم بالعقل لأداء بعض المهام مثل الممثل , واللاعب الرياضي , أو استخدام اليدين لإنتاج بعض الأشياء مثل الطبيب الجراح , والنحات , والميكانيكي .

الذكاء الموسيقي : ويشير إلى قدرة الفرد على إدراك وإنتاج الصيغ الموسيقية المختلفة التي تتمثل في الإيقاع , والجرس الموسيقي , ونوعية الصوت .

الذكاء الاجتماعي : ويعني قدرة الفرد على التواصل والتفاعل الاجتماعي الإيجابي مع الآخرين .

الذكاء الشخصي : ويشير إلى قدرة الفرد على إدراك مشاعره ودوافعه, واستخدام المعلومات المتاحة في التخطيط لشئون حياته واتخاذ القرارات المناسبة له .

ذكاء الطبيعة : ويعنى القدرة على استكشاف وتمييز وتصنيف الأشياء التي توجد في الطبيعة مثل النباتات والحيوانات والصخور( Gardner , 1993 : 35 ) . صعوبات التعلم Learning Disabilities : لقد أشارت اللجنة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلم National Joint Committee on Learning Disabilities في تعديلها الأخير لتعريف صعوبات التعلم عام (1994) بأنه مصطلح عام يقصد به مجموعة متغيرة من الاضطرابات التي تظهر بوضوح على شكل صعوبات ذات دلالة في اكتساب واستعمال مهارات الاستماع ، أو الكلام ، أو القراءة أو الكتابة ، أو التفكير ، أو الذاكرة , أو القدرات الرياضية ، وأن هذه الاضطرابات تتصف بكونها داخلية لدى الفرد تعود إلى قصور وظيفي في الجهاز العصبي المركزي ، ويمكن أن تحدث خلال مراحل الحياة المختلفة ، كما يمكن أن يصاحبها مشكلات في التنظيم الذاتي والإدراك الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي دون أن تشكل هذه الأمور بحد ذاتها صعوبة تعليمية ، ورغم أن صعوبات التعلم قد تحدث مصاحبة لأحوال أخرى مثل الإعاقة حسية أو التخلف العقلي ، أو الاضطراب الانفعالي الحاد ، أو مصاحبة لمؤثرات خارجية مثل الفروق الثقافية أو التعليم غير الكافي أو غير الملائم , إلا أنها ليست ناتجة عن هذه الأحوال ، أو هذه المؤثرات (الوقفى، 2003 : 24). أساليب التدريسLearning Teaching : يقصد بأساليب التدريس تلك التقنيات والوسائل المتنوعة اللفظية وغير اللفظية التي يستخدمها المعلم في عرضه لمحتوى المادة العلمية بشكل يراعى جوانب القـوة لدى جميع الطلاب ويضفى على التعليم صفة التفاعل الايجابي مثل التعليم المنظم على أساس خطوة فخطوة ، أو التعليم من الكل إلى الأجزاء (القبالى ، 2003: 76 ) . الإطار النظري أولا : نظرية الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences Theory : : يرى " جاردنر " أن النظريات التقليدية للذكاء لا تقدر الذكاء الإنساني بطريقة مناسبة من خلال اختبارات الذكاء التقليدية لأنها تعتمد على معدل قليل من القدرات العقلية, بالإضافة إلى أنها ليست عادلة حيث تتطلب من الأفراد حل المشكلات بصورة لغوية أو لفظية فقط ، فعلى سبيل المثال نجد أن الاختبارات التي تقيس القدرة المكانية لا تسمح للأطفال الصغار بالمعالجة اليدوية للأشياء أو بناء تركيبات ثلاثية الأبعاد ، وفضلا عما سبق فإن اختبارات الذكاء التقليدية تستطيع أن تقيس الأداء المدرسي ولكنها أدوات لا يمكن التنبؤ من خلالها بالأداء المهني مما يدل على وجود فجوة بين القدرة المقاسة للطالب من جهة ، وأدائه الفعلي من جهة أخرى ( سيد ، 2001 : 213 ) . وفى مقابل تلك النظرة المحدودة للذكاء بمفهومه التقليدي الذي يركز على القدرة اللغوية والقدرة الرياضية المنطقية توصل " جاردنر " لأدلة علمية تؤكد أن الناس لديهم ذكاءات متعددة ولكن بدرجات متفاوتة ، ولذلك أعد نظرية أطلق عليها نظرية الذكاءات المتعددة حيث أوضح فيها أن القدرات التي يمتلكها الناس تقع في ثمان ذكاءات تغطى نطاقا واسعا من النشاط الانسانى لدى الفئات العمرية المختلفة وهى كما يلي : 1-الذكاء اللغوي Linguistic Intelligence : و يعنى القدرة على تناول ومعالجة واستخدام بناء اللغة وأصواتها سواء كان ذلك شفوياً أو تحريرياً بفاعلية في المهام المختلفة وفهم معانيها المعقدة والتي تُظهر في مجملها درجات عالية من الذكاء مثل المؤلف والشاعر والصحفي والخطيب والمذيع Nolen, 2003 :116 ) ) . فاللغة من أهم ما يميز ذكاء الإنسان ، فضلا عن كونها أساسية لحياته الاجتماعية ، ولذلك فإن الذكاء اللغوي تسود فيه اللغة والحساسية للأصوات والمعاني والإيقاع كما أن الأفراد الذين يتمتعون بهذا الذكاء يكون لديهم نمو مرتفع في مكونات اللغة والمهارات السمعية ، كما أنهم يقرأون أو يكتبون كثيراً ، ولديهم قدرة عالية على معالجة اللغة واستخدام الكلام إما للتعبير عن النفس بالمخاطبة أو بالشعر أو كأداة للتواصل مع الآخرين من خلال التوضيح والإقناع ، ولذلك فإن هؤلاء الأفراد يميلون للعمل في مجالات التعليم والصحافة والإذاعة والأدب والقانون والترجمة والسياسة ( المفتى ، 2004 : 147 ) .

2- الذكاء المنطقي الرياضيLogical Mathematical Intelligence : لقد اقترح " جاردنر " نموذجاً للنمو المعرفي يتطور من الأنشطة الحس حركية إلى العمليات الأساسية التي ربما تصور النمو في أحد اختصاصات الذكاء المنطقي الرياضي والذي يعنى قدرة الفرد على التفكير التجريدي ، والاستنباطي ، والتصورى ، واستخدام الأعداد بفاعلية وإدراك العلاقات ، واكتشاف الأنماط المنطقية ، والأنماط العددية وأن يستطيع من خلالها الاستدلال الجيد مثل عالم الرياضيات ومبرمج الكمبيوتر ، وهذا الذكاء يضم الحساسية للنماذج أو الأنماط المنطقية والعلاقات والقضايا والوظائف والتجريدات الأخرى التي ترتبط بها ، وأنواع العمليات التي تستخدم في خدمة الذكاء المنطقي - الرياضي والتي تضم : الوضع في فئات ، والتصنيف ، والاستنتاج ، والتعميم ، والحساب ، واختبار الفروض Nelson ,1998 : 57 ) ) .

3- الذكاء البصري المكاني Visual Spatial Intelligence : و يعنى القدرة على إدراك العالم البصري - المكاني المحيط بدقة وفهم واستيعاب أشكال البعد الثالث وابتكار وتكوين الصور الذهنية والتعامل معها بغرض حل المشكلات أو إجراء التعديلات وإعادة إنشاء التصورات الأولية في غياب المحفزات الطبيعية ذات العلاقة مثل الصياد والكشاف والملاح والطيار والنحات والرسام والمهندس المعماري ومصمم الديكورات ، وغيرها من الأعمال الأخرى التي تحول ادراكات السطح الخارجي إلى صور داخلية ثم طرحها في شكل جديد أو معدل أو تَحْويل المعلومات إلى رموز ، وهذا الذكاء يتطلب الحساسية للون والخط والشكل والطبيعة والمساحة والعلاقات التي توجد بين هذه العناصر وكذلك القدرة على التصوير البصري والبياني (جابر ،2003 : 10 ) .

4- الذكاء الجسمي - الحركي Bodily-Kinesthetic Intelligence : و يعنى قدرة الفرد على استخدام قدراته العقلية مرتبطة مع حركات جسمه ككل للتعبير عن الأفكار والمشاعر أو تحريكه على قطع موسيقية مثل اللاعب الرياضي والممثل والراقص وأيضاً قدرته على استخدام يديه لإنتاج الأشياء أو تحويلها مثل النحات والميكانيكي والجراح ، وهذا الذكاء يضم مهارات نوعية محددة مثل التآزر والتوازن والمهارة والقوة والمرونة والسرعة والإحساس بحركة الجسم ووضعه والقدرة اللمسية Karen , 2002 : 6 ) ).

5-الذكاء الموسيقى Musical Intelligence : و يعنى القدرة على إدراك وإنتاج وتقدير الصيغ الموسيقية المختلفة، وهذا الذكاء يظهر لدى الأفراد الذين يمتلكون حساسية إلى درجة الصوت والإيقاع والوزن الشعري والجرس واللحن والنغمات بدرجاتها المختلفة وفهم معانيها وذلك مثل : الفرد المتذوق للموسيقى ، أوتمييزها مثل الناقد أو المؤلف الموسيقى ، أوالتعبير عنها مثل العازف (جابر ،2003 : 11) .

6- الذكاء الاجتماعي ( التعامل مع الآخرين )Interpersonal Intelligence : ويعنى القدرة على اكتشاف وفهم الحالة النفسية والمزاجية للآخرين ودوافعهم ورغباتهم ومقاصدهم ومشاعرهم والتمييز بينها والاستجابة لها بطريقة مناسبة ، وهذا الذكاء يضم الحساسية للتعبيرات الوجهية والصوت والإيماءات ، وهو يظهر بوضوح لدى المعلم الناجح والأخصائي الاجتماعي والسياسي ( المفتى ، 2004 : 146 ) .

7- الذكاء الشخصي Intelligence Intrapersonal : ويعنى قدرة الفرد على الإدراك الصحيح لذاته والوعي بمشاعره الداخلية وقيمه ومعتقداته وتفكيره ، ودوافعه وتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف لديه ، واستخدام المعلومات المتاحة في التصرف والتخطيط وإدارة شئون حياته ، والحكم على صحة تفكيره في اتخاذ قراراته واختيار البدائل المناسبة في ضوء أولوياته ( Deing ,2004 : 18 ) .

8- ذكاء التعامل مع الطبيعة Naturalist intelligence : ويعنى القدرة على تمييز وتصنيف الأشياء التي توجد في البيئة الطبيعية مثل النباتات والحيوانات والطيور والأسماك والحشرات والصخور ، وتحديد أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بينها ، واستخدام هذه القدرة في زيادة الإنتاج ، وهذا الذكاء يتوقف على ملاحظة مثل هذه النماذج في الطبيعة ، ولذلك فإن هذا النوع من الذكاء يظهر لدى الفلاحين وعلماء كل من: الطبيعة والنبات والحيوان والحشـرات Gardner,1993 : 37 ) ) . وترى هذه النظرية أن الذكاءات المتعددة لدى كل فرد تعمل بشكل مستقل , كما ترى أيضاً أن كل فرد يختص بمزيج أو توليفة منفردة من هذه الذكاءات يطلق عليها البعض (بصمة ذكائية) وهي التي يستخدمها في تعاملاته ، وفى مواجهته للمواقف والمشكلات المختلفة التي يتعرض لها في حياته ( المفتى ، 2004 : 149 ), كما ترى أيضاً أن كل فرد يستطيع تنمية ذكاءاته المختلفة أوالارتقاء بها إلى مستوى أعلى إذا توفر لديه الدافع وتيسر له التشجيع والتدريب المناسبين ( Karen , 2001 : 7) . ويذكر " الشيخ " أن نظرية الذكاءات المتعددة تقوم على فرضين أساسيين حيث يشير الفرض الأول إلى أن الناس جميعا لديهم نفس الاهتمام ونفس القدرات ولكنهم لا يتعلمون بنفس الطريقة , بينما يشير الفرض الثانى إلى أن العصر الذي نعيشه لا يمكن أن يتعلم الفرد فيه كل شيئ يمكن تعلمه ( الشيخ , 1999 :76 ) . وهكذا يمكن القول أن نظرية الذكاءات المتعددة ليست نظرية أنماط تحدد الذكاء الذي يلائم شخصا ما ، ولكنها تقترح أن كل شخص لديه قدرات في نطاق أنواع الذكاءات الثمانية , فقد نجد أن بعض الناس يملكون مستويات عالية جدا من الأداء الوظيفي في جميع الذكاءات الثمانية أو في معظمها ، بينما يملك أناس آخرون مستويات منخفضة جدا من الأداء الوظيفي فيها ولذلك نجدهم في مؤسسات المعاقين نمائيا ، أي أنهم تنقصهم جميع جوانب الذكاء ما عدا الجوانب الأكثر بدائية أو الأولية ، والجدير بالذكر أن معظمنا يقع ما بين هذين القطبين ، أي أن بعض ذكاءاتنا متطورة جداً وبعضها الآخر نموه متوسط ، والباقي نموه منخفض نسبيا ( جابر ،2003 :20 -21 ) . ولقد بينت نتائج الدراسات التجريبية " لجاردنر" أن الأفراد ذوى الإصابات الدماغية الناتجة عن مرض أو حادث بعضهم تأثرت بعض ذكاءاته من هذه الإصابات ، والبعض الآخر منها لم يتأثر الأمر الذي يؤكد على وجود عدة أنظمة دماغية مستقلة نسبياً لهذه الذكاءات ( الفقيهى ،2003: 76 ) ، وفضلا عن اعتماد جاردنر على هذا المعيار العلمي لتأسيس نظريته ، إلا أنه يؤكد على أن أي ذكاء من هذه الذكاءات لا يمكن اعتباره كذلك إلا إذا توفرت له عدة معايير تعد بمثابة الأسس النظرية والعملية لنظرية الذكاءات المتعددة ،وهذه المعايير يمكن عرضها على النحو التالى : 1-الاستقلال الموضعي في حالة التلف الدماغي بمعنى أن أي ذكاء من الذكاءات المختلفة لدى الفرد إذا تعرض لتلف مخي فمن المحتمل أن يحافظ على استقلاله النسبي عن الذكاءات الأخرى . 2-أن أي ذكاء من الذكاءات المختلفة لن يكون مقبولا وله مصداقية إلا حينما يكون له تاريخ نمائي ومسار تطوري مثل الذكاء اللغوي الذي ينمو ويتطور لدى الفرد مع مراحل نموه المختلفة . 3-أن الكفاءات المختلفة للأفراد الموهوبين والمتخلفين عقليا تؤكد على إمكانية ملاحظة الذكاء الإنساني في أشكاله المنعزلة والمستقلة ، وأنها رغم ارتباطها بعوامل وراثية أو بمناطق عصبية معينة في الدماغ إلا أنها تؤكد على وجود ذكاء محدد ، ولذلك نجد أن بعض الأفراد لديهم نوع معين من الذكاء مرتفع بينما تكون بعض أو كل ذكاءاتهم الأخرى في مستوى متدني ، وفضلا عما سبق فإن غياب قدرة عقلية معينة لدى الأطفال ذوى الإحتياجات الخاصة يؤكد على ضعف نوع معين من الذكاء بينما قد تكون لديه ذكاءات أخرى مرتفعة . 4-أن أي ذكاء يجب أن يكون له تاريخ نمائي قابل للتحديد ويخضع له الأفراد العاديون وغير العاديين مما يستوجب مراعاة الوظائف التي يشغل فيها الذكاء مكانة مركزية لأن الذكاءات المتعددة لا يتم تحفيزها وإثارتها إلا من خلال المشاركة في الأنشطة ذات القيمة الثقافية ، بالإضافة إلى أن هذه الذكاءات يمكن تحديد مستويات نموها . 5-أكدت نتائج الدراسات التجريبية على وجود استعدادات وقدرات خاصة لكل نوع من الذكاءات المتعددة وأن هذه الذكاءات مستقلة فى استعداداتها وقدراتها عن القدرات والاستعدادات التى ترتبط بنوع آخر من الذكاء ، ولذلك فإن كل ذكاء يعمل بشكل مستقل عن الذكاءات الأخرى . 6-يعتقد " جاردنر " أن الذكاء الإنساني يعد بمثابة منظومة حاسوبية يجب أن تكون مبرمجة وراثياً لكى تعمل بواسطة أنماط محددة من المعلومات المعروضة داخليا أو خارجياً ، وكما أن أى برنامج معلوماتي يتطلب مجموعة عمليات لكي يعمل ، فإن كل ذكاء يتطلب أيضاً مجموعة من العمليات الأساسية التى تمكنه من إنجاز مختلف الأنشطة الخاصة به . 7- أن معظم أشكال التواصل المعرفي للإنسان تمر من خلال أنظمة رمزية , وهذا يعنى أن كل ذكاء من هذه الذكاءات المتعددة يتوفر على نسق نظامه الرمزي الخاص به لدى الفرد Nicholas , 2000 : 268-273 ; Deing , 2004 : 18 ) ) . وبعد هذا العرض لنظرية الذكاءات المتعددة يمكن للباحث أن يستخلص منه الآتي: أن كل فرد لديه عدة ذكاءات ـ وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة ـ وهي : الذكاء اللغوي , والذكاء المنطقي الرياضي , والذكاء البصري المكاني , والذكاء الجسمي الحركي , والذكاء الاجتماعي , والذكاء الشخصي , وذكاء التعامل مع الطبيعة . أن هذه الذكاءات تعمل بشكل مستقل , وتتفاوت مستوياتها داخل الفرد الواحد . أن مستوى الذكاءات المتعددة يختلف من فرد لآخر , كما أن كل فرد يختص بمزيج أو توليفة منفردة من هذه الذكاءات . أن أنماط الذكاءات المتعددة يمكن تنميتها أو الارتقاء بمستوياتها إذا توفر الدافع لدى الفرد , ووجد التدريب والتشجيع المناسبين . أن كل فرد يستطيع التعبير عن كل ذكاء من ذكاءاته المتعددة بأكثر من وسيلة . أن الناس جميعا لديهم نفس القدرات ولكنهم لا يتعلمون بطريقة واحدة . ثانيا : صعوبات التعلم Learning Disabilities: يعد مجال صعوبات التعلم من المجالات الهامة التي تركز عليها الدراسات العلمية في الوقت الراهن ، ولعل ذلك يرجع لاهتمام معظم دول العالم بذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقدم لهم البرامج التي تهدف إلى مساعدتهم على الاستفادة القصوى مما تبقى لديهم من قدرات وفقا لتصنيفهم الذي يبين جوانب القصور لديهم ، وتشير أدبيات التربية الخاصة إلى أن صعوبات التعلم تنقسم إلى نوعين هما صعوبات التعلم النمائية ، وصعوبات التعلم الأكاديمية وسوف يشير لهما الباحث بإيجاز فيما يلي: أولا : صعوبات التعلم النمائية : Developmental Learning Disabilities يقصد بصعوبات التعلم النمائية تلك الصعوبات التي تتناول العمليات ما قبل الأكاديمية والتي تتمثل في العمليات المعرفية المتعلقة بالانتباه والإدراك والذاكرة والتفكير واللغة التي يعتمد عليها التحصيل الأكاديمي (القبالى ، 2003 : 72 ) .

ثانيا: صعوبات التعلم الأكاديمية :Academic Learning Disabilities وهى تعنى أن مستوى التحصيل الدراسي للطفل لا يتمشى مع مستوى قدراته العقلية وهذا النوع من صعوبات التعلم يشمل ما يلي : 1- صعوبات التعلم في الكتابة : ويظهر هذا النوع من صعوبات التعلم في عدة أشكال أهمها عدم قدرة الطفل على معرفة شكل الحرف وحجمه ، وأيضاً عدم قدرته على التحكم في المسافة بين الحروف أو كتابة الكلمات شائعة الاستخدام ، فضلا عن الأخطاء الإملائية والنحوية الناتجة عن عدم قدرته على تمييز الأصوات المتشابهة مما يؤدى إلى حدوث أخطاء في كتابتها ، وحذف أو إضافة أو إبدال بعض الحروف في الإملاء ( كوافحة ، 2003: 89 ) .

2- صعوبات التعلم في القراءة : وهى تظهر على عدة أشكال مثل الصعوبة الشديدة في الربط بين شكل الحرف وصوته ، وفى تكوين كلمات من عدة حروف ، وأيضاً في التمييز بين الحروف التي قد تختلف في شكلها اختلافاً بسيطاً مثل الباء والنون ، بالإضافة إلى صعوبة التعرف السريع على الكلمات أو تحليلها لغرض نطقها ، أو معرفة وتذكر علامات التشكيل ، فضلا عن حذف بعض الحروف وإضافة البعض الآخر أو إبدال بعض الحروف ببعض ، أو تشويه نطقها .

3- صعوبات التعلم في الرياضيات : وتتمثل هذه الصعوبات في التعرف على مفاهيم الأعداد والأرقام ومدلولاتها الفعلية ومعرفة الحقائق الرياضية مثل الجمع والطرح ، بالإضافة إلى صعوبة التعرف على قيم الخانات والتسلسل التصاعدي والتنازلي للأرقام ، وقراءة وكتابة الأعداد المكونة من خانات متعددة ، وأيضاً صعوبة التعرف على الرموز الرياضية ،وكتابة الأرقام المتشابهة في الكتابة والمختلفة في الاتجاه مثل رقمي (2 ، 6) .

4- صعوبات التعلم في المواد الأكاديمية الأخرى : وهى تشمل الصعوبات التي يجدها التلاميذ في المواد الدراسية الأخرى مثل العلوم والجغرافيا حيث يجد التلاميذ صعوبة في استخدام الاستراتيجيات اللازمة لفهم المادة الدراسية وتذكر معلوماتها مثل استراتيجيات تنظيم المعلومات وربط الأفكار وتحديد المعلومات الهامة ( أبو نيان ، 2001: 23-26 ) . وترى نظرية الذكاءات المتعددة أن صعوبات التعلم قد تحدث في أنواع الذكاءات الثمانية بمعنى أنه بالإضافة إلى أنواع الصعوبات الأكاديمية التي قد توجد لدى ذوى صعوبات التعلم قد نجد لدى بعضهم أيضاً صعوبات مكانية ، أو صعوبة في التعرف على الوجوه ، وبعضهم الآخر لديه قصور جسمي حركي يعوقهم عن تنفيذ أوامر حركية معينة بينما يوجد لدى آخرين منهم عجز موسيقي ، في حين نجد أن البعض الآخر منهم لديه اضطرابات شخصية أو عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية إيجابية مع الآخرين ، وأن نواحي القصور أو العجز هذه كثيراً ما تعمل بشكل مستقل وسط أبعاد أخرى من بروفيل تعلم الفرد الذي يعتبر سليماً نسبياً ( جابر ، 2003: 171 ) .

وتشير الأدبيات النفسية في مجال صعوبات التعلم أن أساليب التدريس لأفراد هذه الفئة تعتمد على ثلاث استراتيجيات هي : التدريب القائم على تحليل المهمة وتبسيطها : تفترض هذه الإستراتيجية عدم وجود خلل أو عجز نمائي لدى ذوى صعوبات التعلم وأن مشكلتهم تتمثل في نقص التدريب والخبرة بالمهمة ذاتها , ولذلك فإنها تعتمد على تحليل المهمة بشكل يسمح للتلميذ بأن يتقن عناصرها البسيطة . التدريب القائم على العمليات النفسية والنمائية : تفترض هذه الإستراتيجية أن التلميذ يعانى من عجز نمائي محدد , ولذلك تعتمد هذه الإستراتيجية على تدريب القدرات النمائية لدى ذوى صعوبات التعلم . التدريب القائم على تحليل المهمة والعمليات النفسية والنمائية : تقوم هذه الإستراتيجية على دمج المفاهيم الأساسية لكل من إستراتيجية تحليل المهمة , وإستراتيجية العمليات النفسية والنمائية ( أبونيان ,2001 :205-206 Deing , 2004 : 21. ; ) . ونظرا لأن هذه الاستراتيجيات تعتمد على علاج جوانب العجز و تهمل جوانب القوة لدى ذوى صعوبات التعلم , لذلك يرى الباحث الحالي أن الإستراتيجية المناسبة في التدريس لأفراد هذه الفئة هي تلك التي تركز على جوانب القوة لديهم المتمثلة في ذكاءاتهم القوية وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة .

التطبيقات التربوية للذكاءات المتعددة في مجال صعوبات التعلم

تعتمد التطبيقات التربوية لذوى صعوبات التعلم على كل من : المعلم من جهة , واختيار إستراتيجيات التدريس المناسبة لأفراد هذه الفئة من جهة أخرى والتي يجب أن تهتم بجوانب القوة لديهم إلى جانب اهتمامها بجوانب ضعفهم .

فبالنسبة للمعلم يجب أن ينمى نفسه مهنياً من خلال القراءة والإطلاع المستمر على كل ما هو جديد في مجال تعليم ذوى صعوبات التعلم , كما يجب عليه أن يغير- بشكل مستمر - في طريقة عرضه بحيث ينتقل من الأنشطة اللغوية إلى استخدام الصور ..الخ , أو يؤلف بين عدة ذكاءات بأنشطة مبتكرة ( Nolen ,2003 : 117 ) , كما يجب عليه الاهتمام بجوانب القوة لدى أفراد هذه الفئة في الذكاءات المختلفة , وهذا يعنى أن التدخل التربوي لهؤلاء الأطفال يجب أن يركز على جوانب القوة لدى كل تلميذ خاصة تلك التي تجمع بين عدة ذكاءات , وفضلا عما سبق فإن تقييم هؤلاء التلاميذ لابد أن يكون شمولياً متعدد الأبعاد بحيث يشمل مجالات الذكاءات المختلفة (Susan & Dale , 2004 : 25).

كذلك يجب عليه التخطيط للدرس والاهتمام في تحضيره بالأنشطة التي تستثمر الذكاءات المختلفة سواء كانت لغوية أو فنية أو مسرحية أو موسيقية , وأن يهتم بالمواهب والقدرات الخاصة التي قد توجد لدى بعض التلاميذ واستثمارها في العملية التعليمية. وبالنسبة لمعلمي الأنشطة غير الصفية مثل الرسم والموسيقى والتربية البدنية يجب أن يكون لهم دور أساسي في مساعدة معلمي المواد الأكاديمية حتى يحدث تكاملاً مهنياً بينهم بما يخدم العملية التعليمية لذوى صعوبات التعلم ( Deing , 2004 : 21) .

وأما بالنسبة إلى استراتيجيات التدريس المناسبة لذوى صعوبات التعلم يعتقد الباحث الحالي أنها يجب أن تتمشى مع ما أشار إليه كل من " كيرك , وجلاجر " بأن مفهوم صعوبات التعلم يقوم على تفاوت القدرات لدى الفرد الواحد بما يعنى أن كل فرد لديه جوانب ضعف ويمتلك جوانب قوة( Kirk & Gallagher, 1986: 97) , ولذلك فإن نظرية الذكاءات المتعددة تجعل المعلمون الذين يستخدمونها في التدريس ينظرون للأطفال ذوى صعوبات التعلم كأشخاص يمتلكون نواحي قوة في مجالات كثيرة من ذكاءاتهم مثل الفن والموسيقى والرياضة البدنية والإصلاح الميكانيكي وبرمجة الكمبيوتر ، ومن ثم استثمارها في تعليمهم الأكاديمي ( جابر ,2003 :171) .

ولقد أوضحت أدبيات البحوث النفسية والتربوية أن أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة تعتبر من الأساليب الفعالة في تعليم ذوى صعوبات التعلم لأنها تجعل المعلمين ينوعون فى الأنشطة والمواقف التعليمية التي يستخدمونها للوحدة الدراسية الواحدة مما يتيح لكل تلميذ داخل حجرة الصف أن يستفيد من الأنشطة التي تتوافق مع نوع الذكاء المرتفع لديه ( Deing ,2004 : 19 ; Dunn ,et al,2001 :12 ), وهذا ما أكدته نتائج التطبيق الفعلي في بعض المدارس بالولايات المتحدة الأمريكية التي اعتمدت أساليب تدريسها لذوى صعوبات التعلم على هذه النظرية مما أدى إلى تحسن دال في المواد الأكاديمية التي يعانى هؤلاء التلاميذ من صعوبة فيها كما بينت ذلك نتائج القياس البعدي مقارنة بنتائج القياس القبلي ( واينبرنر، 2002 :97 -103).

فالتدريس وفقا لهذه النظرية يجعل التلاميذ الذين يواجهون صعوبة في مجال ذكاء معين بإمكانهم التغلب على هذه الصعوبات من خلال استخدامهم لطرق بديلة تستثمر ذكاءاتهم الأكثر القوية ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر يلاحظ أن التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم فى القراءة قد تؤثر هذه الصعوبات على جزء صغير من ذكائهم اللغوي متمثلا في أبعاد القراءة تاركاً جوانب كثيرة من إمكانيات هذا الذكاء دون أن تتضرر, وفي هذه الحالة يمكن استخدام لغة الإشارة كنظام رمزي بديل يساعدهم في التغلب على صعوبات التعلم لديهم ، كما أن الحاسبات الآلية يمكنها مساعدة التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم في الرياضيات , وأما بالنسبة للأطفال الذين لديهم صعوبة في الذكاء الشخصي فيمكن للمرشد الطلابي أو النفسي أن يساعدهم في التغلب على هذه الصعوبة (جابر ,2003 : 174 - 176 ) . وعلى أية حال إن أفضل الأنشطة التعليمية التي تصلح في التدريس لذوى صعوبات التعلم وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة هي تلك الأنشطة الأكثر نجاحاً مع الأطفال العاديين , ولكن الاختلاف بينهما يكون في الطريقة التي تشكل بها الدروس تشكيلاً خاصاً لكي تلائم الحاجات والفروق الفردية لهؤلاء الأطفال ( Dunn , et al , 2001 : 12) . وبمراجعة الأدبيات المتاحة تمكن الباحث من استخلاص بعض الأنشطة التعليمية التي أعدت وفقاً لنظرية الذكاءات المتعددة ويمكن تطبيقها مع ذوى صعوبات التعلم وهى كالآتي : 1-الذكاء اللغوي : تعتمد أنشطة هذا الذكاء على الجانب اللغوي مثل سرد القصص التي تنسج فيها المفاهيم والأفكار والأهداف التعليمية والتسجيل الصوتي على الكاسيت والذي يعتبر وسيلة بديلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر واستخدام المهارات اللغوية في التواصل والاستماع , والاشتراك في المناقشات .

2-الذكاء المنطقي - الرياضي : من أمثلة الجانب المنطقي لهذا الذكاء أن يذكر التلميذ الأشياء التي تندرج تحت حالات المادة الثلاث الغازية والسائلة والصلبة , وأما في الجانب الرياضي فيمكنه استخدام لعبة الأرقام كمثال على الأنشطة الرياضية , أو تحويل تهجئة الكلمات إلى أرقام بحيث يأخذ كل حرف هجائي رقم معين .

3-الذكاء المكاني : تستخدم في أنشطة هذا الذكاء الصور الفوتوغرافية , والرسوم البيانية لتوضيح الفكرة , كما يمكن للطفل أن يستخدم خياله لتحويل موضوع الدرس إلى صور ذهنية للأشياء , ويمكنه أيضاً أن يرسم صورة تعبر عن موضوع الدرس الذي يدرسه, أو يحول الكلمات الجديدة إلى رسومات مثل رسم صورة لكلمة منزل .

4- الذكاء الحركي : وتستخدم فى أنشطة هذا الذكاء أعضاء الجسم المختلفة مثل استخدام الأصابع في العد أو استخدام حركات الجسم لإظهار حركات الحروف في الكلمات مثل القيام للحروف المتحركة والجلوس للحروف الساكنة , أو ترجمة هجاء الكلمات إلى لغة الإشارة , أو التعبير بالإيماءات عن مفاهيم أو ألفاظ محددة من الدرس حيث يقوم التلاميذ بتحويل معلومات الدرس من نظم رمزية لغوية أو منطقية إلى تعبيرات جسمية حركية مثل انقسام الخلية أو طرح الأعداد .

5- الذكاء الموسيقي : تعتمد أنشطة هذا الذكاء على الإيقاع الموسيقي مثل ترديد جدول الضرب في صيغة إيقاعية , أو تهجئة الكلمات على الإيقاع , أو التعبير عن جوهر الدرس بالأناشيد المصاحبة بالموسيقى أو بالإيقاع .

6- الذكاء الاجتماعي : تعتمد أنشطة هذا الذكاء على التفاعل الاجتماعي الإيجابي مع الآخرين مثل مشاركة الأقران في الأنشطة الاجتماعية المختلفة أو عرض ومناقشة موضوع ما , والذي يمكن أن يتم من خلال اشتراك التلميذ مع فرد محدد من زملائه في كل مرة أو بمشاركة أعضاء جدد من الصف , كأن يشترك الطفل مع زملائه في تهجئة الكلمات بحيث يحمل كل تلميذ بطاقة لحرف معين , ويصطف التلاميذ في طابور وفقاً لترتيب حروف الكلمة .

7- الذكاء الشخصي : تعتمد أنشطة هذا الذكاء على إدراك الفرد لذاته , ووعيه بمشاعره وتفكيره ومعتقداته , والتخطيط الصحيح لشئون حياته مثل جعل التلاميذ يعبرون عن أنفسهم داخل حجرة الدراسة , وتقدير مشاعرهم وتقليل النقد الموجه إليهم , بالإضافة إلى مساعدتهم على تحديد أهدافهم سواء كانت قصيرة المدى مثل تحديد التلميذ لثلاثة أشياء يحب أن يتعلمها هذا اليوم , أو تحديد أهداف طويلة المدى مثل تعبير التلميذ عن رؤيته لنفسه بعد عشرين سنة من الآن .

8- ذكاء التعامل مع الطبيعة : تتركز أنشطة هذا الذكاء على استكشاف الأشياء الموجودة في البيئة الطبيعية مثل النباتات والحيوانات والطيور والصخور , ومن أمثلة أنشطة هذا الذكاء قيام التلاميذ بزراعة بعض نباتات الزينة في أحواض صغيرة داخل حجرة الدراسة أو في حديقة المدرسة , وتشجيعهم على تصنيف نباتات الحديقة وفقاً لأنواعها أو ألوان أزهارها, أو وفقا لأجزائها ( الجذر والجذع والساق والأوراق ) , وأيضاً اصطحابهم في زيارة للريف للتعرف على هذه الأشياء في بيئتها الطبيعية ( أنظر : جابر ، 2003 , Susan & Dale , 2004.; Deing , 2004 .; Uhlir , 2003. ; Burman & Evans 2003 . ; Nolen ,2003 .; Cluck & Hess ,2003 . ; Hanley , et al ,2002 .; Herbe , et al, 2002 .; Dunn ,et al,2001 .; Lowe , et al ,2001 .; Karen ,2001.; Snyder ,2000 .; Hubbard & Newell ,1999 . ; Hearne & Stone , 1995

الدراسات السابقة

بمراجعة العديد من الدراسات السابقة ذات الصلة بنظرية الذكاءات المتعددة " لجاردنر" ، وصعوبات التعلم تبين للباحث وجود عدد من الدراسات التي هدفت إلى تحسين مستوى التحصيل الدراسي لدى الأطفال بصفة عامة ولدى ذوى صعوبات التعلم بصفة خاصة من خلال أساليب تدريس منبثقة عن نظرية الذكاءات المتعددة .

ففي الدراسة التي أجراها كل من "هيرن ،وستون" (Hearne & Stone ,1995) والتي كان هدفها التعرف على مدى إمكانية رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى الأطفال ذوى صعوبات التعلم من خلال استراتيجيات تدريس قائمة على نظرية الذكاءات المتعددة أوضحت النتائج أن أساليب التدريس المنبثقة عن هذه النظرية قد أدت إلى تحسن واضح في مستوى التحصيل الدراسي لدى ذوى صعوبات التعلم مقارنة بأساليب التدريس التقليدية وقد بين الباحثان أن السبب في ذلك قد يكون مرده أن طرق التدريس التقليدية تعتمد على القدرات المعرفية فقط ، بينما تعتمد أساليب التدريس المنبثقة عن نظرية الذكاءات المتعددة على القدرات المعرفية وغير المعرفية (الذكاءات المتعددة ) مما يعدد من مصادر استقبال الطفل للمعلومات ، فإذا كان هناك ضعف لدى الطفل في أحد هذه الذكاءات ، فقد تكون لديه ذكاءات أخرى قوية يمكنه الاستفادة منها ، وهذا ما أدى إلى رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى أفراد العينة من ذوى صعوبات التعلم .

أما دراسة كل من "هوبرد ، نيوويل" Hubbard & Newell , 1999 )) فقد سعت إلى تحسين مستوى التحصيل الدراسي في القراءة والكتابة لدى تلاميذ الصفوف الدنيا في المرحلة الابتدائية من خلال برنامج اعتمدت استراتيجيات التدريس فيه على نظرية الذكاءات المتعددة ، وقد توصلت النتائج لوجود فروق دالة إحصائيا بين القياسين القبلي ، والبعدي لصالح القياس البعدي بما يعنى أن مستوى التحصيل الدراسي في القراءة والكتابة قد تحسن لدى أفراد العينة بعد تعرضهم لأنشطة هذا البرنامج مما يبين أن طرق التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة تتمشى مع الفروق الفردية في الذكاءات المختلفة للتلاميذ حيث يستطيع كل تلميذ الاستفادة من الأنشطة التعليمية التي تتوافق مع الذكاء المرتفع لديه .

بينما فحصت دراسة "سنايدر" Snyder , 2000)) العلاقة بين كل من أساليب التدريس التقليدية وغير التقليدية ، ومستوى التحصيل الدراسي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية ، وقد وزع "سنايدر" أفراد عينته على مجموعتين متكافئتين حيث اعتمد في تدريس المجموعة الأولى على أساليب التدريس التقليدية ، بينما اعتمد في تدريس المجموعة الثانية على أساليب أعدت أنشطتها وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة ، وقد أسفرت النتائج عن وجود فروق دالة إحصائياً بين مستوى التحصيل الدراسي في المجموعتين لصالح المجموعة التي اعتمدت أساليب التدريس فيها على نظرية الذكاءات المتعددة بما يعنى أن أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة قد أدت إلى رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى أفراد العينة ، وقد فسر "سنايدر" هذه النتائج بأن أساليب التدريس التقليدية قد ركزت على الفروق في إجراءات التعلم ، أما أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة فقد ركزت على محتوى ونتائج عملية التعلم ، ولعل ذلك ما أدى إلى رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى أفراد المجموعة التي اعتمدت أساليب تدريسها على نظرية الذكاءات المتعددة .

وأما دراسة كارين Karen , 2001 ) ) فقد كانت دراسة حالة Case Study لمعلم قام بتدريس وحدة تعليمية عن الفلك Astronomy في مادة العلوم لتلاميذ الصف التاسع بمدرسة ثانوية حيث اعتمدت أساليب تدريسه على نظرية الذكاءات المتعددة ، وقد أوضحت نتائج هذه الدراسة أن التدريس وفقاً لنظرية الذكاءات المتعددة قد ساعد هذا المعلم على ابتكار أنشطة تعليمية غير تقليدية تتمشى مع ذكاءات التلاميذ المتعددة مما أدى إلى تحسين مستوى تحصيلهم الدراسي في مادة العلوم كما بينت ذلك الفروق في النتائج بين القياسين القبلي والبعدي لمستوى تحصيل التلاميذ

وأيضا هدفت دراسة " لوى ، وزملاؤه" Lowe , et al , 2001 ) ) إلى معرفة مدى فعالية الأنشطة وأساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة فى تحسين مهارات القراءة لدى عينة من الأطفال في عمر ما قبل المدرسة والتي ترجع لقرب عهدهم بتعلم القراءة والكتابة ، وأيضاً لأطفال الصفين الأول والرابع الابتدائي والتي ترجع إما لصعوبات تعلم ، أو لمشكلات صحية ، وقد استخدم " لوى وزملاؤه " في هذه الدراسة عدة استراتيجيات تعليمية قائمة كلها على نظرية الذكاءات المتعددة ، وقد كشفت نتائج القياس البعدي لهذه الدراسة عن وجود تحسن كبير لدى جميع أفراد العينة في مهارات القراءة والكتابة والاستماع مقارنة بنتائج القياس القبلي بما يعنى أن أساليب التدريس المنبثقة عن نظرية الذكاءات المتعددة قد أدت إلى تحسين مهارات القراءة والكتابة لدى جميع أفراد العينة بما في ذلك الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم .

كذلك سعت دراسة " هيرب وزملاؤه "( Herbe , et al ,2002 ) إلى الكشف عن فعالية برنامج أعده الباحثون لتحسين الدافع للقراءة Motivation in reading لدى تلاميذ الصفين الأول والرابع الابتدائي الذين يعانون من صعوبات تعلم في القراءة ، وقد أعد الباحثون أنشطة هذا البرنامج وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة ، ومن أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة أن الأنشطة التعليمية القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة التي استخدمها المعلمون في التدريس اليومي لتلاميذهم داخل حجرة الدراسة قد أدت إلى زيادة الدافع للقراءة لدى أفراد العينة ، وهذا يعنى أن أساليب التدريس التي تستند على نظرية الذكاءات المتعددة لها فعالية كبيرة في رفع مستوى التحصيل الدراسي في القراءة لدى الأطفال ذوى صعوبات التعلم لأن التدريس وفقا لهذه النظرية يجعل المعلم ينوع في طريقة عرضه للمعلومة الواحدة من خلال عدة أنشطة تعليمية .

كما استهدفت دراسة " هانلى ، وزملاؤه " Hanley ,et al , 2002 ) ) التعرف على مدى فاعلية برنامج أعده الباحثون لتحسين مستوى التحصيل الدراسي في مادة الدراسات الاجتماعية social studiesلدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائي الذين ينتمون لأسر ذات مستوى اجتماعي ـ اقتصادي متوسط في المجتمع الأمريكي حيث اعتمد الباحثون في إعداد استراتيجيات التدريس لهذا البرنامج على نظرية الذكاءات المتعددة ، وقد بينت نتائج القياس البعدي لهذه الدراسة أن مستوى التحصيل الدراسي في مادة الدراسات الاجتماعية قد تحسن لدى أفراد العينة بعد تعرضهم لأنشطة هذا البرنامج مما يدل على أن أساليب التدريس والأنشطة التعليمية القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة يمكنها تحسين مستوى التحصيل الدراسي لدى الأطفال .

بينما سعت دراسة كل من " كلوك ، وهيس " Cluck & Hess , 2003 )) لزيادة الدافع للتعلم لدى تلاميذ الصف السادس الإبتدائى في منطقتين ريفية وحضرية بالولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت دافعيتهم نحو التعلم منخفضة ، وقد استخدم الباحثان في هذه الدراسة عدة أنشطة تعليمية تقوم على نظرية الذكاءات المتعددة ، وقد بينت النتائج أن تعدد أساليب التدريس التي استخدمها القائمان بالدراسة كجانب تطبيقي لنظرية الذكاءات المتعددة قد أدت إلى تحسين الدافع للقراءة لدى أفراد العينة في كل من الريف والحضر على حد سواء .

وأما دراسة " نولين " (Nolen , 2003 ) فقد كان هدفها فحص قدرة تلاميذ المرحلة الابتدائية على فهم المقررات الدراسية التي يدرسونها من خلال أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة ، ومن أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة أن أساليب التدريس القائمة على هذه النظرية كانت فعالة في زيادة فهم أفراد عينة الدراسة لمقرراتهم الدراسية مما أدى إلى رفع مستوى تحصيلهم الدراسي ، وقد فسر الباحث هذه النتائج بأن نظرية الذكاءات المتعددة تسمح لكل تلميذ داخل حجرة الدراسة بأن يتعلم بالأسلوب الذي يتوافق مع ذكاءاته المتعددة , ولذلك بين أن هذه النظرية تصلح في التدريس لذوى الاحتياجات الخاصة لأنها تلبى الحاجات والفروق الفردية في قدرتهم على التعلم .

كذلك هدفت دراسة كل من " بورمان، وإيفانز" Evans ,2003) (Burman &إلى تحسين مهارات القراءة لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية من ذوى صعوبات التعلم في القراءة حيث أعد الباحثان إستراتيجية تدريسية تعتمد أساليبها وأنشطتها التعليمية على نظرية الذكاءات المتعددة ، وقد بينت النتائج أن الأساليب والأنشطة التعليمية التي تقوم على نظرية الذكاءات المتعددة قد أدت إلى تحسن ملحوظ في القياس البعدي لمهارات القراءة لدى أفراد العينة مقارنة بالقياس القبلي ، وقد فسر الباحثان هذه النتائج بأن التدريس بالطريقة التقليدية يجعل المعلمون يعتمدون على أساليب تدريس تتمشى مع الذكائين اللغوي والرياضي ، ويهملون ذكاءات أخرى لدى التلاميذ قد تكون مرتفعة لدى بعضهم ويمكنهم الاستفادة منها ، وأما التدريس القائم على نظرية الذكاءات المتعددة فإنه يجعل المعلمين ينوعون من أساليب وأنشطة تدريسهم لكي تتمشى مع الذكاء القوى في الذكاءات المتعددة لدى جميع التلاميذ بحيث يستفيد كل تلميذ من الذكاء المرتفع لديه ، ولذلك أدت هذه الطريقة إلى تحسن دال في مهارات القراءة لدى أفراد العينة .

وحاولت دراسة " أولير" Uhlir , 2003 ) ) التعرف على مدى فاعلية برنامج أعده الباحث لتحسين مستوى التحصيل الدراسي في القراءة لدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائي ، وقد اعتمد الباحث في إعداد أنشطة تدريسه على نظرية الذكاءات المتعددة ، وبمقارنة نتائج القياس القبلي بالقياس البعدي أسفرت المقارنة عن وجود تحسن ملحوظ ودال في مستوى التحصيل الدراسي في القراءة لدى أفراد العينة بعد تعرضهم لأنشطة البرنامج بما يعنى أن أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة قد تمكنت من رفع مستوى التحصيل الدراسي في القراءة لدى أفراد العينة . وأيضا سعت دراسة كل من "سوزان ، ودال"Susan & Dale , 2004) ) إلى دراسة العلاقة بين الذكاءات المتعددة والتحصيل الدراسي في القراءة لدى عينة مكونة من ( 288 ) تلميذاً ممن يدرسون بالصف الرابع الإبتدائى طبق عليهم الباحثان قائمة تيل للذكاءات المتعددةIntelligences Multiple Inventory of Teele واختبار آخر للتحصيل الدراسي في القراءة ، ومن أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة وجود علاقة ارتباطيه دالة إحصائياً بين الذكاءات المتعددة ومستوى التحصيل الدراسي في القراءة لدى أفراد العينة .

تعقيب على الدراسات السابقة رغم اختلاف الدراسات السابقة في أهدافها وتوجهاتها ، إلا أن الباحث الحالي يمكنه أن يستخلص منها ما يلي : 1- سعت بعض الدراسات للتعرف على طبيعة العلاقة بين أساليب التدريس المستمدة من نظرية الذكاءات المتعددة ، ومستوى التحصيل الدراسي لدى الأطفال بصفة عامة (Snyder , 2000 . ; Susan & Daale , 2004 ) ، ولدى ذوى صعوبات التعلم بصفة خاصة ( Hearn & Stone , 1995 .; Lowe ,et al , 2001 )

. 2-هناك أيضاً بعض الدراسات التي أعدت برامج تقوم أساليبها ، وأنشـطتها التعليمية على نظرية الذكاءات المتعددة حيث كان الهدف منها إما تحسـين الدافع للتعلم بصفة عامة Hess , 2003 )& ( Cluck ، وللقراءة بصفة خاصة ( Herbe ,et al ,2002) أو لتنمية مهارات القراءة والكتابة Burman & Evans ,2003)) , أو لرفع مستوى التحصيل الدراسي في مواد أخرى مثل العلوم Karen , 2001 )) ، والدراسات الاجتماعية ( Hanley ,et al,2002) ، أو في القراءة والكتابة بصفة عامة (Hubbard & Newell ,1999.;Lowe ,et al,2001.,Uhlir ,2003 .;Susan & Dale , 2004)

3-أن جميع الدراسات التي قامت أساليب تدريسها وأنشطتها التعليمية على نظرية الذكاءات المتعددة قد أسفرت نتائجها عن تحسن واضح في مستوى التحصيل الدراسي لدى أفراد عيناتها والذي اتضح في الفروق الدالة بين القياسين القبلي والبعدي لصالح القياس البعدي .

4- اتفقت نتائج جميع الدراسات السابقة على أن أساليب التدريس المنبثقة عن نظرية الذكاءات المتعددة قد أدت إلي تحسن دال في مستوى التحصيل الدراسي للمواد المختلفة أفضل من نتائج أساليب التدريس التقليدية سواء كان ذلك لدى الأفراد العاديين أو ذوى صعوبات التعلم ، ولعل ذلك يرجع لكون أساليب التدريس التقليدية تركز على الفروق في إجراءات التعلم ، بينما تركز أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة على المحتوى ونتائج عملية التعلم Snyder , 2000 ) ) .

وفضلا عما سبق فإن أساليب التدريس القائمة على هذه النظرية تسمح لكل تلميذ داخل حجرة الدراسة بأن يتعلم من الأنشطة التعليمية التي تتوافق مع الذكاء المرتفع لديه من ذكاءاته المتعددة Nolen , 2003 ) ) ، ولذلك نجد أن التدريس بالطريقة التقليدية يجعل المعلمين يعتمدون على أساليب تدريس خاصة بالقدرات المعرفية المتعلقة بالجانب اللغوي ، والرياضي ، بينما يهملون ذكاءات أخرى قد يكون أحدها أو بعضها مرتفع لدى ذوى صعوبات التعلم عن مثيلاتها في ذكاءات الأطفال العاديين ، وأما أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة فإنها تجعل المعلمين ينوعون في المواقف والأنشطة التعليمية التي يستخدمونها للوحدة الدراسية الواحدة مما يتيح الفرصة لكل تلميذ داخل غرفة الصف لكي يستفيد من النشاط الذي يناسبه Burman & Evans , 2003)) .

الخلاصة يستخلص الباحث من هذا العرض أن النظريات التقليدية للذكاء الإنساني لم تقدم سوى وصف لذكاء قابل للتطبيق بشكل واحد على جميع الناس حيث إنها تركز بشكل كبيرعلى جوانب النمو اللغوي والرياضي - المنطقي للذكاء ، وتهمل الجوانب الأدبية والفنية ، كما أنها لم تهتم بالعلاقات الاجتماعية للطفل بالشكل اللازم ، ولذلك نجد أن تصورها للذكاء يدور في مجمله على التصور الأكاديمي الذي يحتل مكانة متميزة داخل النظام الدراسي الحالي ، كما ربطت اختباراتها ذكاء الأطفال بمدى قدرتهم وسرعتهم على الإجابة عن أسئلة ومسائل تعتمد على تقنيات لغوية ومنطقية ، وهذا يعنى أنها لم تهتم سوى بالذكاء المعرفي ، وأهملت طاقات عقلية أخرى مثل تلك التي تتعلق بالفن والمحاماة والرياضة ( الفقيهى ،2003 :74 -75 ) . أما نظرية الذكاءات المتعددة فقد ركزت على القدرات المختلفة لدى الإنسان التي ترى أنها ذكاءات لديه ، ولذلك فإنها جعلت المعلمين الذين يستخدمونها ينوعون فى أساليب التدريس والأنشطة التعليمية التي يستخدمونها مع التلاميذ داخل حجرة الدراسة حيث يتيح ذلك لكل تلميذ أن يتعلم من النشاط الذي يتوافق مع ذكاءاته المرتفعة ، ولعل ذلك يتفق مع ما توصل إليه كل من " هيرن, وستون "(Hearne & Stone , 1995 , p:412) في نتائج دراستهما التي أوضحت أن التدريس للأطفال ذوى صعوبات التعلم وفقا لهذه النظرية يلبى الحاجات والفروق الفردية في تعليمهم الأكاديمي . ونظراً لأن أساليب التدريس التقليدية لذوى صعوبات التعلم تركز على جوانب ضعفهم , لذلك يرى الباحث الحالي أن الإستراتيجية المناسبة في التدريس لأفراد هذه الفئة يجب أن تركز على جوانب القوة لديهم متمثلة في ذكاءاتهم المرتفعة ـ وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة ـ وأن تعتمد أساليبها التدريسية على الأنشطة السابق ذكرها في التطبيقات التربوية لنظرية الذكاءات المتعددة في مجال صعوبات التعلم , بالإضافة إلى تركيزها على جوانب ضعفهم التي تعتمد عليها أساليب التدريس التقليدية . التوصيات

التوصيات على ضوء ما ورد في الإطار النظري والدراسات السابقة لهذه الدراسة يوصى الباحث بما يلي : 1-أن يتم تعديل برامج التربية الخاصة لذوى صعوبات التعلم بحيث تعتمد أساليب تدريسهم على إستغلال جوانب القوة في ذكاءاتهم المختلفة وفقا لنظرية الذكاءات المتعددة لأن البرامج الحالية تعتمد على تنمية جوانب ضعفهم فقط وتتجاهل جوانب القوة لديهم والتي يمكن الاستفادة منها في دراستهم الأكاديمية . 2-أن يقوم المعلمين بتنويع الأنشطة التعليمية داخل حجرة الدراسة للوحدة الدراسية الواحدة بما يتناسب مع الذكاءات المتعددة للتلاميذ لكي يتمكن كل تلميذ من الاستفادة من النشاط الذي يوافق ذكاءاته . 3- أن يتم تعميم استراتيجيات التدريس القائمة على نظرية الذكاءات في التدريس لفئات الإعاقات الأخرى . 4-أن يعتمد تقييم ذوى صعوبات التعلم على طرق وأساليب متعددة الأبعاد بحيث تغطى كل الجوانب لدى الفرد الواحد . 5- أن تحتوى أساليب` التدريس على أنشطة تنمى القدرات والمواهب الخاصة التي قد توجد لدى البعض من ذوى صعوبات التعلم .

المراجـع o أبونيان ، إبراهيم سعد ( 2001 ). صعوبات التعلم، طرق التدريس والاستراتيجيات المعرفية ، الرياض ، أكاديمية التربية الخاصة. o الشيخ , محمد عبد الرؤوف ( 1999 ) .مستويات الذكاء اللغوي لدى طلاب دولة الإمارات العربية المتحدة واقتراح برنامج لتنمية الذكاء اللغوي لديهم, القاهر , مجلة كلية التربية جامعة الأزهر , العدد (86 ) . o الفقيهى ,عبد الواحد أولاد (2003 ). نظرية الذكاءات المتعددة من التأسيس العلمي إلى التوظيف البيداغوجى , المغرب , مجلة علوم التربية , المجلد الثالث , العدد الرابع والعشرون . o القبالى، يحيى (2003 ). مدخل إلى صعوبات التعلم ، عمان، دار الخليج للنشر والتوزيع. o المفتى ،محمد أمين (2004 ). الذكاءات المتعددة : النظرية والتطبيق ، المؤتمر العلمي السادس عشر ، لتكوين المعلم ، المجلد الأول ، القاهرة ، الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس . o الوقفى ، راضى ( 2003 ). صعوبات التعلم النظري والتطبيقي ، عمان ، منشورات كلية الأميرة ثروت 0 o جابر ، جابر عبد الحميد (2003 ). الذكاءات المتعددة والفهم : تنمية وتعميق ، القاهرة ، دار الفكر العربي . o سيد ، إمام مصطفى (2001 ). مدى فاعلية تقييم الأداء باستخدام أنشطة الذكاءات المتعددة لجاردنر في اكتشاف الموهوبين من تلاميذ المرحلة الابتدائية ، مجلة كلية التربية بأسيوط ، المجلد السابع عشر ، العدد الأول . o واينبرنر ، سوزان ، ترجمة : السرطاوى ، عبدالعزيز ؛ أيوب ،عبدالعزيز ؛ كلخ ، محمد (2002 ). تدريس الأطفال ذوى صعوبات التعلم في الصفوف العادية ، دبي ، دار القلم . o كوافحة ،تيسير مفلح (2003). صعوبات التعلم والخطة العلاجية المقترحة ،عمان ،دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة . o Burman , T . & Evans , D. ( 2003) .improving reading skills through multiple intelligences and parental involvement . http://search.epnet. Com /logi . aspx? direct = true & db = eric & an = ED478515 . o Cluck , M .& Hess , D .(2003) . improving student motivation through the use of the multiple intelligences . http://search. Epent . com /login. Aspx? direct = true & db = eric & an = ED479864 . o Deing , S . ( 2004 ) : multiple intelligences and learning styles : two complementary dimesions .Teachers College Record , 106 ,1 , pp : 16-23. o Dunn , R.,Deing .,S.,& Lovelace , M.( 2001 ): multiple intelligences and learning styles : two sides of the same coin or different strokes for different folks . teacher librarian : The Journal for School Library Professional , 28 ,3 ,pp : 9-15 . o Gardner , H .(1993) . multiple intelligences : the theory into practice . New York : Basic Books . o Hanley , C . ; Hermix, C. ; Lagioia-Peddy , J .& Levine , A .(2002) .improving student interest and achievement in social studies using a multiple intelligences approach . http://search. Epent. Com /login. Aspx? direct = true & db = eric & an = ED465696 . o Hearne , D.& Stone ,S .(1995). Multiple intelligences and underachievement : lessons from individuals with learning disabilities . Journal of Learning Disabilities , 28 , 7 : 410 - 439 . o Herbe , R . ; Thielenhouse , M . & Wykert , T .(2002) . improving student motivation in reading through use of multiple intelligences , http://search . epent. Com /login. Aspx? direct = true & db = eric & an = ED471576. o Hubbard , T. & Newell , M .(1999) . improving academic achievement in reading and writing in primary grades . http://search . epent . com /login . aspx? direct = true & db = eric & an = ED438518 . o Karen , G. (2001). Multiple intelligences theory : A framework for personalizing science curricula . Journal of School Science and Mathematics ,101 ,4:3-14. o Kirk , S. & Gallagher , J. (1986). educating exceptional children.5th ed . Houghton Mifflin , Co . Boston ,USA . o Lowe , K .; Nelson , A .; Donnell , K .& Walker , M ( 2001 ) : improving reading skills . http ://search .epent .com/login.aspx?Direct = true&db = eric&an = ED456414. Nolen , J .(2003 ) : multiple intelligences in classroom. Journal of Education ,124,1, pp115-119. o Nelson, K. (1998). Developing students' multiple intelligences. New York :holastic. o Nicholas , M .(2000 ) : the theory of multiple intelligences : A case of missing cognitive matter . Australian Journal of Education , 44 ,3 , pp: 272-284 . o Poplin, M. S. (1993). Multiple intelligences and the learning disabled. Unpublished manuscript, The Claremont Graduate School, Claremont, CA. o Snyder , R .(2000 ) : The relationship between learning styles multiple Intelligences and academic achievement of high school student . High School Journal , 83 ,2 ,pp : 11-21 . o Stolowitz ,M . (1995 ) . how to achieve academic and creative success in spite of the inflexible , unresponsive higher education system . Journal of Learning Disabilities , 28 4-6 . o Susan , D . & Dale , S . ( 2004 ) : multiple intelligences and reading achievement : an examination of the Teele inventory of multiple intelligences . Journal of Experimental Education ,73 , 1 ,pp12-41 . o Uhiler , P .(2003 ) : improving student academic reading achievement through the use of multiple intelligences teaching strategies . http ://search .epent . com/login.aspx? direct =true&db=eric&an=ED479914. o Weinstein , J .( 1994 ). Growing up learning disabled . Journal of Learning Disabilities, 27 ,pp : 142-143 .

الموضوعات المميزة
موضوعات أخري
علامات البحث
لا توجد علامات بعد.
من نحن
bottom of page